لبنان

هجوم معاكس لـ"حزب الله".. وأورتاغوس أشعلتها بكلمة

هجوم معاكس لـ

كل الطرق تؤدي إلى النقطة صفر. هكذا أمكن اختصار المسار المستجدّ الذي سلكه ملف "بسط الدولة سيادتها على كامل أراضيها بقواها الذاتية حصراً واحتكارها حمل السلاح"، بعدما عاجل "حزب الله" لبنان الرسمي بـ"إنزالٍ" أقرب إلى "الهجوم المعاكس" الذي أوقف عملياً "عقارب الساعة" التي كان رئيس الجمهورية العماد جوزف عون أعلن أنها بدأت تتحرك في اتجاه ترجمة بـ "الحوار الثنائي" (مع الحزب) لـ "القرار المتخذ" (بحسب كلام عون) بحصر السلاح بيد الدولة.

وجاءت كلمة الأمين العام لـ "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم ليل الجمعة، أقرب إلى "صفعة"، بقفازات للسلطات اللبنانية و"بلا رقابة" لخصومه في الداخل كما للخارج، بلغة "الخيخة" والـ "بعبعة" و"طويلة على رقابكم نزع سلاح المقاومة"، في ما بدا تتويجاً لما وُصف بأنه "7 أيار سياسي" (إسقاطاً على 7 أيار 2008 حين نفذ الحزب عملية عسكرية في بيروت والجبل) بدأ بكلام القيادي محمود قماطي عن "أن اليد التي ستمتد إلى سلاحنا ستُقطع"، وصولاً إلى شتم مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا من يتحدثون عن سحب السلاح "الذي يقول الإسرائيلي إنه الصواريخ والمسيّرات" وتوجهه إليهم "يا هبل ويا غشماء، سلاح الداخل هو خطر عليكم".

ولم يعد ممكناً التعاطي مع استعادة "حزب الله" المخاشنة مع الداخل والخارج إلا على أنه من ضمن عملية "ارتداد" متدحرجة على "البناء السياسي" التراكمي الذي أطلقه الرئيس عون وبلغ أوجه مع بدء حكومة الرئيس نواف سلام "وضع يدها" على مسار حصر السلاح بيد الدولة، جنوب الليطاني وشماله، ومتابعته "خطوة خطوة" عبر "خريطة بيانية" موثقة من الجيش وقائده العماد رودولف هيكل، وذلك في ملاقاة استعجال خارجي لبتّ هذه القضية "بأسرع وقت ممكن"، كما كانت أعلنت من بيروت الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس.

ومن دون مواربة، وعلى طريقة "الكلام لك يا كنة واسمعي يا جارة"، رسم قاسم "خطاً أحمر بالعريض" حول سلاح "حزب الله" الذي "لن نسمح بنزعه أو سحبه" معلناً في شكل غير مباشر أن الحزب هو من يحدّد "المكان والزمان المناسبين" للحوار وطاولته والذي عرّفه على أنه حول "الاستراتيجية الدفاعية وهذا موضوع لا علاقة له بنزع أو سحب سلاح"، ومتحدثاً عن 3 قواعد لبحثها تقوم على "حماية سيادة لبنان وتحرير أرضه ووقف كل أشكال العدوان الإسرائيلي، واستثمار قوة المقاومة وسلاحها ضمن هذه الاستراتيجية بما يحقق التحرير والحماية، ورفض أي خطوة فيها إضعاف للبنان"، وذلك بعد أن تتحقق 3 أولويات هي "انسحاب اسرائيل من الأراضي التي تحتلها، ووقف اعتداءاتها بما فيها الطيران في الجو، وأن تبدأ الدولة اللبنانية بالالتزام بإعادة الإعمار (…) وهذا سيكون مدخلاً لنقاش الاستراتيجية الدفاعية".

ولم يوفر قاسم الحكومة التي شنّ عليها هجوماً قاسياً متهماً إياها بأنها لم تنجز ما عليها "بالديبلوماسية التي قالت إنها ستحقق عبرها الهدف" لجهة جعل إسرائيل تطبق الجزء المتعلق منها من اتفاق وقف النار الذي كرّر أنه محصور بجنوب الليطاني وأنه المرحلة الأولى من تطبيق القرار 1701، وتوجّه إليها "اذهبي واضغطي على الأميركي وقولي له لا يمكن أن يسير الأمر هكذا، قفوا بصلابة، ليس كلما قال لكم الأميركي شيئاً تقولون له: سمعاً وطاعة، وخائفين، اضربوا أرجلكم بالأرض (…) اذهبوا وأكملوا أولاً الإعمار، وتعالوا ناقشونا بعد ذلك بالاستراتيجية الدفاعية"، وذلك بالتوازي مع تهديد الداخل بـ"سنواجه من يعتدي على المقاومة، ومن يعمل من أجل نزع السلاح – بحسب التعابير التي يستخدمونها – كما واجهنا إسرائيل، سواء كانت إسرائيل أم أميركا أم أي أذناب لهما".

وفي الوقت الذي بلغت مقاربة قاسم حد تفسير أن المقصود بـ "حصر السلاح بيد الدولة هو سلاح الأمن الداخلي، أما المقاومة فسلاحها حصراً مرتبط بمواجهة العدو الإسرائيلي"، فإنها عكست في جوهرها سردية معاكسة لما يعمل عليه لبنان الرسمي الذي لم يربط بدء مناقشة سحب السلاح، تلازمياً، بانسحاب إسرائيل أولاً ووقف اعتداءاتها، وسط كلام كانت نقلته أورتاغوس بأن تل أبيب تعتبر أن بقاء سلاح الحزب يعني أن بيروت لم تطبق الجزء المتعلق بها من اتفاق 27 تشرين الثاني، في ظل اعتبار أوساط مطلعة أن عودة الكباش الشائك بين أيهما أولاً، "الانسحاب أو سحب السلاح"، ثم ربط حزب الله الصريح بين السلاح والتوافق على استراتيجية دفاعية تكون ترسانته جزءاً منها وله "الكلمة" فيها و"الفيتو" تالياً عليها، تعمّق الشكوك بإزاء مآلات هذا الملف البالغ الحساسية والذي يتعاطى معه الرئيس عون بأفق يحمل هواجس تتعلق بالسلم الأهلي.

"انقلاب" سياسي!

وفي حين بدا كلام قلسم  تعبيراً عن الشق اللبناني من ملف السلاح، لم يكن عادياً أن يتولى السفير الإيراني في بيروت مجتبى أماني وبعد إطلالة قاسم تظهير البُعد الإيراني مما وُصف بأنه "انقلاب" سياسي، وسط توقف الأوساط المطلعة عند تعمّد إطلاق هذه المواقف عشية الجولة الثانية من المفاوضات بين واشنطن وطهران في روما أمس والتي "ربطت" مع محطة جديدة السبت المقبل في عُمان "سترتقي" إلى المستوى السياسي بعد "جولة خبراء" الأربعاء، وخشية من أن يكون مآلها، بلوغاً لاتفاق أو خصوصاً فشلاً في الوصول إليه، "باب رياح ساخنة" على لبنان الذي تسود مخاوف من أن يدفع ثمن أي تفاهم إيراني – أميركي إطلاقاً ليد إسرائيل لتحقيق هدفها "النهائي" في ما خص سلاح "حزب الله" الذي يُعتبر بمثابة "نووي الأذرع" بحال أصرّ الحزب على محاولات "عصيان" قرار إنهاء وضعيته خارج الشرعية بـ "توقيت دولي".

فأماني وعبر منصة "إكس" أطلّ بمنشور، ذكرت "وكالة تسنيم للأنباء" أنه كتبه "حول ما يقال عن نزع سلاح حزب الله"، معلناً أن "مشروع نزع السلاح مؤامرة واضحة ضد الدول"، محذراً من الوقوع في فخ الأعداء.

وقال: "فبينما تواصل الولايات المتحدة تزويد الكيان الصهيوني بأحدث الأسلحة والصواريخ، تمنع الدول من تسليح وتعزيز جيوشها، وتضغط على دول أخرى بحجج مختلفة لتقليص أو تدمير ترساناتها".

وأضاف: "عندما تستسلم هذه الدول لمطالب نزع السلاح، تصبح عرضة للهجوم والاحتلال، كما حدث في العراق وليبيا وسورية".

وتابع أن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية تدرك خطورة هذه المؤامرة وتهديدها لأمن شعوب المنطقة. ونحن نحذر الآخرين من الوقوع في فخ الأعداء. الحفاظ على الردع هو خط الدفاع الأول للسيادة والاستقلال ولا ينبغي المساومة عليه".

أورتاغوس و"التثاؤب"

في موازاة ذلك، برز دخول الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس مباشرة على خط الرد على كلام قاسم، حيث عاودت نشر منشور تضمّن مواقف الأمين العام لـ "حزب الله" مكتفية بتعليق "الكلمة الواحدة" بالإنكليزية yawn والتي تعني "التثاؤب" (بمعنى الضجر)، قبل أن تعلّق أيضاً على مقابلة لرئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" السابق وليد جنبلاط اعتبر فيها أن شروطها على لبنان مستحيلة.

وإذ كتبت أورتاغوس عبر "إكس" رداً على جنبلاط "المخدرات مضرة يا وليد"، عاد الأخير ونشر أمس على المنصة نفسها صورة لمحاربيْن (أحدهما بهيئة هيكل عظمي) مع تعليق بالإنكليزية "The ugly American" أي "الأميركي (أو الأميركية) القبيح"، مرفقاً منشوره بهاشتاغ أورتاغوس.

المصدر - الراي الكويتية


يقرأون الآن