شن الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني هجومًا غير مباشر على خامنئي، داعيًا إياه إلى أن يقتدي بـ”خميني” ويقبل بـ"كأس السم النووي" لإنقاذ البلاد، في إشارة إلى قبول اتفاق نووي شامل مع الغرب.
تصريحات روحاني جاءت خلال لقاء مع عدد من معاقي الحرب الإيرانية – العراقية، حيث عبّر بوضوح عن استيائه من إفشال جهود حكومته للتوصّل إلى اتفاق نووي شامل خلال مفاوضات عام 2021، والتي قال إنّها كانت قاب قوسين أو أدنى من النجاح، لولا تدخلات من وصفهم بـ"المعطّلين" الذين أرادوا إفشاله شخصيًا.
الاتفاق النووي الذي لم يُوقَّع
كشف روحاني أنّ عباس عراقچي، الذي كان يقود جولة المفاوضات في ربيع 2021، نجح في انتزاع تنازلات من الجانب الأميركي، من بينها رفع العقوبات المفروضة في عهد ترامب، بل وحتى إزالة اسم "حرس النظام الإيراني" من قائمة الإرهاب. وقال روحاني: “كان ينقص فقط توقيع أخير. لو سُمح لنا حينها، لكُنّا أتممنا الاتفاق في اليوم ذاته.”
وأضاف بوضوح أنّ القرار بعدم التوقيع جاء من أعلى هرم السلطة، أي من خامنئي نفسه، الذي فضّل إفشال الاتفاق من أجل منع نجاح حكومة روحاني، وهو ما اعتبره الأخير تضييعًا متعمّدًا لـ"فرصة ذهبية" في سبيل حسابات داخلية ضيقة.
التلميح إلى خميني و"كأس السم"
في تلميح لافت، قارن روحاني الوضع الحالي بالموقف الذي اتخذه خميني في نهاية الحرب مع العراق، حين قَبِل بقرار وقف إطلاق النار وقال: “حتى الإمام، رغم قوله إن التشكيك في الحرب خيانة للإسلام، انتهى به المطاف إلى تجرّع كأس السم وقبول القرار 598.”
ورأى روحاني أنّ المصلحة الوطنية تتطلب اتخاذ قرارات صعبة، معبّرًا عن أسفه لضياع ما وصفه بـ”الفرصة الذهبية” خلال فترة رئاسته، ومؤكدًا أنّ الوقت قد حان لاستخدام ما تبقّى من الفرص لتفادي الحرب، التي “لا تخدم لا إيران ولا أمريكا ولا المنطقة”.
التفاوض الحالي وتأثيراته
وتابع روحاني: “رغم أنّ المفاوضات الحالية ما زالت في بدايتها ولم يُحسم شيء، إلا أن مجرّد الإعلان عنها أثّر في الأسواق وأعاد شيئًا من الأمل لدى الناس.” وأكّد أنّ أبرز إنجازات الاتفاق النووي السابق هو “إثبات إمكانية التفاهم مع العالم”، معتبرًا أنّ الحل الدبلوماسي يبقى خيارًا واقعيًا وضروريًا.
محللون يرون أنّ تصريحات روحاني الأخيرة ليست مجرّد دفاع عن أداء حكومته السابقة، بل هي رسالة سياسية إلى خامنئي نفسه، يطالبه فيها بتجرّع السمّ النووي، على غرار ما فعله خميني في نهاية الحرب الإيرانية – العراقية، مقابل الحصول على دور في مستقبل المعادلة السياسية.
ومع أنّ روحاني تجاهل كليًا دوره في مواصلة الحرب بعد انسحاب القوات العراقية عام 1982، وما أسفر عنه من مليون قتيل ومليوني جريح ومصاب، فإنّ رسالته الراهنة تحمل في طياتها محاولة للعودة إلى الساحة السياسية، عبر بوابة الملف النووي، ومن خلال تحميل خصومه مسؤولية الانهيار الحالي.
لكنّ خامنئي، الذي طالما استخدم مختلف التيارات داخل النظام لخدمة بقائه، لم يُبد حتى الآن أي استعداد لتنازل نووي حقيقي، لا سيّما في ظل الوضع الإقليمي والدولي المتغيّر. ويرى مراقبون أنّه يدرك نوايا خصومه ويسعى إلى إبقائهم "تحت السيطرة"، دون منحهم قدرة فعلية على التأثير.