تحوّل دولار السوق السوداء إلى هاجس يرافق اللبنانيين في حياتهم اليومية، وبات الخبر عن ارتفاعه أو انخفاضه مادة إخبارية دسمة تفوق بأهميتها أي خبر يتصل بانتخاب رئيس للبلاد في ظل فراغ رئاسي يرتد سلبا على الداخل.
فرض التخبط السياسي في مقاربة الاستحقاقات الدستورية، وتمدّد الانهيار نحو الأسواق المالية والاقتصادية، إيقاعًا تصاعديًا على دولار السوق السوداء الذي شهد هذا الأسبوع تقلبات قد تتحول الى ثبات في الارتفاع خصوصًا وأنّ البعض يتوقع ارتفاعه إلى 50 الف ليرة. فهل ما يُحكى صحيح أم مجرد "تنجيم"؟
الخبير الاقتصادي والمالي البروفيسور جاسم عجاقة يعدد عبر "المركزية" العوامل التي قد تؤثر على ارتفاع سعر صرف الدولار في الاسابيع والاشهر المقبلة، وأبرزها:
- الدولار الجمركي والتعميم 151
يتوقع عجاقة رفع الدولار الجمركي الاسبوع المقبل الى 15 ألف ليرة وفق ما أقرّه في مجلس النواب، على أن يواكبه تعديل للتعميم 151 الذي سيرفع الدولار المصرفي من الـ 8.000 آلاف ليرة الى 15.000 ألف ليرة.
وبرأي عجاقة، سيكون لهذين العاملين تأثير تضخمي إلزامي على الاسعار، حيث سيعمد التجار الى رفع أسعار السلع بنحو 20 في المئة بأقل تقدير، وهي النسبة التي سيدفعها الشاري للتجار نقدا، ما يعني مزيدا من طبع العملة من قبل المركزي، واستطرادا رفع حجم الكتلة النقدية في السوق، وهنا سيُسبب التضخم حكمًا، ارتفاعًا في دولار السوق السوداء.
رغم أنّ التجار بادروا منذ شهر أيلول المنصرم إلى استيراد السلع وتخزينها في المستودعات ليتم بيعها لاحقًا للمواطنين على أساس خضوعها للدولار الجمركي الجديد فيحققون منها أرباحا طائلة.
- الواقع السياسي
الاجواء السياسية كان لها ارتداد سلبي، ولم تساعد على لجم سعر الصرف. وفي السياق، يلفت عجاقة الى أن تدخل المركزي في السوق من خلال التعميم الذي صدر عن الحاكم قبل أيام من مغادرة الرئيس السابق ميشال عون قصر بعبدا، والذي أعلن فيه ان مصرف لبنان سيكون بائعا للدولار، لم يقابله إطمئنان سياسي ولا ثقة من قبل المواطنين وحتى التجار، ما أبقى الطلب على الدولار مرتفعا، فإرتفع سعره مجددا.
- التهريب
أمّا العامل الابرز لارتفاع الدولار فهو التهريب، الذي لا يزال ناشطًا والى ازدياد، خصوصًا تهريب المحروقات الذي ارتفع الطلب عليه بشكل كبير على أبواب فصل الشتاء، وهذا ما يبرر برأي عجاقة ارتفاع سعر المازوت بشكل كبير كاسراً التقليد المعتمد حيث كان سعر صفيحة المازوت يوازي نصف صفيحة البنزين فيما نرى العكس اليوم.
- تمويل الكهرباء
عامل أساسي دخل أيضًا على خط رفع سعر صرف الدولار في السوق الموازية وهو تمويل الكهرباء من احتياط المركزي بالعملة الصعبة، خصوصًا بعد موافقة المركزي على تأمين 700 مليون دولار لمواكبة خطة الكهرباء.
في المحصّلة، يؤكد عجاقة أنّ هذه العوامل تدفع بدولار السوق السوداء صعوداً، رافضًا في الوقت نفسه تحديد الرقم الذي قد يرسو عليه لأنه يتحول بذلك الى نوع من "التنجيم".
المركزية