"حزب الله" يريد رئيساً للجمهورية "يُقرّ ويحترم ويعترف بدور المقاومة في حماية السيادة الوطنية"، ويقرّ ويعترف بفضله في ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل وبأهمية سلاحه في "حماية الثروة النفطية"... ومَن أفضل من جبران باسيل بعد ميشال عون في تجسيد هذه المواصفات المطلوبة في شخص أي مرشح رئاسي ينال رضى "حارة حريك"؟ ولأن باسيل كذلك، سبق فضل "حزب الله" عليه بأن "نفخ حجم" تكتله في الاستحقاق النيابي بثمانية نواب كما جاهر الوزير السابق وئام وهاب، واليوم يواصل رئيس "التيار الوطني الحر" دغدغة "حزب الله" من قبضة سلاحه، لعلّ وعسى تسمح الظروف بأن "نغيّر رأينا" في مسألة الترشحّ للاستحقاق الرئاسي كما ألمح في ذكرى 13 تشرين، من دون أن يفوّت المناسبة ليغازل "السيد حسن الذي ثبّت معادلة لا غاز من كاريش من دون غاز من قانا" ويتغزّل بـ"قوة المقاومة وصواريخها ومسيّراتها" في تحقيق "انتصار الحدود البحرية".
وفي خضمّ مشهد تعطيل الانتخابات الرئاسية والتنكيل بالمهل الدستورية، وجدت قوى الثامن من آذار ضالتها في الدعوة إلى عشاء حواري في مقر السفارة السويسرية غداً "لتدسّ السم" في أطباقه وتسخّره في خدمة أجندة "تفخيخ" الاستحقاق الرئاسي و"تفكيك" اتفاق الطائف، الأمر الذي سرعان ما تنبّه له بعض القوى المعارضة المدعوة، فاحترقت "طبخة" العشاء السويسري باكراً تحت وطأة توالي الاعتذارات عن عدم المشاركة فيه.
وبينما سعت أوساط الجهات الداعية والداعمة للعشاء إلى التأكيد على كونه «لا يرتقي إلى مستوى الحوار الوطني إنما يفترض أن يشهد جلسة عصف حواري في الشأن السياسي اللبناني وأبعاده المستقبلية، مع حرص سويسري على إبقاء النقاش تحت سقف الطائف»، لم تتردد أطراف السلطة باقتناص الفرصة ومحاولة استخدام عشاء السفارة السويسرية كمطية حوارية لـ»حرف الأنظار عن أولوية الاستحقاق الرئاسي»، كما أكدت مصادر «القوات اللبنانية» لـ»نداء الوطن»، موضحةّ أن توجيه الدعوة أتى تحت عنوان «المناسبة الاجتماعية»، لكن بعدما تبيّن أنّ الأمور أخذت طابع «المناسبة السياسية» تقرر عدم المشاركة في العشاء «إيماناً بأنّ الأولوية الآن هي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في حين أنّ الأطراف المدعوة من الجانب الآخر معروف موقفها مسبقاً في تعطيل الاستحقاق الرئاسي ولذلك كان لا بد من رفض أي محاولة لحرف الأنظار عن أهمية وأولوية هذا الاستحقاق تحت أي عنوان من العناوين».
ولاحقاً، أعلنت الدائرة الإعلامية في «القوات اللبنانية» أنه بعدما تحوّلت مقاربة لقاء العشاء في السفارة السويسرية من مناسبة «محض اجتماعية» إلى «طاولة حوار يتمّ التحضير لها داخل البلاد أو خارجها في هذا الظرف بالذات، طلبت «القوات» من النائب ملحم رياشي الاعتذار عن عدم المشاركة في هذا العشاء»، وأضافت: «البلاد بحاجة إلى انتخابات رئاسية تعيد الاعتبار لدور المؤسسات الدستورية تحت سقف الدستور وتعيد تصحيح الانقلاب على اتفاق الطائف وليس الى حوارات عقيمة لا تؤدي الى أي نتيجة»، مع التشديد على وجوب ألا يأتي أي حوار «من أجل القفز فوق استحقاق بأهمية الاستحقاق الرئاسي»، وعلى ضرورة أن يسبقه «ورقة عمل تلتزم بالدستور واتفاق الطائف والمرجعيات الدولية والعربية والثوابت اللبنانية ليجري الحوار على أساسها».
وتزامنا، برز كلام للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في افتتاح الدورة الجديدة لمجلس الشورى السعودي جاء فيه: «وفي لبنان فنؤكد ضرورة تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية هيكلية شاملة تقود إلى تجاوز أزمته، وأهمية بسط سلطة حكومته على جميع الأراضي اللبنانية لضبط أمنه والتصدي لعمليات تهريب المخدرات والأنشطة الإرهابية التي تنطلق منها مهددة لأمن المنطقة واستقرارها».
وبرزت تغريدة للسفير السعودي وليد بخاري مساءً عبر «تويتر» أكد فيها أنّ «وثيقة الوفاق الوطني عقد مُلزم لإرساء ركائز الكيان اللبناني التعددي، والبديل عنها لن يكون ميثاقًا آخر بل انفكاك لعقد العيش المشترك، وزوال الوطن الموحَّد واستبدالهُ بكيانات لا تُشبه لبنان الرسالة». ويزور بخاري اليوم بعبدا وعين التينة.
أما على ضفة كتلة «النواب التغييريين» فتردد أمس أنّ مسألة تأكيد النائب ابراهيم منيمنة مشاركته في العشاء السويسري خلفت بعض البلبلة في صفوف كتلته لا سيما في ضوء عدم موافقة عدد من زملائه في الكتلة على هذه المشاركة، انطلاقاً من مبدأ رفض «الحوارات في السفارات والالتزام بوجوب حصر أي حوار وطني تحت سقف المؤسسة التشريعية»، الأمر الذي بات يحتم على منيمنة إعادة تقديم اعتذاره عن تلبية دعوة السفارة السويسرية، تماشياً مع رأي أغلبية زملائه «التغييريين».
نداء الوطن