كسر المستقلّون التزكية في عدد من البلدات الجنوبيّة، ما فرض معركة انتخابية على الثنائي الشيعي، الذي يسعى إلى التوافق مع العائلات لتشكيل لوائح تزكية، تفاديًا لخوض الانتخابات في ظلّ الأوضاع الأمنية الراهنة في الجنوب.
وعلى الرغم من تمديد محافظ الجنوب، منصور ضو، مهلة تقديم طلبات الانسحاب حتى يوم الجمعة المقبل، إفساحًا في المجال أمام التوافق لإعلان التزكية، فإنّ عدداً من العائلات في قضاء النبطية أصرّ على خوض الانتخابات ديمقراطياً، وترك الكلمة الأخيرة للناخبين في صناديق الاقتراع.
لوائح مستقلة
تمكّن خمسة أشخاص في بلدة أنصار من كسر التزكية قبل نصف ساعة من إقفال باب الترشح، عبر تشكيل لائحة "أنصار للجميع"، التي تضم: محمد حازر، يوسف عاصي، محمد فياض، ريما منصور، وآية الدبس. كما ترشّح تسعة أشخاص مستقلّين بشكل منفرد، انسحب ثلاثة منهم مساء الأحد.
وكانت بلدة أنصار في طريقها نحو التزكية بعد التوافق بين الثنائي الشيعي، والحزب الشيوعي، والحزب السوري القومي، والعائلات، على لائحة واحدة. غير أن إعلان مجموعة من الشباب المنتمين للحزب الشيوعي عن تشكيل لائحة مستقلة، عكر صفو التوافق، ما دفع فصيل الحزب الشيوعي في البلدة إلى إصدار قرار بفصلهم بسبب عدم التزامهم بتوجيهاته.
أحدثت هذه الخطوة جدلًا واسعًا، ما دفع مكتب التنظيم المركزي في الحزب الشيوعي إلى التدخل وإبطال القرار الصادر باسم فرع أنصار، والذي قضى بفصل المرشّحَين، على الرغم من أنّهما، بحسب معلومات "المدن"، كانا قد قدّما استقالتيهما قبل أكثر من ثلاثة أسابيع.
وأشارت معلومات "المدن" الى أنّ المحاولات لا تزال مستمرّة للمضي في خيار التزكية، وتفادي إجراء الانتخابات، من خلال محاولة إقناع كل مرشح مستقل بالانسحاب. وعلى ما يبدو، فإنّ "أمّ المعارك" قد تكون في بلدة أنصار، إذ تشير مصادر "المدن" إلى أنّ لائحة "أنصار للجميع" أحدثت انشقاقًا داخل اللائحة المدعومة من الثنائي الشيعي، ما أدى إلى انسحاب المرشح عياد عاصي وخوضه الانتخابات كمرشّح مستقل.
تتجهّز النبطية التحتا للانتخابات، فيما لا يزال الردم متراكمًا على الأرض، وتبرز المنافسة بين لائحة "التنمية والوفاء" المكتملة والمؤلفة من 21 شخصًا، والمدعومة من الثنائي الشيعي والحزب السوري القومي، ولائحة غير مكتملة مؤلفة من 12 مرشّحًا مستقلًّا، تحمل اسم "النبطية تستحق الحياة".
وبحسب معلومات "المدن"، فإنّ المستقلّين رفضوا الانسحاب، بسبب إصرارهم على إجراء انتخابات ديمقراطية، اعتراضًا على أداء البلدية في السنوات الماضية. وتُعدّ هذه المرة الأولى منذ عام 2004 التي تُشكَّل فيها لائحة من المستقلّين في مواجهة لائحة مدعومة من الثنائي الشيعي. وقد فشلت مساعي التزكية، بسبب تمسّك الثنائي الشيعي بتسمية رئيس البلدية.
يتوقع أن تشهد بلدية الدوير معركة انتخابية حامية، إذ هي المرة الأولى التي يدعم فيها الحزب السوري القومي لائحة المستقلين التي تحمل اسم "الدوير للجميع"، المدعومة من اليسار والتيار التغييري. كما ترشّح خمسة من المستقلين بشكل منفرد. في المقابل، تبرز لائحة مكتملة مدعومة من الثنائي الشيعي تحت اسم "التنمية والوفاء".
ومنذ عام 2004 وحتى اليوم، لم تُجرَ أي انتخابات في البلدة بسبب التوافق الدائم على لائحة واحدة. إلا أن عددًا من الأهالي رفضوا التزكية وقرروا خوض معركة انتخابية ديمقراطية. وبرزت أيضًا محاولات للتوافق على لائحة واحدة بشرط أن يكون رئيس البلدية مستقلًا، إلا أن الثنائي الشيعي رفض هذا الأمر.
حاولت العائلات في كفررمان المضي بالتزكية والتوافق على لائحة واحدة تضم 15 شخصًا يتمتعون بالكفاءة بهدف خدمة البلدة، خصوصًا بعد الدمار الذي تعرضت له. لكن الثنائي الشيعي أصرّ على تشكيل لائحة كما كان يحدث في العقود الماضية، أي أن تضم اللائحة 9 أشخاص لصالح حركة أمل و6 لصالح الحزب. فرفضت بعض العائلات، وبالتالي فشلت التزكية.
وتتنافس ثلاث لائحات: الأولى "التنمية والوفاء" المدعومة من الثنائي الشيعي، لائحة مدعومة من رئيس البلدية السابق كمال غبريس، ولائحة تضم مجموعة من المستقلين مدعومة من الحزب الشيوعي.
انشقاق تحالف الثنائي
فُكّ التحالف بين الثنائي الشيعي في بلدة البابلية بسبب عدم التوافق بينهما. واستنادًا إلى نتائج الانتخابات السابقة، فإن حركة أمل تحظى بـ11 شخصًا، والحزب بـ4. وعلى اعتبار أن من يملك الأكثرية هو الذي يحق له تسمية رئيس البلدية ونائب الرئيس، ترك للحزب خيار تسمية أربعة أشخاص من العائلات التي لم تترشح بهدف عدم إقصاء أي عائلة. إلا أن الخلاف احتدم بينهما بعد أن قرر الحزب تسمية أشخاص من العائلات نفسها التي اختارت منها حركة أمل الأسماء.
وفُكّ التحالف وأبلغت حركة أمل جميع مناصريها بأنها ستخوض الانتخابات بلائحة غير مكتملة وبشكل منفرد. ولم يُعرف بعد إن كان حزب الله سيدخل الانتخابات بأربعة مرشحين فقط. علمًا أن تمديد باب الترشح سيؤدي إلى جولة جديدة من المفاوضات بينهما، ومن الممكن أن تعالج هذه المشكلة في اللحظات الأخيرة. في المقابل، هناك تسعة مرشحين قرروا خوض الانتخابات بشكل منفرد.
يتضح اليوم أن أساس المعركة الانتخابية في الجنوب يهدف إلى تسجيل موقف واضح، أي إعطاء فرصة للمستقلين لخوض الانتخابات البلدية، وهذا هو جوهر الخلاف في عدة بلدات، الذي أدى إلى فشل التزكية. والمؤكد أن هذه الانتخابات تحديدًا تحظى باهتمام واسع، بسبب حاجة أبناء الجنوب لعمل إنمائي في قراهم التي دُمِّرت في الحرب الإسرائيلية الأخيرة. فهل ستتمكن اللوائح المستقلة من خرق لوائح الثنائي الشيعي؟ بحسب "المدن".