يطوي اللبنانيون الصفحات الأخيرة من عام 2022، سنة حملت الكثير من المآسي والأزمات وسُجّلت فيها سلسلة محطات سياسية، إقتصادية ومعيشية، ستُرخي بتداعياتها على العام المُقبل لا سيّما أنها تركت اللبنانيين يتخبطّون بهذه الأزمات دون أيّ أفق للحل، فيما يتلهى المسؤولون في الحكم عن تلك الأزمات بالمناكفات ويديرون "ظهرهم" تمامًا لمعاناة الناس.
وفي محصلة ما حملته هذه السنة على المستوى السياسي، فإن الشهر الأول من عام 2022 شهد خروج الرئيس سعد الحريري من الحياة السياسية اللبنانية، بعدما كان إتخذ قراره بالإستقالة من الحكومة على وقع الإحتجاجات الشعبية في العام ٢٠١٩، وإضطر لاحقاً إلى الإعتذار عن تشكيل الحكومة على خلفية العراقيل التي وضعها أمامه "التيار الوطني الحرّ"، وصولاً الى مقاطعة الانتخابات، تاركاً حالة ضياع على مستوى الشارع السني بالتحديد.
شهر أيّار شهد محطة الإنتخابات النيابية والنتائج الجديدة التي أسفرت عنها ان كان لجهة الوجوه التي دخلت الى البرلمان للمرة الأولى او تلك الت خرجت منه، وكان غالبها يدور في فلك النظام السوري.
ثم شهد فصل الصيف من هذا العام، الحدث الأهم، حيث أفضت المفاوضات غيى المباشرة مع العدو الإسرائيلي إلى ترسيم الحدود البحرية وبالتالي فتح الباب أمام استثمار لبنان لثروته النفطية، رغم عدم حصول اي خطوة فعلية من لبنان باتجاه اتمام ذلك.
والى ما ورد، حمل شهر تشرين من 2022 محطة بارزة تمثلت بانتهاء ما سمُيَّ بـ "العهد القوي" مع خروج الرئيس ميشال عون من قصر بعبدا ليُنهي 6 سنوات ضاق فيها اللبنانيون ذرعًا من "الجوع والذل والمهانة"، حيث إنقلبت حياتهم رأسًا على عقب، وهو الذي بشّر بالذهاب إلى "جهنم"، فوصلوا إليها.
وفي موازاة كل ذلك شهدت سنة 2022 منذ بدايتها الى اخر أيامها استمرار المحنة الإقتصادية وهي الأقسى التي أطاحت بكل مقوّمات عيش الشعب اللبناني مع الإنهيار غير المسبوق لسعر صرف الليرة اللبنانية، وتخطّي سعر صرف الدولار عتبة الـ 48000، وضياع أموال المودعين في المصارف التي شَهدت إقتحامات مُتعددة من هؤلاء للحصول على ودائعهم.
هذا وانتهى العام 2022 على فشلٍ في إيصال رئيس جديد للجمهورية رغم 10 جلسات انتخابية، وبذلك يتمدّد الشغور الرئاسي والإنهيار الإقتصادي من عام 2022 إلى 2023.
ورُغم كل المآسي والمصاعب في هذا العام، والأحداث التي عرقلت أيّ خطة للنهوض الإقتصادي، إلَّا أن اللبنانيين من مقيمين ومغتربين ظلّوا متمسكين بالأمل فشهد فصل الصيف، كما راهناً في موسم الأعياد، طفرةً من المغتربين، ليُنعشوا لبنان ويُزوّدوه بالأوكسجين وإنّ كان مرحليًا، لكن ذلك يبقى قاصرا عن معالجة الأثقال الكبيرة التي لن تنفع معها سوى إدارة سياسية حكومية تشريعية فاعلة تخرج لبنان من محنته.
رماح الهاشم - جريدة الأنباء الالكترونية