دولي آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

بعد ضرب إيران.. هل تصبح تركيا الهدف التالي لإسرائيل؟

بعد ضرب إيران.. هل تصبح تركيا الهدف التالي لإسرائيل؟

لم تكن النكتة التي شبه فيها الصحفي الإسرائيلي إيال بيركوفيتش في برنامج على القناة 13 الإسرائيلية، التطورات في المنطقة ببطولة كرة قدم، حديثاً عابراً أو سخرية عبر برنامج تلفزيوني، حيث جاء فيها: «هزمنا حماس في ربع النهائي، وهزمنا إيران في نصف النهائي. وفي النهائي، هناك تركيا».

هذه النكتة التي ألقاها صحفي عبر قناة إسرائيلية، تعبر عن ما يدور على الأرض بالفعل؛ إذ إن المعركة على أشدها على غزة وإيران، لكن الأهم هو ما قد يحدث لاحقاً من مخاوف تتطور إلى انجرار المنطقة نحو مواجهة إسرائيلية- تركية، في ظل التوترات الكبيرة القائمة بينهما.

أردوغان: نستعد لأي سيناريو

مع بدء إسرائيل هجومها المفاجئ والكبير على إيران، يوم الجمعة الماضي، أخذت تركيا موقفاً صارماً ضد هذه الهجمات، على غرار موقفها من الهجوم الإسرائيلي على غزة ثم للبنان وصولاً إلى سوريا، وعدت ذلك مساساً بأمنها على المديات المقبلة، خصوصاً أن إسرائيل تقترب من حدودها من جهة سوريا، في حين تجمعها حدوداً كبيرة مع إيران التي تُشن حرباً إسرائيلية عليها.

ولا يخلو آخر تصريح للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الأربعاء، من مخاوف مقبلة على بلاده، حيث قال: إن إيران لديها حق «مشروع» في الدفاع عن النفس ضد الضربات الإسرائيلية، موضحاً أن بلاده تستعد لأي سيناريو بشأن التداعيات المحتملة لهذه الهجمات.

وأكد أردوغان: «إن من حق إيران الطبيعي والمشروع والقانوني تماماً الدفاع عن نفسها ضد إرهاب الدولة الإسرائيلي»، غداة نعته رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامن نتنياهو بأنه «أكبر تهديد لأمن المنطقة».

وأضاف الرئيس التركي: «هذه الهجمات شنت بينما كانت المفاوضات النووية الإيرانية جارية». وتابع: «إسرائيل التي تملك السلاح النووي ولا تعترف بأي قواعد دولية.. لم تنتظر انتهاء المفاوضات؛ بل شنت عملها من دون انتظار النتيجة».

وأوضح: «نتابع عن كثب هجمات إسرائيل لى إيران. كل مؤسساتنا في أعلى درجات التأهب بشأن تداعيات محتملة لهذه الهجمات، على تركيا».

وأضاف: «نستعد لأي سيناريو. وينبغي ألاّ يجرؤ أحد على اختبارنا».

أهداف «شاملة وخبيثة»

وفي وقت سابق، نشر الرئيس التركي بياناً على حسابه الرسمي في موقع «إكس»، قال فيه: «لقد وصلت إسرائيل صباح اليوم، إلى مستوى خطر للغاية في استراتيجيتها لإغراق منطقتنا وخاصة غزة بالدماء والدموع وعدم الاستقرار».

وقال: «هجمات إسرائيل على جارتنا إيران هي استفزاز صارخ يتجاهل القانون الدولي.. هذه الهجمات التي تأتي في وقت تكثف فيه المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني ويتزايد فيه الضغط الدولي ضد الأعمال اللاإنسانية التي تستهدف غزة، تظهر عقلية إسرائيل المخالفة للقواعد».

كما صرح بأن الهجوم الذي تشنه إسرائيل ضد إيران، «بات يتكشف يوماً بعد يوم أن هدفه ليس البرنامج النووي؛ بل أهداف شاملة وخبيثة». وقال أردوغان: «ندرك بشكل متزايد أن الهجوم، الذي شُن بذريعة ضرب المنشآت النووية الإيرانية، له أهداف بعيدة المدى وخبيثة».

وأضاف: «تركيا مستعدة للقيام بما يقع على عاتقها بما في ذلك تأدية دور لإنهاء الصراع بين إسرائيل وإيران»، مشدداً على أن «إسرائيل التي تتغطرس بدعم الغرب لا تدرك ما تفعله وتعرض وجودها للخطر من خلال ظلمها».

حراك دبلوماسي

وثمة حراك دبلوماسي وأمني في دوائر صنع القرار التركية، انطلاقاً من أردوغان، مروراً بالحكومة وانتهاء بالمؤسسات الأمنية.

ونقلت وسائل الإعلام التركية، أن أردوغان، عقد اجتماعاً أمنياً طارئاً مع قادة المؤسسات الأمنية في القصر الرئاسي في أنقرة بعد ضرب إيران، وذلك عقب اجتماع موسع شارك فيه وزير الخارجية هاكان فيدان، ووزير الدفاع يشار غولر، ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن، ورئيس الأركان العامة متين غوراك.

وتزامن الاجتماع مع اتصالات دبلوماسية مكثفة؛ إذ أجرى أردوغان اتصالاً هاتفياً مع نظيره السوري أحمد الشرع، ناقشا فيه ضرورة بقاء سوريا خارج نطاق هذا الصراع، وبحثا السبل الممكنة لردع إسرائيل.

كما أجرى اتصالين هاتفيين مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب، وأكد له أن «المفاوضات النووية هي الطريق الوحيد لحل الخلاف»، وقال: «نحن في تركيا مستعدون لبذل كل ما بوسعنا لمنع تصاعد التوتر وخروجه عن السيطرة». وتحدث مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان، وأجرى اتصالات مع عدد من قادة دول المنطقة، وأكد ضرورة وقف الهجوم الإسرائيلي.

وأجرى وزير الخارجية فيدان ورئيس جهاز الاستخبارات قالن، محادثات مع نظرائهما في عدة دول، وتناولا أخطار انتشار الحرب والإجراءات الممكنة لاحتوائها، وشددا على خطورة الوضع وضرورة التعامل معه بجدية.

حالة تأهب قصوى

أخذت تركيا موقفاً صارماً من إسرائيل في حربها على قطاع غزة؛ إذ قطعت التجارة والعلاقات مع إسرائيل، فقد قال أردوغان في وقت سابق: «تشكل القيود التجارية والحظر على إسرائيل شكلاً من أشكال النضال، ومن المهم انتهاج دبلوماسية نشطة من شأنها أن تحاصر إسرائيل في كل المجالات من أجل زيادة الضغط الدبلوماسي عليها، فنحن في خضم اختبار عظيم للإنسانية ممكن اجتيازه إذا كنا جزءاً من التحالف الإنساني».

ولاحقاً، بعد ضرب إيران، قال أردوغان إن بلاده تبذل كل ما في وسعها لوقف العدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة وسوريا ولبنان واليمن وإيران.

وأضاف أردوغان، أن أنقرة مستعدة لمواجهة أي سيناريوهات وحالات سلبية قد تنجم عن الصراع الإسرائيلي الإيراني، وأن جميع المؤسسات التركية بحالة تأهب قصوى تحسباً لأي تداعيات محتملة.

ولفت إلى أن تركيا أصبحت في الوقت الراهن، دولة ذات بنية دفاعية متكاملة تحمي سماءها بأنظمة دفاع جوي محلية، مؤكداً مضيها بعزيمة حتى الوصول إلى «الاستقلال الكامل» بالصناعات الدفاعية.

وقال أردوغان: إن نتنياهو «تجاوز منذ زمن طويل الظالم (الزعيم النازي الألماني أدولف) هتلر» من حيث جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها.

ولفت إلى أن تركيا أصبحت في الوقت الراهن، دولة ذات بنية دفاعية متكاملة تحمي سماءها بأنظمة دفاع جوي محلية، مؤكداً مضيها بعزيمة ومثابرة حتى الوصول إلى «الاستقلال الكامل» بالصناعات الدفاعية. من جهته، أجرى وزير الدفاع التركي يشار غولر، جولة تفقدية للمنطقة الحدودية التركية مع إيران.

الحرب على لبنان

ومنذ اللحظات الأولى للعملية العسكرية الإسرائيلية في لبنان، كان تحذير أردوغان أعلى صوتاً وأكثر وضوحاً، مؤكداً أن ذلك الهجوم البري، لن يكون مشابهاً لأي احتلال إسرائيلي سابق. مشيراً إلى أن إسرائيل «تضع الأراضي التركية نصب عينيها بعد فلسطين ولبنان».

استشعار الخطر لم يكن قاصراً على أردوغان وحده؛ بل أيضاً لدى رئيس حزب الحركة القومية، الشريك في التحالف الحاكم، دولت بهتشلي، الذي أكد أن «القضية اليوم ليست بيروت؛ بل أنقرة، والهدف النهائي هو الأناضول».

كما طالب في كلمة أمام الكتلة النيابية لحزبه، بضرورة «استخدام القوة بشكل عاجل لوقف إسرائيل» التي وصفها بـ «آلة القتل ومجرم الإبادة الجماعية»، كما حث الأمم المتحدة على أن «تضطلع على الفور بهذا الواجب التاريخي الذي لا رجعة فيه، وأن تعاقب قطيع القتلة».

وترى أنقرة أن الوجود الإسرائيلي العسكري من لبنان إلى سوريا، يهدد أمن تركيا، فقد أكد أردوغان أن «إسرائيل ستأتي إلى الشمال السوري لحظة احتلالها دمشق»؛ إذ ترتبط سوريا بحدود طويلة مع تركيا، وهو ما تعده أنقرة تهديداً.

رسائل نارية إسرائيلية

بدورها، فإن إسرائيل ترى أن سوريا أصبحت الامتداد الطبيعي لتركيا، في ظل سقوط الرئيس السابق بشار الأسد، ووجود حكومة حليفة لأنقرة في دمشق، وأكد ذلك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أهمية الدور التركي في سوريا، واصفاً أردوغان بأنه «رجل قوي وذكي للغاية». وأضاف: «أردوغان رجل قوي وذكي للغاية، فعل شيئاً لا يمكن لأحد أن يفعله (في سوريا)، يجب الإقرار بذلك»، وذلك خلال مؤتمر صحفي مع نتنياهو في البيت الأبيض.

ورداً على تصريحات نتنياهو بوجود مشاكل (مع تركيا في سوريا)، قال ترامب مخاطباً نتنياهو: «أعتقد أنه يمكنني حل كل مشكلة لديك مع تركيا (بخصوص سوريا). طالما أصبحت معقولاً، يجب أن تكون أنت ونحن معقولين في هذا الشأن».

وأكد ترامب أنه يتمتع بعلاقات جيدة للغاية مع تركيا ورئيسها، معرباً عن ثقته في قدرته على حل هذه المشكلة (الإسرائيلية مع تركيا في سوريا). وأضاف: «لا أعتقد بأن هذا الأمر سيصبح مشكلة».​​​​​​​

لكن إسرائيل ترى أن الوجود التركي في سوريا يعد تهديداً لها، ووجهت رسائل بالنار للحكومة السورية، عبر احتلال مناطق واسعة في الجنوب السوري، وقصف قواعد ووصل الأمر إلى قصف محيط القصر الرئاسي في دمشق.

وتشن إسرائيل بوتيرة شبه يومية منذ أشهر غارات جوية على سوريا، ما أدى إلى مقتل سوريين، وتدمير مواقع عسكرية وآليات وذخائر للجيش السوري.

وعلى الرغم من المحادثات التقنية بين إسرائيل وتركيا، بهدف خفض التصعيد وتفادي أيّ احتكاك مباشر في سوريا، فإن المخاوف بينهما تبقى هي العنوان الأبرز. فإسرائيل تسعى إلى فرض شروط صارمة في جنوب سوريا، من خلال نزع السلاح ومنع التحرك العسكري للحكومة الجديدة، فضلاً عن منع أنقرة من التمركز عسكرياً في هذا البلد.

وترى إسرائيل أن لخطط التركية المتعلقة بالتمركز في قاعدة «تي فور» العسكرية قرب تدمر ونشر أنظمة دفاع جوي متطوّرة، تهديداً مباشراً لتفوقها ومصالحها في سوريا.

وبحسب «يديعوت أحرونوت»، فقد شدد مسؤولون إسرائيليون، خلال لقاء نظرائهم الأتراك في العاصمة الأذربيجانية، باكو، على أن إقامة قواعد عسكرية تركية في تدمر «ستُعتبر تهديداً خطِراً للأمن القومي الإسرائيلي».

يقرأون الآن