في مقهاه الصغير وسط التلال الخضراء بمقاطعة يونان جنوب غرب الصين، يقدّم لياو شيهاو فناً جديداً متزايد الشعبية؛ عبارة عن قهوة محلية بدأت تزاحم الشاي التقليدي في المنطقة التي لطالما اشتهرت بزراعة الشاي.
لمدة قرون، كانت بو آر معقلاً لإنتاج نوع مخمّر من الشاي بنكهة مركّزة يحظى بإقبال واسع في شرق آسيا، إلا أن تغير أذواق الأجيال الشابة، التي أصبحت تفضل القهوة الأميركية واللاتيه، دفع المزارعين المحليين إلى إعادة توجيه جزء من أراضيهم لزراعة البن.
يقول لياو (25 عاماً)، وهو يعد فناجين من القهوة المفلترة لزواره: "في السابق كان الناس يكتفون بالقهوة التجارية، أما اليوم فهم يبحثون عن النكهات الفريدة".
وفي حقل "شياوازي" الذي تديره عائلته منذ ثلاثة أجيال، تنتشر أشجار البن على المنحدرات الظليلة، وتجف الحبات الحمراء على رفوف خشبية تحت الشمس.
وبحسب الإحصاءات الحكومية، بات منتجو قهوة بو آر يبيعون عشرات آلاف الأطنان سنوياً إلى المدن الكبرى مثل بكين وشنغهاي، حيث نشأت "ثقافة قهوة نابضة" يقودها الشباب بين 20 و40 عاماً.
ويؤكد لياو شيهاو أن قهوة بو آر "كريمية القوام، خفيفة المرارة، وتترك أثراً عطرياً مميزاً في الفم".
رغم أن زراعة القهوة هنا تعود إلى عهد قريب (ثمانينيات القرن العشرين)، إلا أن الظروف المناخية المثالية في بو آر أثبتت ملاءمتها لهذا المحصول.
جده، لياو شيوغوي (83 عاماً)، من أوائل من درسوا ثقافة القهوة في الصين، يفاخر قائلاً: "قهوتنا ذات نكهات فاكهية خفية، وتُنتج من دون مبيدات حشرية اصطناعية".
ويضيف ضاحكاً: "القهوة تجدد الشباب وتحفز الخلايا العصبية!"
تشهد القهوة الصينية نمواً مذهلاً رغم بقائها خلف عمالقة الإنتاج العالمي مثل البرازيل وفيتنام، وتتركز معظم الزراعة في مقاطعة يونان، حيث أشاد الرئيس شي جينبينغ أخيراً بالقهوة المحلية كمنتج جدير بتمثيل الصين.
واستجابة لهذه الطفرة، تبنت السلطات سياسات لدعم الإنتاج والاستثمار وزيادة الاستهلاك المحلي، مع الترويج لمزيج جديد من القهوة والسياحة الزراعية.
مزارعة القهوة يو دون (51 عاماً) واحدة من المستفيدين من هذه النقلة؛ إذ ضاعفت دخلها عشر مرات منذ بدأت تحميص البن بنفسها، وفتحت مطعماً يقدم القهوة وأطباق المطبخ المحلي.
وتختصر يو دون التحول بعبارة بسيطة: "في السابق كانت القهوة للأغنياء فقط، أما اليوم.. فهي للجميع."