مضى العام 2022 بكل خضاته السياسية واضطراباته الاقتصادية، وحلت محله سنة جديدة، مكبلة بموروثات سابقتها، من الشغور في السلطة وتفكك الإدارات وانهيار الاقتصاد، وتراجع تصنيف لبنان دوليا، الى المستوى الذي لم يشهده يوما في تاريخه، مقابل تقدم مستويات الفقر والهجرة الى حد مخيف.
الصورة المقبولة أمنيا، ليس هناك ما يقابلها سياسيا، او اقتصاديا بحسب "الأنباء" الكويتية، فعلى الجانب السياسي، التوتر بين التيار الحر وحركة امل على اشده، وقد تأجج بعد المعايدة التي تبادلها الرئيس السابق ميشال عون مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، والذي حرص على ان يكتب رده على اتهامات الرئيس عون له «بعرقلة» عهده، بنفسه، حيث قال:«لم تكن بحاجة لمن يعرقلك، وعدتنا بجهنم فكفيت ووفيت...».
وسرعان ما دخل الرئيس نجيب ميقاتي على الخط، الى جانب الرئيس بري، ومن باب الكهرباء، مطالبا بعقد جلسة لمجلس وزراء تصريف الاعمال، لصرف اعتمادات شراء الفيول المقدرة ب 62 مليون دولار، الأمر الذي اعتبره رئيس التيار جبران باسيل مستفزا له، مما وضع موقف حزب الله، الحليف المشترك في موقف حرج بين الطرفين أيضا، مع العلم ان ثمة مصادر ترى ان ما بين الحزب والتيار أكثر تعقيدا مما هو بين بري وباسيل وتياره، والذي يرقى برأي المصادر، الى درجة القطيعة.
والسؤال الذي كانت قد طرحته المصادر، عبر «الأنباء» في عدد سابق حول «بالون الاختبار» الذي تنطوي عليه جلسة مجلس الوزراء العتيد، في حال مشاركة وزيري حزب الله في جلسة الحكومة: هل سيغامر باسيل بمقاطعة الجلسة، ومعها خسارة اصوات الثنائي الشيعي، الذي أمن له فوز ثمانية من نوابه العشرين في الانتخابات الأخيرة؟
وعلى الصعيد الرئاسي، فإن وصول علاقة الحزب بالتيار الى حد القطيعة، وبالتالي الذهاب الى ترشيح سليمان فرنجية، فإنه سيخسر اصوات النواب «التياريين»، في معاركه الأخرى وضمنا معركة الرئاسة. واذا تخلى عن فرنجية للاحتفاظ بالتحالف مع جبران باسيل فسيعطي الانطباع بأن مفتاح الرئاسة خرج من يده، وان زمن الأول تحول، ما يعني ان «بالون اختبار» الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء لن يسبب الحرج لباسيل وحده، والذي إذا قبل بانتخاب فرنجية، كما تقول اذاعة صوت كل لبنان، فكأنه يعترف بأنه لم يعد صاحب الكلمة الفصل في الشارع المسيحي، واذا استمر برفضه لفرنجية، فإنه بذلك يغامر بتحالفه مع حزب الله الذي أمن للتيار عهدا رئاسيا كاملا مقابل خسارة الحزب لحليف وفر له الغطاء المسيحي على مدى 16 سنة.
وفي تقدير المصادر، خطاب الامين العم لحزب الله السيد حسن نصر الله، الذي أرجأته الانفلونزا من يوم الجمعة الفائت الى الثلاثاء المقبل، سيضيئ على هذه المتاهة السياسية المعقدة.
وعلى الصعيد الاقتصادي المعيشي، الحال على ما هو عليه، طوابير امام المصارف ومثلها امام محطات توزيع المحروقات. فأمور اللبنانيين الحياتية محكومة بالمرور في غرفة مقاصة أهل السلطة في الحكومة، وفي مجلس النواب، فاللبنانييون يعانون القلق في زمن السلم، بما يفوق ما كان عليه في زمن الحرب، بسبب انهيار العملة الوطنية، وتجاوز عمليات التهريب، على المعابر الشرعية، تلك التي على المعابر غير الشرعية، وتبديد مليارات الدولارات من احتياطي المصرف المركزي على الكهرباء، ولا كهرباء، الا ما تجود به المولدات الخاصة.
وثمة من رد غياب الكهرباء عن الشبكة العامة، الى التوتر السياسي، على شبكات التواصل الرسمية، والنتيجة عينها، ظلمة تنتظر صدور مراسيم فتح الاعتمادات المالية، وناقلات «فيول» ترسو قبالة الشاطئ اللبناني، بانتظار فتح الاعتمادات، مكلفة الدولة 18 الف دولار يوميا عن كل باخرة، فيما الاشتباك السياسي على اشده حول ضرورة اجتماع مجلس الوزراء لإصدار المراسيم، او عدم اجتماع حكومة تصريف الاعمال حتى لا تتفاقم الشروخ السياسية.
اما على الصعيد المالي، فالفجوة المالية كبيرة، وقد طرحت الباحثة الاكاديمية ليال منصور اربع فرضيات للخروج منها. وابرزها فرضية «اعتماد الدولار اللبناني» الذي سبق ان طرحته عبر «الأنباء» وعلى غرار الدولار الكندي والاسترالي، الا انها اعطت الاولوية لفرضية بقاء الليرة اللبنانية مع الغاء صفر او صفرين منها، والثانية اقرار عملة جديدة ضمن نظام نقدي جديد، والثالثة للدورة الرابعة والاخيرة تكون بالعودة الى الليرة معافاة من الامراض الاقتصادية، وهذا يتطلب صفر خسائر وصفر فجوة مالية، ويتطلب أيضا «عملية قلب مفتوح» للنظامين السياسي والمالي، وهذا بعيد المنال الآن.
الأنباء الكويتية