على مسافة تسعة أيام من نهاية المهلة الدستورية، لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وبعد ثلاث دورات انتخابية للبرلمان لم تفض الى إنتاج رئيس جديد، وبانتظار الدورة الرابعة بعد غد الاثنين في 24 الجاري، حيث يتوقع جميع المهتمين والمراقبين أن تكون نتيجتها كسابقاتها بلا أي نتيجة، وقد يرى اللبنانيون في الربع الساعة الأخير رئيسا لجمهوريتهم المتعبة أو قد يهبط عليهم مَن لم يكن يتوقعون أن يكون رئيسهم، أو جرى التداول باسمه حتى، وقد أوردنا سابقا كيف ان شخصا ما نام رئيسا للجمهورية، أو ان ترشيحه ثابت للرئاسة اسم بديل حلّ مكانه، لأن «الوحي» الخارجي سقط عليه.
بأي حال، فقد أثبتت الوقائع الرئاسية انتخابيا منذ عام 2007، كأن البلد يحتاج الى وصاية دائمة حتى لا يقع في شغور رئاسي أو في ظل حكومات تصريف أعمال بانتظار ولادة أخرى، حيث ذهب نحو ثلث عهد الرئيس ميشال سليمان في ظل حكومات تصريف أعمال أو انتظار ولادة حكومية، ليعقب عهده شغور رئاسي استمر من 25 أيار 2014 حتى 31 تشرين الأول 2016، بانتخاب الرئيس العماد ميشال عون الذي شهد عهده أمراً غير مسبوق لم تشهده جميع العهود الرئاسية الــ 12 التي عرفها لبنان منذ الاستقلال في العام 1943 وحتى اليوم، وهي أن نحو نصف أيامه كانت أيام تعطيل في ظل وجود حكومات تصريف الأعمال وانتظار الولادات الحكومية.
أزمات وأزمات
علما، بأن البلد منذ 17 تشرين الأول 2019 يعاني أزمات متعددة سياسيا واقتصاديا ومعيشيا وماليا غير مسبوقة بالإضافة الى ارتفاع المديونية العامة وعجز الخزينة، وتدهورت خلالها حياة اللبنانيين وصاروا أكثريتهم دون خط الفقر.
في غضون ذلك، يستمر تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية الذي يقترب من 41 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد، ومعها يستمر تدهور حياة اللبنانيين، منذ نهاية العام 2019 وبدء ارتفاع سعر صرف الدولار والعملات الأجنبية مقابل الليرة اللبنانية وانهيار القدرة الشرائية لدى اللّبنانيين، وبهذا شهد لبنان ارتفاعاً كبيراً ومتواصلاً في نسبة غلاء المعيشة وصلت منذ بداية العام 2020 وحتى نهاية شهر آب 2022 إلى 272%، وفقاً للبيانات الصّادرة عن إدارة الإحصاء المركزي.
غير أن بعض الخبراء واللبنانيين العاديين وفق «الدولية للمعلومات» لاحظوا أن ارتفاع الأسعار قد تجاوز النسبة الرسمية المعلنة، وربما تعدّى الـ 500%، إذ ارتفعت أسعار السلع المستوردة بنسبة تجاوزت ارتفاع سعر صرف الدولار، كذلك الأمر مع السلع المنتجة محلياً. لذا قد تكون نسبة ارتفاع المعيشة المتمثلة بـِ 272%، غير دقيقة وتحتاج إلى إعادة نظر، في ظل الارتفاع اليومي المتواصل للأسعار بحيث بات سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان يفوق الحد الأدنى للأجور بنحو مئة ليرة، وسعر قارورة الغاز يقترب من 500 ألف ليرة لبنانية، وأمس سجل سعر المحروقات ارتفاعا إضافيا، وسجلت الآتي:
البنزين 95 أوكتان: 757000 ليرة
البنزين 98 أوكتان: 774000 ليرة
المازوت: 916000 ليرة
الغاز: 450000 ليرة
في غضون ذلك، مع انهيار سعر صرف الليرة وارتفاع الأسعار، ارتفعت تلقائياً كلفة معيشة المواطنين اللبنانيين. وحسب «الدولية للمعلومات» في دراسة أجرتها حول الكلفة الأدنى لمعيشة أسرة لبنانية مؤلفة من 4 أفراد مع الأخذ بعين الاعتبار الفروقات بين السكن في القرية أو المدينة، وبين التملّك والاستئجار. وخلصت الدراسة إلى أن كلفة المعيشة تتراوح بين 20 و26 مليون ليرة شهرياً بالحدّ الأدنى، وبمتوسط 23 مليون ليرة شهرياً.