بتجارب على البشر... حاول النازيون دراسة

خلال فترة الحرب العالمية الثانية، سجلت معسكرات الموت النازية انتشارها بالعديد من مناطق أوروبا الشرقية حيث اتجه النازيون حينها لوضع المعارضين السياسيين واليهود والغجر وأسرى الحرب بهذه المعسكرات بهدف استغلالهم بعدد من الأعمال الشاقة.

من جهة ثانية، لم يتردد المسؤولون النازيون في استخدام هذه المعسكرات لإعدام أعداد كبيرة من المعتقلين كما عمدوا في الآن ذاته لإجراء تجارب على البشر لأغراض عرقية وعنصرية.

إلى ذلك، تواجد أفراد عائلة أوفيتز (Ovitz)، اليهودية المجرية، ضمن قائمة الأشخاص الذين عانوا من التجارب الطبية بمعسكر أوشفيتز الألماني. فبسبب معاناتهم من داء التقزم، خضع أفراد هذه العائلة لتجارب عديدة على يد الرجل الملقب بملاك الموت الألماني جوزيف منغليه (Josef Mengele).

تنحدر عائلة أوفيتز من منطقة ماراموريش (Maramureș) الموجودة حاليا برومانيا. وبالسابق، مثل والدهم شمشون إيزيك أوفيتز (Shimson Eizik Ovitz)، الذي عانى بدوره من داء التقزم، وكان مقدم عروض ترفيهية ومسؤولا دينيا بمنطقة إقامته. وأثناء فترة حياته، حظي الأخير بعشرة أبناء عانى سبعة منهم من داء التقزم.

خلال مسيرتهم، أسس أبناء شمشون إيزيك أوفيتز فرقة ترفيهية عرفت بليليبوت (Lilliput) واتجهوا لتقديم عروض لقيت شعبية كبيرة بمناطق عديدة من أوروبا. وطيلة الثلاثينيات، تنقل أفراد عائلة أوفيتز بين كل من رومانيا والمجر وتشيكوسلوفاكيا لتقديم العروض.

مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، اجتاحت قوات المجر، حليفة ألمانيا، شمال ترانسيلفانيا. وبتلك الفترة، منع الممثلون والفنانون ذوي الأصول اليهودية من تقديم أية عروض. وعلى الرغم من ذلك، حصل أفراد عائلة أوفيتز، عقب قيامهم بتزوير هوياتهم، على تصريح سمح لهم بمواصلة عروضهم لحدود العام 1944. فبتلك السنة، اعتقل أفراد عائلة أوفيتز وأرسلوا نحو معسكر أوشفيتز ببولندا.

بمعسكر الموت بأوشفيتز، جذب أفراد عائلة أوفيتز اهتمام الطبيب جوزيف منغليه. وبتلك الفترة، تحدث الأخير عن حصوله على عينات بشرية لإجراء تجارب طيلة العشرين سنة القادمة.

وفي الأثناء، عزل منغليه أفراد عائلة أوفيتز، سواء كانوا من طوال القائمة أو من أولئك الذين عانوا من داء التقزم، عن بقية المعتقلين واقتادهم نحو إقامة خاصة داخل المعسكر. وبتلك الفترة، ادعى أكثر من 10 معتقلين آخرين وجود صلة قرابة بينهم وبين عائلة أوفيتز أملا في النجاة من غرف الغاز والأعمال الشاقة.

في منطقة إقامتهم الخاصة، حصل أفراد عائلة أوفيتز على كميات وفيرة من الطعام حيث أكد منغليه حينها على ضرورة الحفاظ على صحة هؤلاء الأشخاص لضمان نجاح تجاربه وحصوله على نتائج جيدة.

خضع أفراد عائلة أوفيتز للعديد من التجارب التي تراوحت بين استخراج نخاع العظام وخلع الأسنان وقلع الشعر بهدف البحث عن علامات مرض وراثي. أيضا، خضع عدد من الذين عانوا من داء التقزم لعمليات صب الماء الساخن والبارد بآذانهم كما أصيب بعضهم بالعمى عقب سكب قطرات كيميائية بأعينهم.

إضافة لذلك، خضع رضيع من عائلة أوفيتز لتجارب إضافية تضمنت سحب كميات دم بشكل يومي من جسمه. وأثناء فترة التجارب، توفي اثنان من أفراد عائلة أوفيتز. وتزامنا مع ذلك، عمد منغليه لغلي جثتيهما بهدف استخراج عظامهما وإرسالها نحو المتاحف الألمانية. وحسب عدد من العاملين السابقين بأوشفيتز، صوّر منغليه عملية استخراج العظام لأغراض شخصية واتجه للاحتفاظ بشريط الفيديو بممتلكاته الشخصية.

مع تحرير معسكر أوشفيتز على يد القوات السوفيتية أواخر يناير/جانفي 1945، استعاد أفراد عائلة أوفيتز حريتهم حيث عمد الجيش الأحمر حينها لنقلهم نحو أحد مخيمات اللاجئين التي كانت منتشرة بأوروبا الشرقية.

يقرأون الآن