فيما لا تزال مساعي وزارة الدفاع السورية الجديدة متواصلة من أجل دمج كافة الفصائل المسلحة ضمن الجيش المجمع تشكيله، لف الغموض مصير قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
وفيما أشارت المعلومات إلى أن تلك القوات وافقت على مسألة الدمج ضمن اجتماع ثلاثي عقد الاثنين الماضي، وضم قسد ومجلس سوريا الديمقراطية (مسد الذي يعتبر الغطاء السياسي لقسد) والإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا، كشفت قسد في بيان لها أن الأطراف المجتمعة شددت على أهمية الحوار القائم مع دمشق، وأكدت ضرورة إيجاد حل للقضايا قيد البحث، كدمج المؤسسات العسكرية والإدارية، وعودة المهجرين، من خلال الاتفاق على آلية تنفيذ مناسبة.
فيما نفى مصدر كردي رفيع مقرّب من الإدارة الذاتية حدوث اجتماعٍ جديد خلال هذا الأسبوع بين "قسد" والإدارة الجديدة في دمشق عقب تهنئة قائد قسد، مظلوم عبدي لأحمد الشرع بعد تنصيبه كرئيسٍ للبلاد في الفترة الانتقالية ودعوته لزيارة مناطق شمال شرقي سوريا.
لقاء بين عبدي والشرع
كما أوضح المصدر لـ "العربية.نت/الحدث.نت" أن "هناك حوارات مستمرة ومتواصلة مع دمشق، لكن لم يحصل أي لقاء جديد بين عبدي والشرع". وأضاف أن "الحوارات المستمرة بين الطرفين ستمهّد للقاء جديد بين قائد عبدي والشرع"، على حد تعبّيره. ولفت إلى أنه من المحتمل أن يؤدي الحوار المستمر إلى اتفاقٍ بين الجانبين يقضي بعودة المؤسسات الحكومية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة قسد بعد أن تنهي اللجان التي سيتمّ تشكيلها من الطرفين عملها.
كذلك أشار إلى أن اللقاء المرتقب بين عبدي والشرع الذي سيتم خلال "وقتٍ قريب"، سيتطرق إلى آلية عمل اللجان المشتركة التي تعمل فقط على التنسيق الأمني والعسكري بين الطرفين في الوقت الحالي.
ورغم أن "قسد" تعتبر أن أجواء التفاوض مع دمشق "إيجابية"، لكن مصدراً آخر مقرّبا منها كشف لـ "العربية.نت" أن هناك "توافقا" وليس "اتفاق" بين قوات سوريا الديمقراطية ودمشق على الخطوط العريضة التي تتعلق بوحدة الأراضي السورية وضرورة وجود جيشٍ واحد في البلاد.
إلى ذلك، ذكر المصدر أن اللجان التي سيتم تشكيلها من جانب الإدارة الجديدة في دمشق ومن قبل قسد التي تسيطر على نحو 60 ألف كيلومتر من إجمالي الجغرافية السورية، ستعمل معاً على الملفات الأمنية وعودة المؤسسات الحكومية إلى مناطق سيطرة "قسد" التي تشمل كامل محافظتي الحسكة والرقة مع أجزاء من محافظتي حلب ودير الزور.
ورجّح "إمكانية الوصول في وقتٍ قريب إلى اتفاق مع دمشق بشأن انضمام قسد إلى الجيش الذي يتمّ تشكيله".
أما عن الملفات الأخرى العالقة بين الجانبين والتي تتعلق بشكل الحكم في البلاد والدستور الجديد، فرأى المصدر أنها ستحتاج سنوات لحلّها، وهو أمر أشار إليه الشرع سابقا في أكثر من مقابلة مصوّرة.
كما كشف المصدر أن المؤسسات الحكومية التي قد تعود بشكلٍ عاجل إلى مناطق سيطرة "قسد" هي السجل المدني والعقاري مع إمكانية إعادة تشغيل مطار القامشلي المدني، لافتاً إلى أن هناك رؤية موحدة بشأن التفاوض مع دمشق لدى كلّ من قوات سوريا الديمقراطية ومظلتها السياسية مجلس سوريا الديمقراطية إلى جانب الإدارة الذاتية.
وتابع قائلا إن هذه الرؤية تتمثل في الحفاظ على خصوصية "قسد" العسكرية والإدارية وضمان حكم لا مركزي مع دستور يعترف بمختلف المكونات العرقية والدينية في سوريا، علاوة على "التقسيم العادل" لثروات البلاد على مختلف مناطقها.
كذلك نفى المصدر المقرّب من قوات سوريا الديمقراطية الاتهامات الموجّهة لها بشأن مماطلتها في التفاوض مع دمشق. وذكر في هذا الصدد أن "هناك قضايا تحتاج بالفعل لوقتٍ طويل لمعالجتها وعلى سبيل المثال مسألتي الصحة والتعليم، فالإدارة الجديدة ربما تلجأ إلى خصخصة هذين القطاعين وهذا يعني أن الأمر يتطلب جدول زمني ودراسة ميدانية خاصة مع وجود جامعات ونظام تعليمي معتمد لدينا منذ قرابة 14 عاماً".
كما أضاف قائلا إن "العقبة الوحيدة أمام استمرار التفاوض بيننا وبين دمشق هي تركيا التي تستمر في استهداف مناطقنا عسكرياً مع محاولاتها في الضغط السياسي على الإدارة الجديدة لقطع الطريق أمام الاتفاق المرتقب بيننا".
وكان الشرع الذي التقى عبدي مرتين عقب سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، قال قبل نحو أسبوعين إن المفاوضات مع "قسد" تحظى بسرّية لوجود "دول" لم يسمّها لا ترغب بنجاحها.
وتدعم الولايات المتحدة وفرنسا التفاوض بين قوات سوريا الديمقراطية ودمشق، فقد رحّب التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم "داعش" في سوريا والعراق المجاور بالتفاوض بين الجانبين، أمس الثلاثاء.
كما أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان أشاد هذا الأسبوع في ختام مؤتمر باريس الدولي حول سوريا بدور "قسد" في محاربة داعش وضرورة دمجها في جيش سوريا الجديد.