تمتنع الإدارة الأميركية منذ عودة الرئيس دونالد ترامب عن الإدلاء بتصريحات حول سياستها في سوريا، واقتصر الموقف الرسمي خلال الأيام الماضية على بيان من وزير الخارجية ماركو روبيو، رحّب فيه بتوافق الحكومة الانتقالية مع قوات سوريا الديموقراطية على إيجاد مخرج لعلاقة هذه القوات مع الرئاسة السورية والقوات العسكرية التي تنشئها.
التصريحات الأخرى شددّت على مسألة احترام الأقليات العرقية والدينية وكانت ردّ فعل على ما حصل في منطقة الساحل السوري، فيما أدلى تيم ليندركينغ، وهو القائم بمهمات مساعد وزير الخارجية، ببيان أمام معهد الشرق الأوسط وقال إن الولايات المتحدة تريد من الحكومة السورية الحالية أن تطرد كل العناصر الأجنبية الموجودة في أطر القوات العسكرية والأمنية السورية، لكنه لم يتحدّث الصيغة التي تتعامل فيها حكومته مع الحكومة السورية الحالية.
في غياب سياسة رسمية، أكدت مصادر موثوقة في العاصمة الأميركية لـ "العربية" و"الحدث" أن مسؤولين في البيت الأبيض عقدوا مشاورات مع شخصيات سورية وغير وسورية، للتباحث في الموقف وما يجب أن تكون عليه سياسة الرئيس الحالي دونالد ترامب من سوريا.
تحدّث أحد المشاركين في هذه المشاورات "أن فريق ترامب في مجلس الأمن القومي ينظر الآن إلى سوريا من باب مكافحة الإرهاب" وقد عبّر هذا الفريق الأميركي عن شكوك ضخمة في شخص وتوجهات أحمد الشرع الرئيس السوري الحالي، وفي المنظومة الأمنية والعسكرية والمدنية الحاكمة معه.
تقديرات العاملين في الإدارة الأميركية، تقول إن الشرع وهيئة تحرير الشام هما رئيس وتنظيم انطلق من شبكة القاعدة الإرهابية، والأشخاص المعروفون في الهيئة وعناصرها يحملون عقيدة متطرفة ومارسوا العنف، وسيكون من الصعب جداً أن تثق الولايات المتحدة الأميركية بحكم مبنيّ على مجموعة لها تاريخ إرهابي، وحتى إن بدت الآن وكأنّها تغيّرت، "فلا شيء يضمن ما سيفعله الشرع ومجموعته خلال سنتين".
يطابق هذا الكلام الأميركي كلام الحكومة العراقية الحالية التي أبلغت الأميركيين منذ أسابيع أنها تريد من القوات الأميركية البقاء في العراق من ضمن مهمة مكافحة داعش، وأن تتخلّى واشنطن عن الحدّ الأقصى الذي تمّ وضعه سابقاً بناء على طلب الحكومة العراقية.
فالحكومة العراقية التي وضعت برنامجاً لإنهاء مهمة القوات الأميركية في شهر سبتمبر (أيلول) من العام الحالي من كافة مناطق سيطرتها المباشرة، ومن كردستان العراق في شهر سبتمبر (أيلول) من العام 2026 تعتبر الآن أن وجود تنظيم متطرف وجذوره عميقة لدى تنظيم القاعدة وداعش مسألة مقلقة بشكل كبير "ولا يمكن أن نثق بما سيفعله بعد سنتين".