بيّنت النتائج الأوّلية للانتخابات الإسرائيلية تقدّم "حزب الليكود" بزعامة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو. ولهذا التقدّم أهمية كبرى ليس للواقع الإسرائيلي فحسب إنما لاتفاق تاريخي لم يجفّ حبره بعد، وقّعه لبنان مع إسرائيل في 27 تشرين الأول الفائت.
فقد سبق لزعيم المعارضة الإسرائيلي نتنياهو أن هدّد في اليومين الأخيرين، "بإلغاء اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان الذي تم توقيعه الأسبوع الماضي"، في حال فوز حزبه في انتخابات الكنيست، قائلاً "سأتعامل معه (الاتفاق) تماماً كما تعاملت مع اتفاق أوسلو"، واصفاً إياه بأنه "اتفاق استسلام آخر".
هذا الموقف الذي يحمل تهديداً فادحاً، هل يدخل ضمن الشعبوية الانتخابية؟ أم أنه قابلٌ للتنفيذ فعلاً مستغلاً التشرذم السياسي اللبناني الداخلي على وقع الفراغ الرئاسي وتصريف الأعمال حكومياً؟
الخبير في شؤون النفط الدكتور ربيع ياغي يوضح لـ"المركزية" أن "الجميع يعلم وبمَن فيهم نتنياهو، أن الأمم المتحدة هي ضامِنة الاتفاق الذي حصل بين لبنان وإسرائيل بما يخصّ ترسيم المنطقتين الاقتصاديّتين الخالصتين الواقعتين جنوب لبنان وشمال إسرائيل، لذلك لا يستطيع نتنياهو بهذه السهولة نسف الاتفاق أو الخروج منه، على رغم أن الدلائل تشير إلى فوزه في الانتخابات الإسرائيلية".
ويعتبر أن "ما قاله نتنياهو يدخل ضمن حملته الانتخابية والشعبوية التي كان يمارسها كجزء من لعبة انتخابات داخلية في إسرائيل لا تهمّ لبنان قط كما أنها لا تقدّم ولا تؤخّر بشيء". ويُشير إلى أن "وجود الضامن والراعي المتمثلين بالأمم المتحدة، قد يجعل من عملية التلاعب في الاتفاق أو نسفه، شبه مستحيلة".
..ماذا بعد الاتفاق؟
وفي المقلب الآخر، يُلفت ياغي إلى أن "الخطوة المطلوبة التي يجب أن تلي توقيع اتفاق الترسيم البحري مع إسرائيل، توجب على لبنان المباشرة سريعاً بالطلب من شركة "توتال" المشغِّلة لـ"بلوك 9"، إنهاء التحضيرات اللوجستية اللازمة والبدء بعمليات الحفر والتنقيب في "بلوك 9". لأنه في نهاية الأمر، إن عمليات الحفر والتنقيب هي العنصر الأساسي في تثبيت سيادة لبنان على البلوكات رقم 9 أو 8 أو 10 أو غيرها".
ويرى أن الأهمية في هذا الموضوع تكمن في "مباشرة لبنان بالقيام بواجبه في أسرع وقت، والتنسيق مع "توتال" ضمن جدول زمني لبدء أعمال الأنشطة البترولية في الـ"بلوك 9". فالوقت ليس لصالح لبنان الذي أضاع 15 عاماً في تجاذبات ومشادات سياسية غير مُجدية يجب الانتهاء منها اليوم، واعتماد إدارة رشيدة وحازمة لقطاع النفط من أجل الوصول إلى الخواتيم المرجوّة ولو تطلّب ذلك وقتاً طويلاً... علماً أن هناك ثماني سنوات على الأقل كي يصبح لدينا إنتاج تجاري".
ويقول: يجب أن نكون على أهبّة الاستعداد ضمن حالة طوارئ بالنسبة إلى الأنشطة النفطية في كل البلوكات، كما يُفترض إعادة طرح البلوكات 8 و10 المحاذية لشمال إسرائيل ضمن سلة واحدة لتلزيمها لأي شركة مهتمة بالاستثمار، خصوصاً أنه لم يعد هناك مناطق متنازَع عليها ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة العائدة إلى لبنان.
ويختم: الأهم اليوم، أن يقوم لبنان بواجباته الداخلية وبالنشاط المطلوب منه ضمن خطة عمل علمية تقنية مدروسة وواضحة بعيدة عن المناكفات والمحاصصات السياسية.
ميريام بلعة - المركزية