يلتقي قادة دول الاتحاد الأوروبي والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس في بروكسل لعقد قمة طارئة حول أوكرانيا تهدف إلى تعزيز الدفاع الأوروبي وطمأنة كييف، على ضوء التحول التام في سياسة الولايات المتحدة وتحالفاتها التقليدية في عهد الرئيس دونالد ترامب.
وإزاء التهديد الروسي وخطر سحب واشنطن التزامها تجاه القارة، تشهد أوروبا تبدلا في المواقف.
ففي تحوّل لم يكن من الممكن تصوره لعقود، قرّرت ألمانيا استثمار مبالغ طائلة في قدراتها العسكرية، ودعت من أجل ذلك إلى إصلاح قواعد الميزانية الأوروبية المتشددة، ما أثار ذهول العديد من الدبلوماسيين الأوروبيين بعدما كانت تتمسك حتى الآن بنهج مالي صارم بشأن العجز.
وتتّجه كل الأنظار الآن إلى المستشار الألماني المقبل فريدريش ميرتس الذي يصل إلى بروكسل لعقد لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، قبل ساعات من بدء القمة عند الظهر.
في سياق التقلبات الجذرية التي طرأت على الوضع الجيوسياسي جراء مواقف ترامب، كشفت المفوضية الأوروبية عن خطة لـ"إعادة تسليح أوروبا" تقضي برصد حوالى 800 مليار يورو.
في هذا السبيل، يجري بحث السماح للدول الأعضاء بزيادة إنفاقها العسكري بدون إدراجه ضمن العجز في ميزانياتها.
وكتبت فون دير لايين في رسالة وجهتها إلى قادة دول الاتحاد أن "أوروبا تواجه خطرا واضحا وآنيا بحجم لم يعرفه أي منا في حياته".
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الاربعاء في كلمة إلى الفرنسيين أنه يعتزم "فتح النقاش الإستراتيجي" حول وضع أوروبا تحت حماية المظلة النووية الفرنسية.
أعلنت واشنطن الإثنين تجميد مساعدتها العسكرية لأوكرانيا وسط تقارب لافت مع الكرملين منذ المكالمة الهاتفية المطولة التي أجراها ترامب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في 12 شباط/فبراير.
وأوضح مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي ايه) جون راتكليف الأربعاء أن هذا القرار الذي يقوض بحسب الخبراء قدرة كييف على الدفاع عن نفسها بوجه الغزو الروسي، يشمل كذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية، رغم أن هذا التعاون عنصر أساسي يعول عليه الجنود الأوكرانيون في ساحة المعركة.
من الجانب الأوروبي، تعهد التكتل تقديم حوالى 30 مليار يورو لأوكرانيا خلال العام 2025، ولا ترى دول عدة ضرورة لزيادة هذا المبلغ في الوقت الحاضر.
وبعدما قامت كييف بالعديد من مبادرات التهدئة حيال الولايات المتحدة إثر المشادة الكلامية الصادمة بين زيلينسكي وترامب الأسبوع الماضي في المكتب البيضوي حين هدد الرئيس الأميركي بـ"التخلي" عن أوكرانيا، أعلنت الأربعاء العمل على مفاوضات جديدة مع الأميركيين.
ويطالب زيلينسكي حلفاءه الغربيين بضمانات أمنية متينة في إطار مفاوضات محتملة، للتثبت من عدم تعرض بلاده لهجوم روسي جديد في المستقبل.
وكتب الأربعاء على شبكات التواصل الاجتماعي "نريد جميعا مستقبلا آمنا لشعبنا. لا إطلاق نار موقتا، بل وقف الحرب بصورة نهائية".
وكان زيلينسكي عرض الثلاثاء هدنة مع روسيا في الجو والبحر لبدء مفاوضات حول "سلام دائم" بـ"قيادة" ترامب، كما أبدى استعداده لتوقيع اتفاق إطاري مع الولايات المتحدة حول استغلال الموارد المعدنية الأوكرانية، وهو ما يطالب به الرئيس الأميركي.
وأكد ماكرون أن موسكو "حولت النزاع الأوكراني إلى نزاع عالمي" مشددا على أن "الوقوف متفرجين سيكون من الجنون".
لكن ليس هناك إجماع على سبل التحرك. وفي هذا السياق، حذر رئيس الوزراء المجري القومي فيكتور أوربان المؤيد لترامب، من أي استنتاجات خطية بشأن أوكرانيا في نهاية القمة، في موقف يهدد بكشف الانقسامات بين الأوروبيين في العلن.
وقال دبلوماسي أوروبي ملخصا الوضع "الهدف بشأن أوكرانيا هو التوصل إلى اتفاق بين الأعضاء الـ27 جميعهم أو ما يقارب ذلك" مؤكدا "سنتقدم في مطلق الأحوال. المهم أن تحصل أوكرانيا على دعم".
ميدانيا، قتل أربعة أشخاص ليل الأربعاء الخميس في أوكرانيا جراء ضربات روسية في كريفيي ريغ (وسط) وسومي (شمال)، وفق السلطات المحلية.