لبنان

"القوات" وعهد عون: لعنة "بوسة تيريز"

مطلع العام 2016 وُلد تفاهم معراب ما بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، على قاعدة "أوعا خيّك" بعد أشهر من المفاوضات التي قادها النائبان ملحم الرياشي وابراهيم كنعان، لطيّ صفحة أليمة من الحرب الأهلية بين الفريقين، مع ما رافقها من مآسٍ عاشها المسيحيون آنذاك.

لا يمكن تجاهل أهمية مفاعيل هذا التفاهم وانعكاساته الاجتماعية وإن جاءت مفاعيله السياسية على عكس الرهانات والتوقعات. وبدا وكأنه كان فقط جسر عبور العماد ميشال عون الى قصر بعبدا في تشرين الأول من العام نفسه. الى جانب إقرار القانون الانتخابي الجديد القائم على النسبية والذي كان يُعتبر مطلباً مسيحياً من أجل تحقيق صحة التمثيل.

ما أن وصل عون الى سدّة الرئاسة حتى انكسرت الجرّة بين معراب والقصر الجمهوري، الذي زاره الدكتور سمير جعجع المرة الاخيرة في أيلول 2019 مشاركاً في طاولة الحوار التي دعا اليها عون.

شاركت "القوات" في حكومتي العهد الاولى، لتكون أول المنسحبين من حكومة سعد الحريري الثانية بعيد انتفاضة 17 تشرين الأول 2019، لتنطلق المواجهة الأشرس وكان للقوات ومناصريها البصمة الأكبر في التظاهرات في الشارع وقطع الطرقات في الكثير من المناطق. لا بل مطالبة عون بالاستقالة والسقوط، ولو بالشارع، وكان هذا المطلب متقدّماً من قبل فريق سياسي مسيحي أساسي.

تكاد أيام العهد طوال سنواته الست لا تخلو من سجالات "قواتية" "عونية"، وقد ضجّ العالم الافتراضي ومواقع التواصل بالسجالات وحروب التغريدات. فمعراب اتهمت وزراء "التيار" بشكل مباشر بصفقة البواخر، مسجّلة مواقف نارية حول ادارة "التيار" لوزارة الطاقة طوال عقد من الزمن، مطالبة مرارا بسحب هذه الحقيبة واعطائها لأي فريق سياسي أو اختصاصي طالما فشل "التيار" في هذه المهمة.

ليس فقط في ملف الكهرباء، أيضاً على خط الاتصالات واستقلالية القضاء وملف الدعم وسواها، كان نواب "القوات" في موقع الهجوم الشرس، وعُقدت العشرات من المؤتمرات الصحافية بالاضافة الى الإخبارات المقدمة لدى القضاء.

وفي تعليق ساخر لكنه كان أصدق تعبير على طبيعة العلاقة بين الفريقين، ردّ جعجع على سؤال للاعلامي مارسيل غانم في برنامج "صار الوقت"، في الأول من آب 2019، عن سبب عدم زيارته بعبدا والحديث مع عون، بالقول: "بيجاوبني دايماً قوم بوس تيريز"، في إشارة واضحة الى الوزير جبران باسيل وتدخلّه بكل التفاصيل ومفاصل الحكم. وفي ردة فعل مباشرة انسحب يومها ممثلو "التيار" من الاستديو مسجّلين اعتراضهم.

جاءت أحداث الطيونة في 14 تشرين الاول 2021 بين مناصري الثنائي الشيعي والقوات لتعيد التوتر مع ميرنا الشالوحي والعهد. فبعد انقطاع شخصي دام حوالى السنتين منذ آخر طاولة حوار، سُجّل اتصالٌ من عون بجعجع على اثر الحادثة، رغم ان ما تلا هذا الاتصال كان اتهاماً مباشراً للقوات بالحادثة، الامر الذي جاء صراحة على لسان باسيل، ليُفهم الاتصال حينها كتوريط لجعجع لا تضامناً معه.

وأما المعركة الأكبر فكانت في انتخابات 2022، التي خاضتها "القوات" باستنفار كامل وعلى كل الجبهات وفي كل الدوائر، وقد ترشحت في الكثير من المناطق في لوائح مستقلة، وكانت النتيجة تحقيق تقدّم في عدد النواب، والذي بقي موضع سجال مع "التيار"، الذي بقي مصرّاً أنه صاحب الكتلة المسيحية الأكبر في مجلس النواب.

تطول لائحة السجالات والمعارك ما بين "القوات" وعهد الرئيس عون، والتي استمرت حتى آخر أيام العهد. فصفحة تفاهم معراب قد طويت الى غير رجعة، وأي رئيس جديد سينتخبه جعجع بعد اليوم سيتفحّصه جيداً إذا كان قد مسّته لعنة "بوسة تيريز".

نادر حجاز - موقع mtv

يقرأون الآن