حذر معهد "ستيمسون" الأميركي، من أن محور المقاومة، الذي تقوده إيران، ما يزال يشكل خطراً، رغم أنه أصبح أكثر ضعفاً، معللاً ذلك بأن الانسحاب المقرر للقوات الأميركية من العراق، يتيح فرصة إستراتيجية أمام الإيرانيين وحلفائهم من القوى العراقية، لتعزيز نفوذهم والتعويض عن فقدانهم لسوريا.
وأضاف عن إن إيران دخلت إلى العام 2025، بشبكة متضررة بدرجة كبيرة كانت مؤلفة من حلفاء دوليين وغير دوليين، كانت قد بنتها بصعوبة طوال نصف قرن، وهي ممتدة من لبنان إلى اليمن ومن غزة إلى العراق.
واعتبر أن هدف إيران من هذه الشبكة لا يقتصر على فرض نفوذها، وإنما أيضاً لردع أعدائها الرئيسيين، أي الولايات المتحدة وإسرائيل، إلا أن الأحداث التي بدأت بهجوم حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ارتدت بشكل كارثي، حيث تم القضاء على شخصيات رئيسية وهياكل داخل هذا التحالف.
وبعدما لفت إلى أن النظام السوري كان أقدم عضو في ما يسمى "محور المقاومة" وكان ركيزة إستراتيجية إقليمية أساسية لإيران، أشار إلى أنه بعد سقوطه "تلاشت مليارات الدولارات من الاستثمارات الإيرانية بين ليلة وضحاها، وخسرت إيران بوابتها الأساسية إلى العالم العربي"، بما في ذلك دعم حزب الله اللبناني الذي وصفه بأنه "أقوى الجهات غير الحكومية في محور المقاومة".
وأوضح أن "خسارة سوريا كحليف إستراتيجي تشكل ضربة قاسية لمحور المقاومة، لأنه بدون سوريا كحلقة وصل برية، فإن المحور يواجه تحديات لوجستية وإستراتيجية كبيرة تهدد تماسكه وفعاليته"، إلى جانب أن سقوط النظام السوري يمثل تهديداً أيضاً لوضع حزب الله في لبنان.
وأشار إلى أن وقوع سوريا تحت سيطرة جماعة سنية متطرفة، قد يثير احتمال اندلاع تمرد سني ضد حزب الله في لبنان.
وتابع، أن حزب الله عانى من خسائر كارثية في الحرب مع إسرائيل، وأن إعادة بناء الحزب بالنسبة لإيران، تمثل أولوية ملحة، إلا أنه من غير الواضح كيف يمكن لإيران تحقيق ذلك من دون سوريا كقناة عبور.
ولفت إلى أنه بعد هجمات إسرائيل على حماس وقطاع غزة التي تسببت بمقتل القادة الكبار في الحركة ومقتل نحو 50 ألف شخص وإلحاق دمار كبير بالمدينة، فإن حماس ما تزال تحتفظ بشيء من السيطرة، وطريقها نحو التعافي وإعادة البناء كعضو فعال في "محور المقاومة" سيكون طويلاً وشاقاً.
وذكر أنه برغم هذه الضربات القاسية، فإن "محور المقاومة" ما يزال يحتفظ ببعض القوة، حيث أن إيران والميليشيات المدعومة منها مثل الحشد الشعبي، تتمتع بنفوذ كبير في العراق.
وبين أنه برغم أن الحشد الشعبي لم ينفذ تهديداته بالتدخل في سوريا لمحاربة "هيئة تحرير الشام" ودعم نظام الأسد، إلا أن التقرير أوضح أن الميليشيات العراقية أثبتت استمرار قدرتها العسكرية وولائها العقائدي والسياسي لإيران.
وتابع أن إعلان الولايات المتحدة والعراق خلال العام 2024 حول انسحاب إضافي للقوات الأميركية من العراق، من شأنه أن يسمح لإيران وحلفائها من العراقيين، فرصة إستراتيجية لتعزيز نفوذهم ومحاولة تعويض الخسائر في سوريا.
ونوه إلى أنه على غرار احتمال وقوع تمرد سني في لبنان، فإن الحكم الجديد لـ"هيئة تحرير الشام" في سوريا، قد يتسبب بإلهام انتفاضة سنية في العراق أيضاً، حيث أن العديد من قادة الهيئة كانوا سابقاً في تنظيمي داعش والقاعدة، ويتمتعون بخبرة عميقة واتصالات في المنطقة، مشيراً إلى أنه في حال وقوع تمرد سني في العراق، فان ذلك قد يؤدي إلى تقويض النفوذ الشيعي والإيراني في العراق.
أما العضو الوحيد في "المحور" الذي يتنامى منذ العام 2023، فإن التقرير يقول، إنهم جماعة الحوثيين في اليمن، حيث أن هجماتهم المستمرة على الملاحة البحرية في البحر الأحمر وعجز التحالف البحري، المدعوم من الأميركيين، عن احتواء هذا التهديد، يؤكد على تزايد قوتهم.
وأضاف، أن الهجمات الصاروخية المستمرة من جانب الحوثيين على إسرائيل، بما في ذلك الضربات الناجحة على تل أبيب، تؤكد على تقدمهم السريع كذراع جديد لإيران.
إلا أنه أكد أن "محور المقاومة لم يعد يعمل بفعالية كأداة لتحقيق الطموحات الإقليمية لإيران أو كرادع إستراتيجي رئيسي"، مشيراً إلى أن "الضربات الجوية الإسرائيلية على إيران، يبدو أنها أضعفت قدرات الدفاع الجوي الإيراني، وجعلت إيران أكثر انكشافاً، في ظل استمرار الأزمات الاقتصادية الإيرانية، وهو ما يخلق واقعاً يعكس تحدياً إستراتيجيا عميقا لإيران".
وبرغم ذلك، أشار إلى قلق متزايد من أن إيران في حال كانت ضعيفة ومهددة، قد لا ترى خياراً أمامها سوى "تسليح" برنامجها النووي"، موضحاً أنه "رغم الضعف الذي أصاب محور المقاومة بدرجة كبيرة، إلا أنه ما يزال يشكل خطراً كبيراً على المصالح الأميركية في الشرق الأوسط وعلى استقرار المنطقة بأكملها، حيث أن وجود نظام إيراني هش يحاول البقاء، قد يصبح مصدراً أكبر لعدم الاستقرار".