لم يكد فيديو "وفاة الفنان الجزائري أحمد الفاتح" يصل موقع إكس، حتى أثار جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر وعدة دول عربية. ومع تصاعد الاهتمام سارعت وسائل إعلام مصرية وعربية إلى نقل القصة التي زعمت أن أحمد الفاتح هو أول رجل عربي حامل توفي بعد ولادته طفلة اسمها مايا. فما هي حقيقة القصة التي أثارت الجدل؟
نشر لأول مرة فيديو وفاة أحمد الفاتح على موقع إكس، وسرعان ما انتشر كالنار في الهشيم. ووصلت نسبة الوصول إلى التدوينات عن أحمد الفاتح إلى 102 مليون، بقفزة بلغت 6772%.
واستخدم ناشرو تدوينات أحمد الفاتح عدة هاشتاغات للترويج لها، من بينها أول رجل، وعملية تحول جنسي، وبلعيد، ومايا (الطفلة التي ادعى الفيديو والمنشورات أنه أنجبها).
وتصدرت مصر قائمة البلدان المهتمة بالتدوينات، تلتها الإمارات وفلسطين والبحرين. وحملت 36% من التدوينات مشاعرا سلبية ضد هذا الموضوع، فيما حملت 5.3% مشاعرا إيجابية، ووقفت 54.6% من التغريدات في المنطقة الحيادية.
كانت أكثر الروابط انتشارا التي تم نشرها على مواقع التواصل من حسابات غير موثقة. فيما كانت أغلب التدوينات هي تدوينات أصيلة بمعنى أن صاحبها يكتبها أو ينشرها بطريقة القص واللصق، ولا يكتفي بإعادة التشيير.
سرعان ما انتقل الاهتمام للمواقع الإخبارية، التي تصدرت تدوينات تويتر حول هذا الموضوع. ورغم وقوع بعض المواقع في خطأ النقل دون تحقق، إلا أن مواقع أخرى لجأت للتشكيك في القصة.
4 ثغرات في الرواية المزعومة
وفقاً للرواية المزعومة التي تناقلتها حسابات على مواقع التواصل، حمل أحمد الفاتح عن طريق التلقيح الصناعي، وتابع مراحل حمله على مدار 9 أشهر، وشارك صوراً ومقاطع فيديو تظهره ببطن منتفخ وشكل ذكوري. وفي أيار/ مايو 2025، أجرى عملية ولادة قيصرية في إحدى المستشفيات الأوروبية، وأنجب طفلة أسماها "مايا"، إلا أنه توفي بعد أيام نتيجة مضاعفات صحية حادة بعد العملية القيصرية.
وأثارت هذه القصة جدلاً واسعاً، وسط تشكيك في إمكانية حدوث حمل لدى الرجال بيولوجياً، لأن الحمل والولادة يتطلبان أجهزة تناسلية أنثوية.
ورغم زعم المنشورات أن أحمد الفاتح خضع لعملية تحول جنسي جزئي، ما مكنه من الحمل والولادة، إلا أنه لا يوجد أي توثيق لقصة إجراء فتاة جزائرية عملية تحول جنسي مع احتفاظها بالأعضاء التناسلية كأنثى. وتغاضت كل التدوينات والأخبار غير الموثقة عن أي ذكر لهوية أحمد الفاتح قبل عملية التحول الجنسي.
كما نفت مصادر جزائرية وجود فنان باسم أحمد الفاتح، فضلا عن رواية أنه متحول جنسيا.
الثغرة الرابعة، كانت شائعة أن أحمد الفاتح متزوج من رجل أعمال سعودي منذ 2023، فلم يذكر أي من الحسابات أو المواقع التي نقلت القصة أي معلومة عن الزوج المفترض، رغم نشرهم فيديوهات له.
كل هذه الثغرات دفعتنا للبحث عن التدوينة صفر، أي أول حساب نشر قصة وفاة أحمد الفاتح. ورغم انتشار القصة فقط على إكس وفيس بوك. إلا أن أول تدوينة على مواقع التواصل حول الوفاة المزعومة كانت من 3 أيام بفيديو على تيك توك.
ولم يكن هذا الفيديو أول فيديو ينشره حساب @small.sink عن هذه القصة. فالحساب نشر سلسلة فيديوهات متتابعة. ففي 18 نيسان/ أبريل الماضي، نشر الحساب فيديو يروج للقصة المزعومة عن حمل أحمد الفاتح ووصفه بأنه فنان جزائري.
أعقبها بنشر فيديو آخر في 20 نيسان/ أبريل، بعنوان الجزائري أحمد فاتح أول رجل عربي حامل. وزعم أنه سافر لمطار شار ديجول في فرنسا لينجب طفلته هناك. إلا أن الفيديو أظهر لقطات لسيارة شحن تحمل شعار شركة u haul وهي شركة أمريكية لتأجير الشاحنات والمقطورات والتخزين الذاتي، مقرها في فينيكس، أريزونا. ما يثير مزيدا من الشكوك حول القصة.
وفي 2 أيار/ مايو الجاري، نشر الحساب فيديو جديد يزعم إنجاب الفاتح طفلة تحت عنوان "خدمة في الجزائر.. الفنان أحمد فاتح أول رجل عربي ينجب طفلة". وأظهر الفيديو شريكه مرتديا ملابس نسائية وواضعا أحمر شفاه. وقدمه باعتباره فنانا جزائريا معروفا.
وفي 9 أيار/ مايو الجاري، أعاد الحساب النشر عن قصة الحمل المزعومة، تحت عنوان "الجزائري احمد فاتح ينشر صور حمله". تضمنت مشاهد جديدة لشركة يوهال الأميركية.
ويوم 20 أيار/ مايو، عاد الحساب نفسه ليكرر القصة في فيديو جديد تحت عنوان "الجزائري احمد فاتح أول رجل عربي ينجب طفلة بطريقة غريبة" دون أن يتحدث عن أي إشكالات صحية تواجه الأب الأم المزعوم.
بالتدقيق في الفيديوهات التي نشرها الحساب، بدا واضحا أنها مصنوعة بالذكاء الاصطناعي، لعدة أسباب:
1. الأسلوب البصري والصوتي المتكرر والمتناسق:
o الشخصيات تظهر بتعابير وجه ثابتة أو حركة غير طبيعية.
o الصوت يبدو وكأنه مولد آليًا (نغمة موحدة تفتقر للتنغيم العاطفي الواقعي).
2. عدم وجود مصادر إخبارية موثوقة تدعم القصة:
3. انتشار القصة فقط على TikTok أو صفحات غير موثقة، وهو ما يشير غالبًا إلى أنها جزء من محتوى ترفيهي أو تجريبي بالذكاء الاصطناعي.
4. نمط الحساب نفسه (@small.sink):
الحساب ينشر مقاطع مشابهة بقصص غريبة، مما يدل على أنه ربما مخصص لإنتاج محتوى خيالي أو تجريبي. فقد سبق أن نشر فيديوهات تزعم وفاة عدد من الفنانين والمطربين، رغم أنهم لا يزالون أحياء.