العراق

لتفادي سيناريو 2014.. العراق يتمسك بـ"جدار صد أميركي" في سوريا

لتفادي سيناريو 2014.. العراق يتمسك بـ

تعد مناطق شمال شرقي سوريا مصدر قلق أمني للعراق، وخاصة المنطقة القريبة من الشريط الحدودي العراقي السوري، والمنطقة التي تتواجد فيها قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، ومنطقة شرق الفرات التي يتواجد فيها عناصر داعش، وفق مستشار رئيس البرلمان العراقي للشؤون الأمنية، مخلد حازم.

وأوضح حازم، أن "الحكومة السورية الجديدة لم تحكم سيطرتها على كامل أراضي البلاد لحد هذه اللحظة، فلا تزال هناك مباحثات مع قوات سوريا الديمقراطية، ولم تمضِ المباحثات إلى أن يكونوا تحت مسمى واحد وهو وزارة الدفاع السورية، وفي ظل هذه المعطيات يتخوف العراق مما قد يحصل في المستقبل".

وبين حازم، أن "في تلك البقعة الجغرافية سجون تضم عناصراً لعصابات داعش، وفي حال حصل انفلات أمني فيها، قد يتعرض العراق حينها لعمليات تسلل من قبل هذه العصابات، لذلك على الجميع الحذر مما قد يحصل في الأراضي السورية، ووضع خارطة طريق إذا ما انفلتت الأمور".

وأكد خلال حديثه لوكالة شفق نيوز أن "السجون وكذلك مخيم الهول الموجودة في هذه البقعة الجغرافية هي تحت سيطرة القوات الأميركية وقوات سوريا الديمقراطية، وبقاء القوات الأميركية فيها يعتبر شبه ضامن لعدم انفلات الأمور فيها، وكذلك ضمان عدم إمكانية تحرك هذه العصابات بأريحية، خاصة وأن الأوضاع في سوريا لا تزال غير مسيطر عليها في بعض الأماكن بما فيها القريبة من الشريط الحدودي العراقي".

وكان وزير الدفاع العراقي، ثابت العباسي، أكد أن مخيم الهول والسجون التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية "قسد" تشكل مصدر قلق للعراق، معرباً عن تفضيله لبقاء القوات الأميركية في سوريا لحين بناء الجيش السوري ليحكم المنطقة، أو إجراء اتفاق بين الإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع مع "قسد".

وأكد العباسي في مقابلة متلفزة عدم سحب التعزيزات العراقية عند الحدود بين العراق وسوريا قبل أن يمسك الجانب السوري بحدوده جيداً، موضحاً أن هذه التعزيزات أخذت بالحسبان الفراغ الأمني إذا انسحبت "قسد" أو القوات الأميركية، كما أوضح أنها نتجت عن الفراغ الذي حصل في سوريا بعد الأحداث الأخيرة، معتبراً أن هذه التعزيزات الأمنية على الحدود مع سوريا ضرورة مستدامة.

جدار صد أميركي

من جهته، رأى رئيس المركز العربي الأسترالي للدراسات، أحمد الياسري، أن "الحكومة العراقية وصلت إلى قناعة بعد أحداث لبنان وحرب غزة والتحول في سوريا، بأن وجود القوات الأميركية في شمال شرقي سوريا حالياً يعتبر هو الجدار الذي يجنب العراق الارتدادات الأمنية من سوريا".

وأوضح الياسري، أن "مناطق الشمال الشرق السوري تعتبر من المهددات الجغرافية الأمنية للعراق، لذلك ترغب بغداد ببقاء القوات الأميركية لوجود تهديدات أمنية في هذه المنطقة الحيوية، وأن تكون الولايات المتحدة هي الراعية فيها بعد خروج روسيا وإيران منها، في ظل خشية العراق من ملء هذا الفرغ من قبل تركيا وإسرائيل اللتان لديهما مطامع في العراق".

تهديدات داعش

من جانبه، قال مدير مركز الإعلام العراقي في واشنطن، نزار حيدر، إن "بغداد وواشنطن ودمشق، متفقة على أن داعش مازال يشكل تهديداً على العراق وسوريا على وجه الخصوص وعلى المنطقة بشكل عام، وهذا الاتفاق في وجهات النظر تبين أمس بشكل واضح في الاتصال الهاتفي الذي أجراه وزير الخارجية الأميركية مع رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إذ أكد الطرفان على ضرورة استمرار التعاون المشترك للتأكد من عدم عودة التنظيم الإرهابي يهدد المنطقة".

وذكر حيدر، أن "المتغيرات الدراماتيكية التي شهدتها سوريا تسببت بتراخي قبضة السلطة الجديدة على الوضع الأمني بشكل عام خاصة في الشمال والشمال الشرقي السوري، إذ مازالت هناك عدة إرادات تتقاسم النفوذ العسكري، وهو الأمر الذي يشكل مصدر قلق للعراق على اعتبارها منطقة حدودية تترك آثارها السلبية الخطيرة المباشرة عليه إذا ما حصل أي انفلات أمني أو عسكري فيها قد يستغلها داعش لعبور الحدود باتجاهه".

ولفت إلى أن وجود المعسكرات المكتظة بعناصر التنظيم الإرهابي في تلك المناطق السورية يشكل تهديداً وقلقاً إضافياً للعراق، خاصة وأن من بين هذه العناصر مواطنون عراقيون تفاوض بغداد لاستلامهم من الجانب السوري أو الأميركي على اعتبار أنها تدعم الفصائل المسلحة المسؤولة عن حماية هذه المعسكرات.

وأكمل حيدر تحليله، بالقول: "يضاف إلى ذلك، الأزمة التي مازالت قائمة بين السلطة الجديدة في دمشق وبعض التنظيمات الكوردية المسلحة التي تصنفها أنقرة كتنظيمات إرهابية، فاذا استمرت هذه الأزمة ولم تجد لها الأطراف المعنية حلاً سريعاً، فهي الأخرى تهدد بانفلات أمني وعسكري يترك أثره المباشر على العراق كونها متاخمة لحدوده قد تستغلها الجماعات الإرهابية لإعادة نشاطها الخطير".

وأشار إلى أن "لكل ذلك وغيره، فإن بغداد ترى أن من الضروري الآن استمرار بقاء القوات الأميركية في الشمال السوري لضبط إيقاعات العلاقات الأمنية المأزومة بين كل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية لضمان السيطرة على الهدوء الحذر هناك، خاصة وأن القوات الأميركية هي الوحيدة المنتشرة في المنطقة بعد هزيمة روسيا من سوريا إثر سقوط النظام وسيطرة الفصائل المسلحة على السلطة في دمشق".

أما تركيا، فهي جزء من الأزمة الأمنية في الشمال السوري، وفق حيدر، على الرغم من أنها تبذل جهداً كذلك مع الفصائل المسلحة التي تدعمها لتتوصل إلى تفاهمات مع السلطة الجديدة في دمشق.

الأمن هو الفيصل

من جهته، أكد الباحث والكاتب السياسي السوري، بسام سليمان، أن "المحدد الرئيسي في العلاقة بين بغداد ودمشق هو الأمن، ولهذا صرحت بغداد بأنها تريد أن يستمر الوجود الأميركي لحين بناء جيش سوري قوي قادر على ضبط الأمن، أو لحين اتفاق (قسد) مع دمشق، ويبدو أن الأخيرة لديها هذه المخاوف أيضاً".

وأوضح سليمان، أن "زيارة وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، لبغداد تأجلت دون الإعلان عن السبب، لكن تسريبات أشارت إلى أن التأجيل كان بسبب الأمن، كما أن الجميع لاحظ تصريحات بعض الإعلاميين التي تحدثت عن وجود خطر على سلامة الرئيس السوري، أحمد الشرع، في حال زيارته للعراق، ما يدل على أن المحدد الأمني لا يزال عاملاً مهماً بين الدولتين".

وخلص الباحث السوري، في ختام حديثه، إلى التشديد على أهمية "تجاوز الدولتين هذا المحدد للانتقال إلى مرحلة أفضل لأن الشعب السوري والشعب العراقي أشقاء، لذلك لابد من طمأنة بعضهما للانتقال إلى الخطوة التالية والعمل على تحسين هذا الواقع بما يخدم مصلحة الشعبين".

يقرأون الآن