أفادت مصادر سورية مطلعة بوجود مستوى غير مسبوق من التنسيق الأمني بين أجهزة الاستخبارات التابعة لما يُعرف بـ"الإدارة السورية الجديدة" وبين الجهات الأمنية الإسرائيلية، في مسار مشترك يستهدف النفوذ الإيراني وأذرعه العسكرية داخل الأراضي السورية. وقد أسفر هذا التعاون عن تنفيذ سلسلة من العمليات الأمنية ضد خلايا مرتبطة بطهران، لا سيما في المناطق الجنوبية من البلاد.
وبحسب مصدر على اطلاع مباشر بهذا التنسيق، فإن العملية الإسرائيلية التي نُفذت مؤخراً ضد ما وصفته تل أبيب بـ"خلية تابعة لفيلق القدس"، جاءت استناداً إلى معلومات استخباراتية زوّد بها الطرف السوري. وأوضح المصدر أن الوحدة الإسرائيلية "504"، المتخصصة بالعمليات في الجنوب السوري، تعتمد جزئياً على المعطيات التي يوفرها الجانب السوري، خصوصاً فيما يتعلق بعناصر متعاونين مع إيران وحزب الله، ما يعكس تحوّلاً لافتاً في خارطة الاصطفافات الأمنية داخل سوريا.
ويلفت المصدر إلى أن العملية الأخيرة التي قامت بها قوات خاصة إسرائيلية في منطقة رخلة على سفوح جبل الشيخ قرب الحدود اللبنانية، كانت ثمرة لمعلومات من الجانب السوري. مؤكدا أن مستودع الأسلحة الذي داهمته وصادرت محتوياته القوات الإسرائيلية لم يكن معلوما بالنسبة لإسرائيل، وإلا لما كانت الأسلحة قد بقيت لسبعة أشهر منذ سقوط النظام من دون أن تقصفها إسرائيل حتى الآن.
مضيفا أن منطقة رخلة تعتبر حساسة جدا بالنسبة لإسرائيل، بسبب موقعها على سفوح جبل الشيخ والحدود مع لبنان، ومن ثم إمكانية وضع حزب الله يده على هذه الأسلحة أو غيرها مما لم يُكتشف بعد.
الدعم الإيراني متواصل.. عبر العراق
يوضح المصدر السوري أن السلطات السورية تمتلك معلومات عن أن العديد من الأشخاص الذين كانوا يتعاملون مع الفرقة الرابعة التي كان يقودها ماهر الأسد، في جنوبي سوريا، منذ ما قبل سقوط النظام، ما زالوا يتلقون الدعم من الحرس الثوري الإيراني عبر العراق، وهذه المعلومات تم إيصالها إلى الجانب الإسرائيلي، وكانت نتيجتها مداهمة منطقة "تل كودنة" بدرعا جنوبي سوريا واعتقال عناصر يشتبه بصلتهم بفيلق القدس، كما أعلن الجيش الإسرائيلي.
ويكشف المصدر عن أن المداهمات الإسرائيلية المستمرة لريف القنيطرة ودرعا تستهدف عناصر سابقين في الفرقة الرابعة،المقربة من الحرس الثوري الإيراني، مشيرا إلى أن التحقيقات الإسرائيلية معهم تستهدف في أحد جوانبها، الحصول على معلومات عن أماكن انتشار مخازن الأسلحة المتبقية في الجنوب السوري.
واعتقلت القوات الإسرائيلية، خلال الأشهر الستة الماضية، 27 شخصاً من مناطق مختلفة في الجنوب السوري، حيث أطلقت سراح بعضهم، في حين لا يزال مصير الباقين مجهولاً.
ووجه الجيش الإسرائيلي للمعتقلين تهماً بالانتماء إلى "حزب الله" اللبناني والميليشيات الإيرانية و"حركة حماس"، بالإضافة إلى الاتجار بالسلاح.
وجرت الاعتقالات في مناطق متفرقة من ريف القنيطرة وبيت جن بريف دمشق ودرعا، وكانت آخر حملة دهم صباح الاثنين، وطالت 6 أشخاص بينهم يافع، حيث قالت إسرائيل بأنها أوقفتهم بسبب تعاملهم مع "فيلق القدس" الإيراني.
عمليتان متزامنتان
في سياق متصل، يرى المصدر أن التعاون الاستخباري بين دمشق وتل أبيب ظهر أمس بشكل واضح من خلال تزامن العملية الإسرائيلية بريف القنيطرة في الجنوب السوري، مع عملية مماثلة لقوات الأمن السورية في البوكمال بدير الزور، شمال شرقي البلاد، حيث كان الهدف المشترك هو خلايا إيران الباقية في سوريا.
وفقا للمصدر، فإن التحقيقات الإسرائيلية مع العناصر الذين يتعاملون مع إيران في الجنوب السوري، أوصلت إلى معلومات عن المتعاملين في الشمال الشرقي، وخاصة قرب الحدود العراقية. ولفت إلى أن الخلايا الباقية لإيران في شرق سوريا تتبع للفوج 47 الذي أنشأته إيران في المنطقة.
يذكر المصدر أن الأمن العام السوري داهم مواقع هؤلاء في البوكمال وقرية السكرية بشكل خاص. مشيرا إلى أنه رغم عودة الهدوء إلى مدينة البوكمال، لاتزال هناك مداهمات سارية ( على أشخاص مُحددين ) ولازال الانتشار الأمني ببعض المناطق.
وكان قائد الأمن الداخلي في محافظة دير الزور، العقيد ضرار الشملان، أعلن أمس عن انتهاء العملية الأمنية في مدينة البوكمال وريفها، حيث أكد أن قوى الأمن الداخلي نفذت حملة أمنية واسعة ومحكمة في مدينة البوكمال ومحيطها، أسفرت عن توقيف أكثر من خمسين مطلوباً في قضايا متنوعة، شملت حيازة السلاح غير المشروع والاتجار به، وترويج المواد المخدّرة، وتهديد أمن وسلامة المواطنين، بحسب قوله.
وأضاف الشملان أن الحملة شهدت اعتقال عدد من الأفراد المرتبطين بالحرس الثوري الإيراني.