يصعب الركون الى اسرائيل والوفاء بالتزاماتها، وهي التي ضربت مراراً بعرض الحائط، وطوال تاريخها، الكثير من القوانين الدولية وخرقت الأعراف الدولية وقائمة الأمثلة تطول. وكانت دائماً للبنان الحصة الأكبر والتي دفع ثمنها حروباً ومجازر وانتهاكات دائمة.
لم تجمع القوى السياسية الاسرائيلية على تأييد اتفاق ترسيم الحدود مع لبنان، وإن كان حاز على ثقة الكنيست وأقرّته حكومة يائير لابيد. لكن رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو هاجم هذا الاتفاق ووصفه باتفاق الاستسلام، لا بل أعلنها صراحة "بأنني سأتعامل معه كما تعاملت مع اتفاق أوسلو في حال فوزي".
وها هو نتنياهو يعود الى الحكم بقوة حاصداً الأكثرية في الانتخابات التشريعية الاسرائيلية، ويبدو القلق مشروعاً لجهة ما يمكن أن يقدم عليه ومدى قدرته على التملّص من اتفاق الترسيم أو تعكير أجواء عمليات التنقيب عن النفط في الجانب اللبناني.
رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بدا مطمئناً، معتبراً أن "الضمانات الأميركية ستحمي اتفاق الحدود البحرية مع إسرائيل في حال فوز نتنياهو، فالاتفاق في عهدة الأمم المتحدة، ولبنان من ناحيته ملتزم بهذا الاتفاق الذي أودع في الأمم المحتدة ونحن لا نعتقد أن أحدا يمكن أن يزيح قيد أنملة بهذا الموضوع".
فأي هامش لدى اسرائيل للمناورة في هذا الملف؟
المتخصصة بقوانين النفط والغاز لما حريز شددت على أن "اتفاق الترسيم بموجب القوانين الدولية وقانون البحار هو ملزم على السواء للبنان واسرائيل سيما وأنه موثّق في الأمم المتحدة، وبسابقة بمسألة الترسيم البحري تمسّكت اسرائيل بحقها بالخط رقم ١ تحت حجة أنها وثّقت حدودها في العام ٢٠١١ لدى الأمم المتحدة لكن بأمر الواقع اعتادت اسرائيل على عدم الالتزام بالقوانين والأعراف الدولية إلا بما يخدم مصالحها، وتكثر الأمثلة على مخالفة اسرائيل القوانين والأعراف الدولية كما مخالفة التزاماتها تحت حجة أمنها القومي".
وأضافت حريز "اليوم هناك خوف كبير بأن تقوم اسرائيل بالاعتراف فقط بما يناسبها من هذا الاتفاق أي عرقلة أعمال التنقيب في حقل قانا عبر زعزعة اتفاقها مع شركة "توتال"، كما إبقاء سيطرتها على خط الطوافات والمساحة غير المرسّمة بين النقطة B1 ونقطة انطلاق الترسيم، والتملّص من الاعتراف بكامل الخط ٢٣ تحت حجة حماية حقل كاريش وبالتالي أمنها القومي".
إلا أن حريز عادت وأشارت الى أن "الرعاية الأميركية تبقى هي الضمانة الوحيدة للبنان كي تلتزم إسرائيل باتفاق الترسيم، لكن السؤال الذي يطرح نفسه إلى أي مدى ستقدم الولايات المتحدة، سيما بعد انتهاء الانتخابات النصفية، على تلبية شروط إسرائيل لناحية الاتفاق النووي مع ايران إرضاءً لنتنياهو".
إذاً الانظار ستكون مشدودة الى تل أبيب والمغامرة التي يمكن أن يقوم بها نتنياهو، أو بالأحرى الحماقة التي يمكن أن يورّط نفسه بها، فكل الضمانات الدولية والأممية في كفّة، ومسيّرات حزب الله في كفّة أخرى. وكان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أعلن أنه مستعد في أي لحظة تُمسّ بها مصالح لبنان أن يفك التزامه والذهاب الى حرب، والتملّص من اتفاق الترسيم سيكون حكماً بمثابة إعلان حرب.
فهل سيقرع نتنياهو القادم من نشوة الفوز طبول الحرب مع لبنان؟
نادر حجاز - موقع mtv