قال النائب علي حسن خليل، في احتفال تأبيني: "بعد الحرب الهمجية التي شنّها العدو الإسرائيلي وما خلفه من قتل ودمار، يقف الجنوبيون باعتزاز لدفن مخططاته وإجهاضها وكسر إرادته التي حاول فرضها على اللبنانيين، كجزء من مشروعه التوسعي الذي نرى تجلياته في غزة والضفة الغربية، وفي تهديداته المتكررة لكل الدول العربية، وفي اختراقه لثلاث محافظات سورية"، لافتاً إلى أن العدو الإسرائيلي يحاول اليوم فرض إرادته على سوريا.
وأضاف خليل: "علينا اليوم، ونحن الذين قدّمنا مئات، لا بل الآلاف، من الشهداء، أن نتذكر أن الاحتلال الإسرائيلي ما زال قائماً على جزء من أرضنا، ومهما كان هذا الجزء صغيراً أو رمزياً، فإن أي وجود له هو احتلال مباشر لا يمكن تجاهله على الإطلاق، فالسيادة والكرامة الوطنية لا تتجزآن، والدفاع عن حرمة الأرض يبقى واجباً ارتضيناه في الزمن الصعب منذ بداية العدوان الإسرائيلي على وطننا في مختلف الحقبات. لقد رفضنا هذا الاحتلال وتمسكنا بحقنا في استخدام كل عناصر قوتنا من أجل تحرير هذه الأرض والدفاع عن كرامتها".
وتابع: "نحن اليوم ندعو الجميع إلى تحمل المسؤولية الوطنية للحفاظ على إنجازات الشهداء والبناء عليها، لا التنكر لها أو محاولة تصنيفها وكأن الدماء التي سقطت لا قيمة لها، أو أن الشهداء الذين زرعوا أجسادهم لا دور لهم، كما يحاول البعض تعميم هذه السردية. علينا جميعاً الاستثمار في التضحيات التي قدمت، وصون ما ناضلوا من أجله، لضمان بقاء أرضنا حرة ومصانة، وعودة لبنان منيعاً أمام العدوانية الإسرائيلية، وصون سيادة وطننا. يجب أن يدرك الجميع أنه لا سلام للبنان دون سلام جنوبه، وهي مقولة الإمام القائد السيد موسى الصدر التي أطلقها قبل عقود لتكون مرشداً للبنانيين جميعاً".
وشدد خليل على أن "المسؤولية اليوم تقع على عاتق الجميع، وفي المقدمة الحكومة التي نالت الثقة والتزمت في بيانها الوزاري بالعمل على تحرير الأرض، وهو ما يستوجب أولاً موقفاً إجماعياً داخل مجلس الوزراء حول هذه المسؤولية، وألا يتحول التنوع السياسي داخله إلى انقسام في الرؤية الوطنية، التي تستوجب توحيد الجهود لمواجهة مخططات العدو، وعدم التسليم بسردية الاحتلال أو منحه الأعذار للبقاء في أرضنا تحت عناوين تطبيق قرارات معينة على حساب السيادة الوطنية".
وأشار إلى أن "لبنان ملتزم بوضوح بتطبيق القرار 1701، لكن من يخرق الاتفاق وكل ملحقاته هو العدو الإسرائيلي، فهو الذي يعتدي ويحتل ويضرب الإرادة الدولية. علينا جميعاً أن نعي ذلك، وألا نعطي العدو أي ذريعة نتيجة خطابات سياسية تنطلق من حسابات ضيقة أو فئوية. يجب أن تكون اللغة المشتركة بين جميع أعضاء الحكومة نابعة من الالتزام الوطني بمسؤولية التحرير بكل الوسائل، كما ورد في البيان الوزاري، وألا نروّج لمنطق الانهزام والتسليم بشروط الاحتلال أو السماح له بفرض سيطرته على الأرض والقرار".
وأكد خليل أن "وطننا يمر بمرحلة مصيرية، بالتوازي مع ما يجري في المنطقة، مما يستدعي مقاربة جديدة للتحديات الداخلية والخارجية. نحن بحاجة إلى الخروج من الاصطفافات السياسية والانغلاق، والتوجه نحو الحوار والانفتاح بعيداً عن الحسابات الضيقة، لتعزيز وحدة الصف الداخلي، لأن هذا البلد لا يُدار بالغلبة، بل على قاعدة الشراكة والتوازن والتفاهم بين الجميع، لتحصين الوضع الداخلي والانطلاق نحو إعادة الاعتبار لدور الدولة على المستويين العربي والإقليمي والدولي".
وختم خليل بالقول: "يجب أن ندرك أنه من غير المقبول الاستمرار في حالة الجمود السياسي، بل علينا تلقف دعوات الحوار والتلاقي، وهو ما عمل عليه الرئيس نبيه بري ويواصل العمل عليه اليوم، لتعزيز المصالحة والمصارحة بين جميع المكونات اللبنانية. نحن بحاجة إلى رؤية وطنية شاملة، تضمن حماية الجميع، وتؤسس لمعالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. بهذه الطريقة، نرسم مساراً وطنياً بعيد المدى، لأن الوقت لم يعد لصالح أحد، والتأخير في الإصلاح يعني المزيد من الانهيار، مما يتطلب قرارات جريئة ومسؤولة تعطي الأولوية لقضايا الناس وحقوقهم المشروعة".