ماذا بعد تحرير الخرطوم من ميليشيات الدعم السريع؟!
هذا هو السؤال الذى يتردد الآن بعد نجاح الجيش السودانى فى إحكام سيطرته على العاصمة السودانية «الخرطوم»، وزيارة الفريق عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة، العاصمة مؤكدًا «أن الخرطوم حرة وانتهى الأمر».
اتجهت قوات الدعم السريع إلى معقلها فى إقليم «دارفور» غرب السودان ليكون ذلك هو معقلها الأخير على أمل تصفيته وعودة سيادة الجيش السودانى على كامل الأراضى السودانية.
فى ١١ إبريل عام ٢٠١٩ تم إسقاط الرئيس السودانى عمر البشير، ليتولى الحكم فى السودان مجلس انتقالى، غير أن المجلس الانتقالى تباطأ فى تنفيذ نقل السلطة عبر الاستحقاقات الانتخابية المتعارف عليها.
وضع المجلس الانتقالى عدة جداول زمنية لنقل السلطة لكن لأسباب غير معلنة لم يتم تنفيذ هذه الجداول التى تم وضعها من جانب المجلس الانتقالى نفسه.
أعتقد أن الصراع المكتوم بين البرهان رئيس المجلس الانتقالى ونائبه «دقلو» كان السبب فى عدم تنفيذ هذه الجداول الزمنية، وترحيلها فى كل مرة إلى مدد زمنية جديدة.
أدى ذلك إلى انشقاق قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، وبدء حرب أهلية بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع.
اضطر البرهان تحت ضغط قوات الدعم السريع إلى مغادرة العاصمة السودانية «الخرطوم»، ونقل مقر الحكم إلى «بورتسودان» لتبدأ مرحلة جديدة من الصراع فيما بين «البرهان» و«دقلو».
نجح الجيش السودانى فى «لملمة» جراحه، وبدأ حرب استعادة المناطق التى قامت قوات الدعم السريع بالاستيلاء عليها، حتى كانت موقعة الخرطوم الأخيرة التى نجح فيها الجيش السودانى فى تحرير كامل العاصمة وطرد قوات الدعم السريع من كل مناطقها.
لا تزال هناك «المعركة الأخيرة» التى يستعد لها الجيش السودانى، والمتعلقة بتحرير مناطق سيطرة الدعم السريع فى «دارفور».
خريطة القوى الموجودة الآن توضح بجلاء قدرة الجيش السودانى على استعادة تلك المناطق خلال المرحلة المقبلة فى ظل انهيار قوات الدعم السريع، وهروب العديد من قياداته، خاصة فى ظل غياب محمد حمدان دقلو منذ فترة، ووجود تسريبات متعددة حول وفاته أو هروبه إلى الخارج.
يبقى السؤال قائمًا: ماذا بعد انتصار الجيش وإنهاء تمرد قوات الدعم السريع؟
الإجابة لدى الفريق البرهان، وأتمنى لو كانت إجابة واضحة بعيدًا عما حدث منذ ٦ سنوات حينما تولى مجلس السيادة السودانية قيادة السودان بعد سقوط البشير.
لابد من خريطة طريق واضحة ومحددة بجدول زمنى ملزم وقصير للغاية لبدء الاستحقاقات الانتخابية البرلمانية والرئاسية، وإعداد دستور جديد للبلاد.
هذا هو الطريق الوحيد الآمن لإنقاذ السودان من المصير المجهول المحتمل، ومحاولات تقسيمه إلى ٣ دويلات طبقًا للمخططات الاستعمارية ذات الصلة.
أتصور ألا تزيد المرحلة الانتقالية الجديدة على عام واحد فقط، ويكفى ٦ سنوات منذ سقوط البشير حتى الآن.
اللحظة الآن مناسبة فى السودان فى ظل التفاف الشعب السودانى حول قواته المسلحة، وهزيمة تمرد ميليشيات الدعم السريع، لكن يبقى قرار الإنقاذ بيد البرهان بعيدًا عن التسويف والمماطلة، والأيام المقبلة كفيلة بإثبات حسن النوايا والمواقف لإنقاذ الشعب السودانى من معاناته الخانقة، وإنقاذ دولة السودان من التقسيم والتفتيت.
المصري اليوم