تتجه الأنظار إلى إيران، بانتظار ردها على المقترح الأخير الذي قدّمه المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، والذي سيحدد على الأرجح مصير الجولة السادسة من المفاوضات النووية التي لم يُعلن بعدُ موعدها، وربما حتى مستقبل المحادثات بأكملها.
وكان وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، كشف أمس الأول، أنه تسلّم «عناصر» من اقتراح أميركي بشأن اتفاق محتمل حول البرنامج النووي الإيراني، نقله إليه وزير خارجية سلطنة عُمان بدر البوسعيدي خلال زيارة قصيرة لطهران.
يأتي هذا التطور، مع اتساع التباين بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهو ما يضع الإدارة الاميركية في موقف معقّد، في وقت تسعى لكبح جماح تل أبيب ومنعها من توجيه ضربة عسكرية ضد طهران.
في هذه الأجواء، كشف مصدر مطّلع في وزارة الخارجية الإيرانية لـ «الجريدة» الكويتية عن أبرز نقاط عرض ويتكوف، الذي يمكن أن يشكّل إطاراً لأي تسوية محتملة.
وفيما يلي، تنشر «الجريدة» - حصرياً - أبرز بنود الورقة الأميركية، كما نقلها المصدر الإيراني المطّلع، والتي تشمل 7 نقاط رئيسية تمثّل جوهر المبادرة الجديدة:
أولاً: تأسيس كيان دولي - إقليمي للتخصيب
تُقترح إقامة شركة قابضة متعددة الجنسيات، تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تضم في عضويتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والولايات المتحدة الأميركية، وعدداً من الدول العربية في منطقة الخليج.
تتولى هذه الشركة إدارة جميع منشآت التخصيب الإيرانية، بما يضمن تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية التي تحتاجها الأطراف المشاركة.
ويُسهم فائض الإنتاج في الأسواق الدولية، على أن يتم تقاسم عائداته وفق آلية متفق عليها بين الشركاء.
ثانياً: نقل منشآت التخصيب وإدارتها
في مرحلة انتقالية، يُسمح بتشغيل منشآت التخصيب الإيرانية تحت إشراف الشركة القابضة لتلبية احتياجات إيران المدنية. وتُوضع خطة مستقبلية لنقل هذه المنشآت بالكامل إلى جزيرة إيرانية في الخليج، بحيث تبقى ضمن السيادة الإيرانية وتخضع في الوقت ذاته لرقابة دولية دائمة، بما يحقق الشفافية الكاملة.
وكان موقع أكسيوس نقل عن مصدر أميركي مطّلع أن الولايات المتحدة تريد أن تكون المنشأة المشتركة لتخصيب اليورانيوم خارج إيران، لافتا إلى أن هناك فكرة أخرى مطروحة تتمثل في أن تعترف الولايات المتحدة بحق إيران في تخصيب اليورانيوم، وتعلّق إيران بالمقابل تخصيب اليورانيوم بشكل كامل.
ثالثاً: التجميد المرحلي والتسوية الشاملة
تلتزم الجمهورية الإسلامية بتعليق كل أنشطة التخصيب لمدة عام قابل للتجديد، مقابل تعليق الولايات المتحدة عقوباتها خلال هذه الفترة. ويجري العمل على التوصل إلى معاهدة شاملة تُنهي الخلافات القائمة، وتُعيد العلاقات الثنائية إلى إطار طبيعي قائم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
رابعاً: العقوبات والتعاون الاقتصادي
يتم تعليق العقوبات الأميركية بشكل مرحلي، بالتوازي مع التزامات إيران بخفض مستوى أنشطتها النووية وتعاونها البنّاء في مسار المفاوضات. كما ستُتخذ خطوات تدريجية لرفع العقوبات التي تعوق عمل الشركات الأميركية في السوق الإيرانية، لتمكين هذه الشركات من المشاركة في المشاريع الاقتصادية المشتركة، على نحو يعزز فرص التعاون والتنمية.
عقب التوصل إلى المعاهدة الشاملة، سيتم رفع جميع العقوبات الأميركية المفروضة على إيران بشكل كامل.
خامساً: الرقابة الدولية والتفتيش
سيُنشأ فريق تفتيش تابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بمشاركة مفتشين أميركيين، لتنفيذ عمليات تفتيش شاملة ومفاجئة لأي منشآت مشكوك في صلتها بالبرنامج النووي الإيراني، وفقاً للمعايير الدولية المتعارف عليها. وستقدّم إيران الضمانات اللازمة بعدم تطوير صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية. كما ستوافق على الإبقاء على آلية «الزناد» المنصوص عليها في اتفاق عام 2015، دون تحديد سقف زمني، بحيث تكون تحت إشراف الولايات المتحدة حصرياً، لضمان الامتثال الدائم.
سادساً: السياسات الإقليمية الإيرانية
تلتزم إيران بوقف كل الأنشطة والأعمال العدائية ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، بما في ذلك الامتناع عن تقديم أي دعم مباشر أو غير مباشر للتنظيمات المسلحة، أو أي ممارسات تهدد المصالح الأميركية أو الإسرائيلية في المنطقة. وستقدّم طهران ضمانات موثوقة بعدم استخدام الأموال المُفرج عنها في تمويل أي كيانات مسلحة، وستؤكد حصر استخدام هذه الموارد في أغراض تنموية سلمية. كما ستُعرب إيران عن استعدادها للمشاركة الإيجابية والبنّاءة في أي مبادرة سلام تُطرح في الشرق الأوسط، دون تعطيل أو عرقلة، والعمل على تحويل المجموعات الموالية لها إلى كيانات سياسية سلمية بالكامل.
سابعاً: إعادة توجيه العلاقات الاستراتيجية
ستتخذ إيران خطوات ملموسة للحد من علاقاتها مع الصين وروسيا، وتركز على بناء شراكات استراتيجية جديدة مع الولايات المتحدة والدول الغربية، انسجاماً مع تطلعات الشعب الإيراني وخياراته السيادية. وستتوقف إيران عن إمداد موسكو بالأسلحة، وتتعهد بعدم تأجيج النزاعات، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا، التزاماً بمسؤولياتها الدولية.
رد وتحذير
وليل السبت ـ الأحد، أفاد وزير الخارجية رئيس الوفد الإيراني المفاوض، عباس عراقجي، بأن إيران سترد «بما يتماشى مع المبادئ والمصالح القومية وحقوق» شعبها على مقترح ويتكوف الذي جاء بعد انعقاد الجولة الخامسة من المباحثات التي تتم بوساطة مسقط.
في السياق، حذّر عراقجي مدير الوكالة الدولية للطاقة، رافائيل غروسي، من أن إيران سترد بشكل مناسب على أيّ تحرك غير لائق أو محاولة استغلال سياسية من قبل «الترويكا» الأوروبية للتقرير الذي أصدرته الوكالة أمس الأول، وتضمّن انتقادات لعدم تعاون طهران بشأن أنشطتها الذرية، فضلا عن قيامها بتكثيف عمليات إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب.