لبنان

جنبلاط يعلّق على رفض التمديد للواءين العرم واسحق: ابتزاز سياسي ورئاسي

جنبلاط يعلّق على رفض التمديد للواءين العرم واسحق: ابتزاز سياسي ورئاسي

لم يكن ينقص الجيش، رغم المعاناة التي يمرّ بها، إلا إدخال خلافات القوى السياسية الممثلة في الحكومة الى جسم المجلس العسكري بعد رفض وزير الدفاع موريس سليم التمديد المقترح والمرفوع من قائد الجيش العماد جوزف عون لرئيس الأركان اللواء أمين العرم والمفتش العام في المجلس العسكري اللواء ميلاد اسحق. ويتقاعد الاثنان في 24 الجاري و25 منه.

وسبق لقائد الجيش وسلفه العماد جان قهوجي أن اعتمدا مثل هذا الإجراء وجرى التمديد بسلاسة لأكثر من ضابط بالتنسيق مع وزير الدفاع سواء في المجلس العسكري أو في مديرية المخابرات. وتأتي هذه الإشكالية اليوم في توقيت حسّاس وسط جملة من المواجهات الدستورية وغيرها بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وعدد من الأفرقاء من جهة مع رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل من جهة أخرى. ولم يعد خافياً مدى تأثير الأخير على سليم الرافض لاقتراح قائد الجيش.

سبق للمؤسسة العسكرية أن لجأت في أكثر من مرة الى تأجيل "التسريح العسكري" ولم يأخذ كل هذه الضجة على عكس التعاطي مع مسار الحالة الراهنة نتيجة عدم وجود رئيس للجمهورية فضلاً عن التخبّط الدائر حيال انعقاد جلسات الحكومة ومن يوقع مراسيمها في وقت يشدّد فيه الوزراء العونيون على مهرها بتوقيع الـ24 وزيراً. ولاقى اقتراح قائد الجيش قبول رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي استند فيه الى المادة 55 في قانون الدفاع الوطني التي تتحدث عن تأجيل التسريح. وجاء فيها "يؤجّل تسريح المتطوّع ولو بلغ السن القانونية في الحالات الآتية:

- إذا كان في وضع اعتلال لم يبتّ به. وفي هذه الحالة يبقى بصفته السابقة حتى صدور مقررات اللجنة الصحية.

- بناءً على قرار وزير الدفاع الوطني المبني على اقتراح قائد الجيش في حالات الحرب أو إعلان حالة الطوارئ أو أثناء تكليف الجيش بالمحافظة على الأمن".

ومن هنا عمل قائد الجيش بمضمون ما ورد في هذه المادة.

وفي زحمة الغوص في هذا الملف الذي سيحرق أصابع العسكريين بفعل خيارات سياسية متباعدة لا شيء يمنعها أو يردعها عن تعطيل المؤسسات حتى لو كانت في مرتبة المؤسسة العسكرية وحساسية الدور الذي تقوم به بعيداً من طرح ترشيح قائدها للحلول في رئاسة الجمهورية.

ولم يتضح بعد ما سيقدم عليه وزير الدفاع وفريقه في كيفية تعبئة موقعين أساسين في المجلس العسكري ومن سيحل بدل اللواءين العرم وإسحق، مع إشارة العونيين الى اعتراض المختارة على اسم ضابط درزي مطروح أن يقوم بالوكالة بموقع رئيس الأركان. وإضافة الى مادة الخلاف هذه لم تُعرف بعد كيفية تسوية التعاطي مع ترقيات الضباط المهددة بدورها بالتعطيل وكأنه لا يكفيهم تآكل رواتبهم بالليرة أمام الدولار شأن كل العاملين في القطاع العام.

ولا يمكن حيال ما يرافق هذا الملف عدم ربطه بالكباش السياسي وتحديداً حيال موقع رئيس الاركان الذي يشغله ضابط درزي. وتعتقد مصادر قيادية في الحزب التقدمي الاشتراكي أن باسيل يمارس ضغوطاً على سليم ظناً منه أنه بهذه الطريقة يستطيع التأثير على رئيس الحزب وليد جنبلاط. وتقول المصادر إن الحزب هنا يغلّب المصلحة الوطنية ويضع اقتراح العماد جوزف عون في المكان الصحيح والمطلوب بغية تسيير شؤون المؤسسة العسكرية، وإن المسألة أبعد من طائفة رئيس الأركان.

وسبق أن تقدّم النائبان في "اللقاء الديموقراطي" بلال عبد الله وهادي أبو الحسن باقتراحين لتأخير تسريح الضباط العاملين في الجيش والقوى الأمنية ولم يسلكا طريقهما في مجلس النواب لجملة من الاعتبارات والحسابات الظاهرة وغير الظاهرة. وإن بقي سليم على رأيه ولم يوقع اقتراح قائد الجيش تبرز حساسية درزية لا يمكن القفز فوقها بسهولة.

ورداً على سؤال لـ"النهار" حيال ما يحدث في المجلس العسكري يقول جنبلاط "يتذرع وزير الدفاع بأن التمديد لرئيس الأركان الحالي ليس قانونياً مع التذكير بأنه سبق التمديد لرئيس الأركان السابق اللواء وليد سلمان". ويضيف "تأخر قائد الجيش قليلاً في تقديم اقتراحه (بالتمديد للعرم واسحق)".

ويصف ما يحصل حيال هذا الملف وغيره بـ"الابتزاز السياسي من جهة والابتزاز الرئاسي من جهة أخرى".

وإلى أين يتجه البلد في خضم كل هذه المناكفات المفتوحة وعرقلة سير عمل المؤسسات وسيرورتها؟ يرد جنبلاط "البلد يغرق وبعض القوى السياسية لا تنتخب رئيساً للجمهورية مع تشكيك البعض الآخر في شرعية انعقاد جلسات مجلس الوزراء". ويخلص الى القول إن "ما يحصل هو ضروب من اللامعقول".

وبعد كل هذه الفصول والمناكفات بين القوى الساسية والكتل النيابية التي تسهم في عرقلة الوزارات والإدارات ودخولها في حرب توقيع المراسيم لن يبقى أمام وزارة الأشغال العامة إلا أن ترفع لافتة كبيرة عند نقطة خروج المسافرين من الطائرات في مطار رفيق الحريري: "أهلاً وسهلاً بكم في جمهورية التعطيل"!

يقرأون الآن