لبنان

لبنان في عين عاصفة الفوضى.. سباقٌ محموم بين انهيار الليرة وانهيار القضاء

لبنان في عين عاصفة الفوضى.. سباقٌ محموم بين انهيار الليرة وانهيار القضاء

الدولار مستمرٌ في تصاعده الجنوني دون أية ضوابط، وكلما تخطى معدّلاً قياسياً قفز الى معدل آخر، فيما الدولة كلها تتخطى الجنون، فالقضاء في حالة لا تمتّ إلى فكرة وجوده بصلة، الإدارة العامة مشلولة، التربية في إجازة انهيار قسري، المؤسسات الدستورية مصابة بتنازع الصلاحيات في ظل أزمة الشغور الرئاسي. وماذا بعد؟ يبدو البلد أمام أقداره التي لا أحد يمكنه توقع حجم سوئها.

وسط هذا المشهد الذي رغم فظاعته، لم يثر بعد حسّ المسؤولية لدى المعنيين، وحده من يتحرك بكل اتجاه رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، فلا يعدم وسيلة ولا يترك فرصة للنقاش والحوار واستنباط الحلول، محاولاً إستنباط الاقتراحات التي يمكن أن تلقى قبولاً من جميع الأطراف. غير أن الأزمة القضائية التي قفزت الى الواجهة مع قرار القاضي طارق البيطار طغت على ما عداها من ملفات وتحولت إلى حفلة جنون وضعت السلطة القضائية في عين العاصفة، وهي عاصفة فوضى مرشحة لأن تطول أكثر بعد تعثّر انعقاد مجلس القضاء الأعلى أمس بسبب امتناع ستة من أعضائه عن حضور الاجتماع على خلفية الخلافات المتأتية من القرارات التي صدرت عن المحقق العدلي من جهة، وقرارات الرد من مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات من جهة ثانية. 

وقد شهد قصر العدل أمس هرجاً ومرجا وتبادلا للاتهامات تطور إلى تدافع، وتعرض بعض النواب الذين حضروا لمواكبة اهالي الضحايا في اعتصامهم للإعتداء والإهانات داخل قصر العدل.

مصادر قضائية أعربت عن خشيتها من دخول جهات نافذة بالاتفاق مع قضاة معنيين لنسف التحقيق برمته،  وأشارت الى أن ما يحصل في القضاء قد يؤدي الى انهيار النظام اللبناني، داعية إلى تدارك ما حصل وترك التحقيقات بعيدة عن كل تدخل وتأثير وتصفية حسابات.

وتعليقا على ما يجري داخل الجسم القضائي، اتهم عضو تكتل الجمهورية القوية النائب زياد حواط "محور الممانعة بفرض سلطته على ما تبقى من أسس الدولة وكيانها"، وقال لـ"الأنباء" الإلكترونية: "بعدما ضربوا كل مكونات الدولة ووضعوا يدهم عليها، يريدون اليوم وضع اليد على القضاء وباقي المؤسسات التي لم ترضخ لسلطتهم بفرض أمر واقع معين والتهويل على باقي الفرقاء بالقوة لفرض رئيس جمهورية مطواعا يكون مكملا لسياستهم بأخذ لبنان رهينة على طاولة المفاوضات الاميركية - الايرانية"، مشددا على "ضرورة مواجهة ما يحصل".

حواط اعتبر ان القاضي غسان عويدات "لا يملك الحق بإخلاء سبيل الموقوفين بغض النظر عما إذا كانوا مدانين أم لا، لأنه غير مطلع على  ملف التحقيقات الذي هو من اختصاص المحقق العدلي طارق البيطار دون سواه"، ورأى أن "ما يشهده لبنان هو نفس الأسلوب الذي اعتمده النظام القمعي في زمن الوصاية السورية".

إلى ذلك، اعتبر رئيس مؤسسة جوستيسيا الحقوقية المحامي بول مرقص في اتصال مع "الأنباء" الإلكترونية أن "مستقبل المسار القضائي لملف المرفأ محفوف بالمخاطر، فثمة علامات استفهام كبرى تحوم حوله وما إذا كان سيفضي الى العدالة كشف الحقيقة ام لا"، معتبرا أن "الأمر صعب جدا ومعقد وخاضع لضغوط سياسية هائلة لا قدرة للقضاء اللبناني على جبهها ما ادى به الى هذا الانقسام والشرخ الكبير" لافتا إلى أنه "كان أسهل لو نجح مجلس القضاء الأعلى في معالجته سابقا قبل أن يستعصي".

وفي الملف الرئاسي، كشف حواط أن تكتل الجمهورية القوية "تقدم بعريضة إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري لتحديد جلسات متتالية حتى انتخاب رئيس الجمهورية"، داعيا المعارضة الى "التوحد لمواجهة ما يتعرض له لبنان من مؤامرة لسلخه عن محيطه العربي ودفعه إلى المحور الإيراني"، واعتبر أن "رب ضارة نافعة قد تساعد على تجمع كل القوى المعارضة تحت هدف واحد يتمثل بالحفاظ على سيادة واستقلال لبنان".

إلا أنه بانتظار تبلور رؤية محددة تجتمع عليها القوى السياسية تسمح بفتح كوة في جدار الانسداد المخيف، فإن اللبنانيين أمام ايام عصيبة وقاسية تظهر في الواقع المعيشي المزري الذي يهدد لقمة عيشهم، وما مشاهد قطع الطرقات الا نذير ما سيأتي إن لم ينزل المعنيون عن سقوف مواقفهم العالية ويتلمسون طرق الحوار.


جريدة الأنباء الالكترونية

يقرأون الآن