سوريا آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

عناد الأسد ساهم في الإطاحة به.. هذا ما كشفته "لوفيغارو"!‏

عناد الأسد ساهم في الإطاحة به.. هذا ما كشفته

كشفت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية عن كواليس المُحادثات السرّية التي أجراها ‏دبلوماسيون سوريون مع مسؤولين أميركيين، تحقيقاً لرغبة واشنطن في التقارب ‏مع دمشق، الأمر الذي رفضه بشدّة الرئيس السوري السابق بشار الأسد، ما أثار ‏استغراب ودهشة كبار المسؤولين من الجانبين، وساهم في الإطاحة به بعد أشهر ‏قليلة.‏

وفي معلومات تُذكر للمرّة الأولى، كشف مراسل "لو فيغارو" الخاص في دمشق، ‏المُختص بشؤون الشرق الأوسط جورج مالبرونو، أنّه في أوائل عام 2024، ‏أرسلت إدارة جو بايدن رسالة إلى الرئيس السوري عبر دولة عربية أوفدت ‏بدورها مسؤولاً كبيراً إلى دمشق للقاء رئيس الدبلوماسية السورية آنذاك فيصل ‏المقداد.‏

ونقل المسؤول العربي الرسالة التالية: "واشنطن مُهتمّة ببدء مُحادثات سرّية حول ‏قضايا مُعيّنة من أجل تحقيق تقدّم تدريجي في نهاية المطاف بشأن قضايا أخرى".‏

وكان ردّ بشار الأسد سريعاً وغريباً: "لا، نحن لا نتحدّث مع الأميركيين". وبعد أن ‏بدت على السياسي الضيف علامات الذهول والاستغراب من الرفض، تواصل مع ‏زعيم بلاده الذي اتصل فوراً بالأسد ليُخبره أنّه "من غير المنطقي رفض قناة نقاش ‏مع الولايات المتحدة".‏

لكن أخيراً، تمّ إرسال وفد سوري إلى تلك الدولة العربية، برئاسة الدبلوماسي ‏السابق عماد مصطفى، الذي كان يتمتع بخبرة كبيرة بعد أن عمل سفيراً لدى ‏الولايات المتحدة ثم الصين. وفي المقابل، وفي إشارة إلى جدّية واشنطن، أرسل ‏الرئيس الأميريدكي جو بايدن، بريت ماكغورك، أحد مبعوثيه الشخصيين إلى ‏الشرق الأوسط.‏

وأحيط عماد مصطفى باثنين من قادة الاستخبارات السورية لحضور المُفاوضات ‏مع الوفد الأميركي، وهي مناورة كلاسيكية في نظام كان يُراقب فيه الجميع بعضهم ‏بعضاً. وفي اليوم السابق لمُغادرتهم، كرّر بشار الأسد التعليمات لهم "لا تحلموا ولو ‏للحظة واحدة بأنكم ستتفاوضون مع الأميركيين!"، وشدّد عليهم "يجب أن تقولوا لا ‏لكلّ ما يعرضونه عليكم".‏

ووجد الوفد السوري نفسه مُتورّطاً في هذه الدبلوماسية الصعبة عاجزاً عن فهم ‏منطق زعيمهم، وقال أحد أعضاء الوفد للصحيفة الفرنسية وهو يشعر بالمرارة من ‏تفويت مثل هذه الفرصة: "كانت بلادنا في وضع صعب للغاية، وكانت معزولة ‏تماماً على الساحة الدولية، وكان الناس فقراء، وكان علينا أن نقول لا لأيّ اقتراح ‏من شأنه، على العكس من ذلك، أن ينتشلنا قليلاً من الهاوية".‏

وخلال التفاوض، قدّم بريت ماكغورك العرض الأميركي: "نريد من سوريا أن ‏تتعاون معنا للعثور على أوستن تايس، الصحافي الأميركي الذي اختفى عام 2012 ‏في إحدى ضواحي دمشق".‏

وتابع ماكغورك: "وبما أننا نعلم أنكم لا تفعلون أي شيء بالمجّان، فإذا وافقتم على ‏العمل معنا بشأن تايس، فإننا سنوافق على سحب قواتنا حول حقلي النفط كونوكو ‏والعمر في شمال شرق سوريا، وستحل قواتكم محل قواتنا، لكن لدينا شرطين: أن ‏تكون قواتكم فقط هناك وليست فصائل شيعية موالية لإيران، وألا تُستخدم هذه ‏المناطق المُحيطة بالآبار النفطية لمُهاجمة جنودنا".‏

وفي نهاية جلسة المُفاوضات الأولى هذه، أخذ بريت ماكغورك أحد محاوريه ‏السوريين جانباً ليطلب منه تبادل أرقام واتساب الخاصة بهم حتى يتمكنوا من ‏‏"التواصل بشكل مباشر".‏

واتفق الفريقان على اللقاء مُجدداً بعد ثلاثة أسابيع. لكن على الجانب السوري، ‏انفجر بشار الأسد غضباً: "من سمح لك بإعطاء رقم هاتفك؟" طالباً حذف رقم ‏ماكغورك أمام عينيه فوراً، ثم تأتي جملة "لن تعود إلى هناك".‏

وبعد أن علموا بالرفض السوري غير المنطقي، تدخل زعماء عرب لإقناع الأسد ‏بتغيير رأيه، فوعدهم في البداية، ولكن عبثاً.‏

ولقتل المبادرة نهائياً، أرسل الأسد، الذي زعم موافقته في البداية، رسالة بعد أيّام ‏قليلة تقول "انسوا الأمر، لقد توقفنا"، وهكذا تمّ إخبار الأميركيين، الأمر الذي أثار ‏غضب واشمئزاز الدبلوماسيين السوريين لتفويت بلادهم مثل هذه الفرصة التي ‏كانت ستُعدّ انتصاراً سياسياً واقتصادياً لبلادهم مع استعادة عدد من أهم حقول ‏النفط.‏

وبحسب مصادر عدّة، فإنّ الرفض النهائي للأسد جاء في تشرين الأول الماضي، ‏قبل أسابيع فقط من انطلاق معركة حلب، التي كانت بمثابة مُقدّمة لسقوطه، في ‏الثامن من كانون الأول.‏

وأظهر بشار الأسد العناد عينه عندما قال لا لتركيا التي أرادت التفاوض معه حول ‏مصير إدلب، في حين حاولت إيران وروسيا والعراق إقناعه بلقاء الرئيس رجب ‏طيّب أردوغان. وحسبما يذكر أحد مصادر "لوفيغارو" فإنّه من غير المُستغرب إذاً ‏أنّ جميع حلفاء الأسد قد تخلّوا عنه في نهاية المطاف عندما انهارت قواته، مما ‏أجبره على مُغادرة دمشق.‏

يقرأون الآن