كشفت دراسة جديدة أن اختبار اللعاب المنزلي قد يتفوق على الفحوصات التقليدية المستخدمة حاليًا في التنبؤ بخطر الإصابة بسرطان البروستاتا، ثاني أكثر أسباب الوفاة المرتبطة بالسرطان شيوعًا بين الرجال في المملكة المتحدة.
ويعتمد هذا الفحص الجيني، الذي يقيم 130 متغيرًا وراثيًا، على ما يُعرف بـ "درجة الخطر متعددة الجينات" (PRS) لتقدير احتمال الإصابة بالمرض. وقد تبين أن هذا المؤشر أقوى من اختبار الدم القياسي المستخدم في هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية، والذي يقيس مستويات بروتين يُعرف باسم "مستضد البروستاتا النوعي" (PSA).
وقالت البروفيسورة روز إيلز، التي قادت الدراسة في معهد أبحاث السرطان بلندن:
"بفضل هذا الاختبار البسيط وغير المكلف نسبيًا، يمكننا تغيير مسار سرطان البروستاتا. لقد أثبتنا فاعليته في الكشف المبكر، خاصة لدى الرجال من أصول أوروبية المعرضين لخطر أعلى بسبب تركيبتهم الجينية."
وأُجريت الدراسة ضمن مشروع بحثي طويل الأمد حمل اسم "باركود 1"، وشملت أكثر من 6000 رجل تتراوح أعمارهم بين 55 و69 عامًا. أظهرت النتائج أن نحو 40% من الرجال الذين سجلوا أعلى 10% في درجة الخطر الجيني تم تشخيصهم بسرطان البروستاتا، مقارنة بـ 25% ممن سجلوا مستويات مرتفعة في فحص PSA.
كما أظهر اختبار اللعاب قدرة أعلى على الكشف عن الأنواع العدوانية من السرطان، إذ شكلت السرطانات العدوانية 55.1% من الحالات التي اكتُشفت باستخدام الاختبار الجيني، مقارنة بـ 35.5% باستخدام فحص PSA.
وبعد تطوير نسخة محدثة من الاختبار لتشمل متغيرات جينية خاصة بالرجال من أصول آسيوية وأفريقية، يعمل الباحثون حاليًا على تقييم أدائه في دراسة جديدة.
رغم هذه النتائج الواعدة، إلا أن الخبراء حذروا من أن استخدام هذا الفحص على نطاق واسع لا يزال بعيدًا.
وقال البروفيسور دوسكو إليتش من كلية كينغز كوليدج لندن، إن الاختبار لم يُحسّن الكشف عن السرطان إلا بشكل طفيف عند استخدامه بجانب الفحوصات التقليدية، مشيرًا إلى الحاجة إلى مزيد من الأبحاث لتحديد تأثيره على معدلات النجاة وجودة الحياة.
من جهته، وصف البروفيسور مايكل إينوي من جامعة كامبريدج الدراسة بأنها "علامة فارقة" في مجال استخدام علم الوراثة لتقييم مخاطر السرطان، لكنه أكد أن الطريق لا يزال طويلًا نحو تطبيقها في الممارسة السريرية اليومية، وربما تمضي سنوات قبل أن تُدرج في برامج الفحص التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية.
يُذكر أن فحص PSA الحالي لا يُقدم بشكل روتيني، لكن يمكن للرجال فوق سن 50 طلبه من طبيبهم العام.
ومع ذلك، تُظهر الإحصاءات أن الاختبار يشير بشكل خاطئ إلى احتمال الإصابة في 3 من كل 4 حالات، مما يؤدي إلى علاجات غير ضرورية قد تشمل آثارًا جانبية مثل سلس البول أو الضعف الجنسي.
ويأمل الباحثون أن يُسهم هذا الفحص الجيني الجديد في تجنيب آلاف الرجال العلاجات غير الضرورية، مع تعزيز القدرة على اكتشاف الحالات التي تتطلب تدخلًا مبكرًا.