مقالات آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

خاص "وردنا" - طهران تقتحم مشهد "السّلاح": أين واشنطن؟

إلى من يوجّه عباس عراقجي رسائله؟ وهل لواشنطن وجود في المشهد؟ 

خاص

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (روينرز)

أطلّ وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في مشهدٍ بدا وكأنه مشهد خارج السياق اللبناني، بتصريحٍ أثار أكثر من علامة استفهام. فهل كان عراقجي يخاطب اللبنانيين؟ أم أنّ رسالته أبعد من ذلك؟.

مصدر دبلوماسي غربي كشف لـ"وردنا"، أنّ كلام عراقجي لم يكن موجهاً للداخل اللبناني، بل جاء برسالة مباشرة إلى الولايات المتحدة. الرسالة مفادها: ملف "حزب الله" لا يُناقش في بيروت، بل في طهران.

من يتولّى إدارته فعليًا ليس عراقجي نفسه، بل مساعد وزير الخارجية محمد رضا شيباني، الذي أشرف مؤخرًا على صياغة البيان "الناري" الذي أصدره "حزب الله" تعليقًا على جلسة الحكومة اللبنانية الأخيرة، وذلك بحسب المصدر. 

مساعد وزير الخارجية محمد رضا شيباني (مواقع)


في الخلفية، نرى صورة أكثر عمقاً: المفاوضات الأميركية - الإيرانية ما زالت معطلة، عقب التصعيد مع إسرائيل في حزيران/يونيو الماضي، وذلك على الرغم من المحاولات الأوروبية والخليجية لفتح ثقب في هذا الجدار المغلق.

لعلّ في كلام عراقجي ما يؤشّر إلى أن طهران لا تزال تمسك بأوراقها ولا تنوي التفريط بها. وتحديدًا ورقة “حزب الله” التي تُعد من أهمها.

على الرغم من التصعيد، هناك نية إيرانية لإعادة تحريك خط التفاوض مع الأميركيين. وظهرت هذه النية بوضوح من خلال التغيير في بنية مجلس الأمن القومي الإيراني، عبر إقصاء الأمين العام السابق، علي أكبر أحمديان، واستبداله بعلي لاريجاني، المعروف بحماسه للتقارب مع الغرب، والمقرّب من المرشد الأعلى علي خامنئي، وهو الرجل الذي يتناغم مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان. 

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)


كل ذلك يضع كلام عراقجي في إطار أوضح: هو ليس مجرّد تصريح دبلوماسي، بل رسالة مشفّرة، قد يكون وقعها مسموعًا لدى الأميركيين، أكثر من وقعها على آذان المسؤولين في بيروت. 

عندما لم تعد الأمور اللبنانية داخلية

تصريح عراقجي لم يمرّ مرور الكرام، خصوصًا أن توقيته أتى بعد جلسة مجلس الوزراء التي عقدت يوم الثلاثاء الماضي، والتي ناقشت مسألة سحب سلاح “حزب الله”. 

وُصفت الجلسة أنها مفصلية. خرجت بقرار واضح: تكليف الجيش اللبناني بوضع خطة لتنفيذ هذا الحصر، على أن تُعرض الخطة على الحكومة قبل نهاية العام. 

لكن هذا القرار لم يمرّ من دون صدام.

ملف "حزب الله" لا يُناقش في بيروت، بل في طهران

وزيرا "الثنائي الشيعي" انسحبا اعتراضًا، واعتبرا ما جرى "تجاوزًا للتفاهمات الرئاسية"، بينما كان "حزب الله" يطلق مواقف "نارية"، وصف فيها القرار بـ"الخطيئة الكبرى"، وبأنه "استجابة لإملاءات خارجية".

الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، ذهب إلى حد وصف القرار أنه انتهاك للسيادة، وتعدٍّ على "المقاومة التي تشكّل جزءًا من دستور الطائف"، على حد تعبيره 

جلسة ثانية في ظل التوتر

تعقد الحكومة اللبنانية اليوم الخميس جلستها الثانية، استكمالاً لما بدأته يوم الثلاثاء.

بند السلاح لا يزال حاضراً، والنقاش سيتوسّع ليشمل الورقة المقدّمة من المبعوث الأميركي توم باراك، في ظل أجواء مشحونة على كافة المستويات.

الانقسام داخل الحكومة لا يزال حادًا، والمواقف لم تتبلور بالكامل.

بعض الوزراء لم يُحسم حضورهم بعد. فيما التوتّر الأمني يتصاعد، خصوصاً في الجنوب، حيث الغارات الإسرائيلية مستمرة، وآخرها تلك التي استهدفت "دير سريان" وبلدات أخرى.  

الجلسة الحالية وإن كانت تبدو استكمالًا للسابقة، إلا أنّها تحمل على طاولتها كل عوامل الإنفجار. 

ماذا بعد؟

تبقى الخيارات مفتوحة على كل الاحتمالات. هل تسير الأمور نحو مواجهة داخلية بين الجيش والحزب؟ أم تُطرح تسوية جديدة تُرضي الأطراف في الخارج قبل الداخل؟ أم تتدخل طهران فجأة، فتُعيد ترتيب الأوراق على طريقتها؟

في المشهد اللبناني، تبقى الأمور دائماً مفتوحة… والأيام وحدها تملك الكلمة الفصل. 


يقرأون الآن