حالة من التوتر تسود بين أمريكا وإيران منذ الأيام القليلة الماضية، وتزيد حدتها ساعة بعد أخري، خاصة مع تهديدات ترامب الصريحة بضرب إيران، والتى قوبلت برد إيرانى مماثل (ضرب قواعد أمريكية)، ومثل هذه الرسائل التهديدية بين البلدين لا تتوقف، وآخرها إرسال الولايات المتحدة الأمريكية قاذفات «بى 2» الإستراتيجية إلى الشرق الأوسط، وإرسال حاملة طائرات جديدة إلى قاعدة عسكرية أمريكية فى جزيرة «دييجو جارسيا»، وهى واحدة من أهم المنشآت العسكرية الأمريكية فى المحيط الهندي، حيث لعبت دورًا رئيسيًا فى الحروب التى خاضتها الولايات المتحدة بالمنطقة، بما فى ذلك الحروب فى العراق وأفغانستان.
أعتقد أن العلاقات الأمريكية ـ الإيرانية تقترب من لحظة الحقيقة، فالبلدان فى مسار تصادمي، وحرب الاتهامات والتهديدات تبلغ ذروة غير مسبوقة، والتقديرات بشأن مآلات هذه العلاقات تتراوح ما بين اتفاق جديد يخصم من رصيد إيران فى اتفاق فيينا 2015، و«سيناريو الجحيم» الذى وعد به ترامب القيادة الإيرانية.
وأخيرا، فإن ركام التصريحات الأمريكية، وبعضها قد يناقض الآخر، يشى بأن ثمة «تباينا» داخل هذه الإدارة، ولا أقول انقساما، بين من يريد إعطاء الدبلوماسية فرصة إضافية مصحوبة بـ«أقصى الضغوط»، ومن يريد الانتقال مباشرة إلى آخر العلاج (الكى بالنار)، وأحاديث عن عقوبات إضافية، وتجفيف موارد، وخنق اقتصادى مصحوبة بتكثيف قنوات التفاوض غير المباشر، وربما المباشر، مقابل تجييش، وتحشيد عناصر القوة الصلبة، من حاملات طائرات، وقاذفات، وقنابل عملاقة يجرى استنفارها لليوم الموعود، حين يقرر ترامب فتح أبواب لجهنم أخري، فى حين هناك رهان آخر على أن «التلويح بالجحيم» ليس سوى تكتيك تفاوضي، وشكل من أشكال التباحث تحت النار، باعتبار أن إدارة ترامب لا تريد حروبا، وأن الرجل جاء إلى البيت الأبيض بوعد صنع «سلام القوة»، ويرى آخرون أن طوفان التوحش والحرب الاقتصادية الذى أطلقته الإدارة، وانجرفت إليه على كل الجبهات يجعل من الصعب استبعاد سيناريو الانفجار، فالحد الأدنى مما تريده أمريكا قد لا يلتقى مع الحد الأقصى من التنازلات التى ترغب إيران فى تقديمها.. وغدا نكمل الحديث.
الأهرام