أوّل حكومة بلا ثلث معطّل لحزب الله منذ 2008

بقوة دفع أميركية، وُلِدت حكومة نواف سلام في لبنان، بعد تنازل "الثنائي الشيعي" عن الوزير الشيعي الخامس لمصلحة رئيس الحكومة، وبالتالي تشكلت الحكومة الأولى منذ عام 2008 من دون احتوائها على الثلث المعطل لمصلحة "حزب الله"، ليدخل البلد في مرحلة جديدة عنوانها الرئيسي الإصلاح الاقتصادي واستعادة العلاقات العربية والدولية للبنان، واستكمال تطبيق اتفاق وقف النار في الجنوب بكل بنوده ومندرجاته. وبعد اجتماع قصير في قصر بعبدا الرئاسي، جمع رئيس الجمهورية جوزاف عون وسلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وقَّع عون مع سلام مرسوم تشكيل حكومة من 24 وزيراً.

وفي كلمة مقتضبة، أكد سلام أن "الإصلاح هو الطريق الوحيد للإنقاذ وتأمين الأمن والاستقرار في لبنان عبر استكمال تطبيق الـ1701". ومنحت الأحزاب 11 وزارة، بينما تولى الوزارات المتبقية وزراء مستقلون سماهم عون وسلام، من بينهم الوزير الشيعي الخامس من الحصة الشيعية، وهو فادي مكي الذي سماه سلام.

وحصل حزب "القوات اللبنانية" على أكبر عدد من الوزارات، حيث سيشغل وزارات الخارجية والطاقة والصناعة والمهجرين، يليه "الثنائي الشيعي" الذي حصل مجتمعاً على 4 وزارات، وزارتي المالية والبيئة لحركة أمل، والصحة والعمل لوزيرين وافق عليهما حزب الله، بينما حصل الحزب الاشتراكي على وزارتي الزراعة والأشغال و"الكتائب اللبنانية" على "العدل"، في حين أبعد "التيار الوطني الحر" عن الحكومة رغم تسميته سلام، في خطوة وصفها زعيمه جبران باسيل بأنها "تحالف رباعي جديد".

وساهم بولادة الحكومة الموقف التصعيدي الذي أطلقته الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس من بيروت، حول ضرورة عدم مشاركة حزب الله بالحكومة، إذ أصبح الحزب بحاجة أكثر إلى تشكيل الحكومة وفق الصيغة التي عمل عليها سلام مع التنازل عن الوزير الخامس. كما أن الوزيرين اللذين وافق عليهما حزب الله بناء على اقتراح الرئيس المكلف، وهما يعملان في الجامعة الأميركية، بُلِّغا برسائل واضحة من جهات معنية بعملهما، هذه الرسائل كانت واضحة بأنه ليس بإمكانهما تعيين مستشاريهما أو أعضاء فريقي عملهما من المحسوبين على حزب الله، لأن ذلك سيؤثر على عملهما بالجامعة. وفور انتهاء معركة تشكيل الحكومة، اتجهت الأنظار إلى معركة البيان الوزاري، وسط إصرار داخلي وخارجي على عدم ذكر مسألة المقاومة وعلى اعتماد ما ورد في خطاب القسم وفي الدستور اللبناني لجهة الدفاع عن لبنان وحصره في الدولة ما يعني "تطويق حزب الله" سياسياً ومعنوياً. وبعد قليل من إعلان الحكومة، رحبت السفارة الأميركية في بيروت بتشكيل الحكومة وحثت على "صياغة بيان وزاري يساعد لبنان على تجاوز الأزمة ورسم مسار نحو تحقيق هذه الأهداف".

وستكون الحكومة أمام موجة جديدة من الضغوط ترتبط بملفات كثيرة، أبرزها عسكرياً في جنوب الليطاني، وفي الشمال أيضاً، حيث رد الجيش اللبناني أمس على مصادر نيران أطلقت من سورية، من دون إغفال الملفات السياسية أو القرارات الداخلية الأخرى، وجميعها ستكون عناصر ضاغطة على حزب الله لا سيما بملف إعادة الإعمار، وهو الملف الذي سيكون مرتبطاً بقرارات قاسية على مستوى المؤسسات والإدارة وحتى السلاح. لكنها عملياً حكومة بتوازنات جديدة ومعايير سياسية مختلفة أرادها رئيسها أن تخرج من كل السياقات السابقة، نحو مرحلة جديدة لا تخلو من التحديات والمخاطر.

يقرأون الآن