ألقى المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان في القاعة الكبرى في نقابة المحامين/ طرابلس، محاضرة بعنوان "قوى الأمن الداخلي بين الإنجازات والتحديات"، وذلك بناء على دعوة من نقيبة المحامين في طرابلس الأستاذة ماري تريز القوال وأعضاء مجلس النقابة.
جرت المناسبة بحضور عدد كبير من النواب الحاليين والسابقين ووزراء سابقين في الشمال، الرئيسة الأولى لمحاكم الاستئناف في الشمال وعدد من القضاة، نقيب محامي بيروت، نقيبي الأطباء وأطباء الأسنان في الشمال، نقباء محامي طرابلس السابقين، مدير مصرف لبنان في طرابلس ورئيس مالية طرابلس، هيئات دينية وروحية، رئيس بلدية طرابلس، هيئات المجتمع المدني وقادة الوحدات في قوى الأمن الداخلي وعدد من المحامين وكبار الضباط.
بدأت الندوة بالنشيد الوطني اللبناني ونشيدي النقابة وقوى الأمن الداخلي، ثم كانت كلمة ترحيبية لعريف الحفل أمين سر نقابة المحامين في طرابلس الأستاذ منير الحسيني.
بعدها ألقت النقيبة القوال، كلمة جاء فيها:
الأمن والمحاماة، ليس من علاقة شراكةٍ بأشدَّ إشكاليةً من علاقة المحاماة بالأمن. يقف المحامي مدافعًا عن الحق الشخصي العائد للأفراد، ويقف رجل الأمن حريصًا على الانتظام العام العائد للمجتمع. وبين الحق الخاص والحق العام قد يحصلُ تناغمٌ وقد يحصلُ تضاد، ولكن، في الحالتين ينبغي للقائمين عليهما أن يظلوا دائمًا معًا، وأن يتركوا فيما بينهم بضعَ فسُحاتٍ لتهبَّ فيها رياحُ العدالة والحرية والاستقرار. هذه المعادلةُ غير صعبةِ التحقيق. إنها بحاجةٍ لبناء صرح الثقة والتعاون، بلبِناتِ الاحترام المتبادل، والسعيِ المشترك إلى تحقيق الأمن وحماية الحريات في آن واحد، وإذا شئتُ اختصارًا، إن تحقيق هذه المعادلة بحاجة أساسًا إلى حسن تطبيق القانون. صحيحٌ أن تجاوزًا من هنا أو تعديًا من هناك قد يقع، لكن العلاقة الجيدة بين المؤسستين: نقابة المحامين وقوى الأمن، والمنتمين إليهما كفيلةٌ بإزالة أي سوء تفاهم أو سوء تصرف، وهذا تراثٌ آلينا أن نحافظَ عليه وننمّيه حمايةً للوطن والقيم. زيارة اللواء عماد عثمان لدار النقابة في طرابلس رسالةٌ واضحة المعاني: نحن وأنتم سواء في حمل هم الأمن والسلم الوطني، في مكافحة الجريمة وتحقيق العدالة، وفي كلِّ ما يخدم الطمأنينة في المجتمع. ولئن كان أحدُنا يأتي من جهة والآخرُ من جهة ثانية، لكنَّ نقطة اللقاء لا بدَّ من الوصول إليها، لأننا في النهاية "كلُّنا للوطن".
واللواء عثمان صديقُ النقابة بغنًى عن أي تعريف. منذ انتسب إلى الخدمة العسكرية حتى بلوغه أرفع المراتب في مؤسسته، لم يحِدْ مرةً عن صِراط الاستقامة والاتّزان، بالرغم من الظروف القاسية التي مر بها الوطن خلال خدمته. ولقد أدرك كيف يمكنه أن ينأى بالأمن عن التجاذب السياسي الذي يكاد يمزِّقُ كلَّ بُنى الوطن، وأن يعمل على ملفات أمنية وجرمية كبيرة من أهمها كشف شبكات العملاء وتسليمهم للقضاء بعد تحقيقات أوَّلية حرَفية لا مجال لدحضِها. ولعلَّ الله آخذٌ بيده، ولعلَّه ملاقٍ في القريب عاضدًا، ليتمكن من تجاوز الأزمة المالية التي ترخي بثقلِها على الأوضاع المعيشية للعناصر الأمنية ضباطًا ورتباءَ وأفرادًا، وعلى الحاجات اللوجستية، مما تعرفون ولا حاجةَ بي إلى تفصيله. سعادة اللواء، شكرًا لحضورك وأهلًا وسهلًا بك في دار نقابة المحامين في طرابلس. المحامون متشوقون لسماعك والحوار معك.
وقبل البدء بالمحاضرة ألقى اللواء عثمان كلمة مرتجلة، مما جاء فيها:
أشكر نقيبة المحامين الأستاذة ماري تريز القوّال ومجلس النقابة في الشمال على هذه الدعوة الكريمة، كما أشكر الجميع على حضورهم. من طرابلس عاصمة لبنان الثانية وعاصمة الشمال، التي وإن حُرمت من إنمائها المتوازن، فإنّها لم تفقد هُويّتها المعطاء بثقافة الانتماء والانفتاح والعيش المشترك.
مدينة طرابلس لها قيمة تاريخية وثقافية وحضارية، فهي مدينة العلم والعلماء، إنّها ملتقى أهل الشمال المجبولين بالطيبة والأخلاق الرفيعة، والتضحية والوطنية، يستحقّون وجميع اللبنانيين العيش بكرامة وأمن وأمان ليعيدوا النهوض بطرابلس الفيحاء ولبنان.
وقد عرض اللواء عثمان خلال تقديم محاضرته المحاور التالية: مهام قوى الأمن الداخلي في مجال الضابطة الإدارية والعدلية، دور قوى الأمن في حفظ الأمن والنظام وحماية الحريات، وشدّد على احترام حقوق الانسان، ثم تحدث عن التحديات التي تواجهها قوى الامن سواء لجهة الانخفاض الحاد في الميزانية التي بلغت /95/%، والنقص في العديد، فضلاً عن تدنّي في الرواتب نتيجة الأوضاع الاقتصادية، أم لجهة إدارة السجون والتداعيات المتأتية عن الاكتظاظ الكبير في السجون والنظارات.
كما أضاء على الإنجازات الأمنية الكبيرة التي تحققت -رغم كل الصعاب- في مكافحة مختلف الجرائم (الإرهاب، تجسس، المخدرات، السرقة، قتل ...) حيث انخفضت معظمها في العام 2022، وأكّد على تطبيق الرؤية الاستراتيجية لقوى الأمن الداخلي التي تتلخّص بـ: "معاً... نحو مجتمع أكثر أماناً".