لبنان

ثلاث قنوات تواصل لبنانية مع إسرائيل... متى الحسم؟

ثلاث قنوات تواصل لبنانية مع إسرائيل... متى الحسم؟

بعدما ساهمت التطوّرات الأخيرة في المنطقة برسم خريطة جديدة للشرق الأوسط، إذ لا يمكن التكهّن بالمستقبل من دون معرفة اتّجاه التسويات، وبعدما نشأت موازين قوى جديدة عقب حروب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يتطلّع لبنان إلى عبور هذه المرحلة بأقلّ خسائر ممكنة.

وفيما تسلك المفاوضات بين النظام السوري الجديد برئاسة الرئيس أحمد الشرع وإسرائيل طريقها بسرعة، متّخذًا خطًا جديدًا، يطمح من خلاله إلى إحلال السلام في بلاده وإنهاء حالة الحرب والانصراف إلى الاقتصاد والتنمية بعدما تبيّن زيف العناوين التي استعملتها الأنظمة الراحلة من أجل القضية الفلسطينية، يرتفع منسوب الكلام في الأيام الأخيرة عن فتح قنوات اتصال بين لبنان وإسرائيل والسير في التطبيع. وقد لفت حديث الموفد الأميركي توم برّاك عن حصول تواصل لبناني- إسرائيلي زارعًا بعض الشكوك. في حين ينصرف التركيز اللبناني على قراءة الردّ الأميركي الذي وصل إلى بيروت أمس الأول وفق ما ورد في "نداء الوطن".

تؤكّد الدولة اللبنانية عدم وجود تواصل مباشر أو لقاءات بين بيروت وتل أبيب، وخطوط التواصل التي تحصل تتلخّص على الشكل الآتي:

الخطّ الأوّل، عبر اجتماع اللجنة الثلاثية التي تضمّ الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي و "اليونيفيل"، في مقرّ الأمم المتحدة في الناقورة منذ خمس سنوات وبطريقة غير مباشرة، بحيث تلعب "اليونيفيل" دور الوسيط.

خطّ التواصل الثاني، يحصل من خلال لجنة مراقبة الهدنة التي يرأسها جنرال أميركي، وهذا التواصل يتمّ أيضًا بطريقة غير مباشرة، إذ يتواصل الإسرائيلي مع الجنرال الأميركي، الذي بدوره يتواصل مع الجانب اللبناني، واتفاقية الهدنة التي وقّعت في 27 تشرين الثاني الماضي كرّست هذا الأمر.

ويتمثّل خطّ التواصل الثالث بين لبنان وإسرائيل من خلال الولايات المتحدة الأميركية، التي تلعب دور الوسيط بين بيروت وتل أبيب، ويقوم برّاك بدور الوسيط، حيث سلّم ورقة المقترحات الأميركية، وتسلّم لاحقًا الردّ اللبناني، ونقله إلى تل أبيب للموافقة عليه أو الاعتراض، وبالتالي يمثّل هذا الخطّ تواصلًا غير مباشر بين لبنان وإسرائيل بواسطة واشنطن وبرعايتها، والتي تملك مفتاح رفع منسوب التواصل.

لم تفتح الدولة اللبنانية بعد خطوط التواصل المباشر مع إسرائيل مثلما تفعل سوريا، وتركّز في الوقت الحالي على استتباب الأمن وتحرير الأراضي المحتلة وإطلاق سراح الأسرى، وتحدّث رئيس الجمهورية جوزاف عون أخيرًا عن سعيه إلى السلام الذي يعني حالة اللاحرب وليس سلامًا بالمعنى السياسي بين لبنان وإسرائيل. وفي حال قرّر لبنان فتح خطوط تواصل مباشرة مع تل أبيب فهذا يحصل بعد تحقيق المطالب واتخاذ قرار لبناني جامع في هذا الصدّد.

وإذا كانت الأرضية اللبنانية غير جاهزة في هذه اللحظة للذهاب نحو التطبيع، فاستمرار حالة الحرب يعني دمار البلد وخرابه، ولا تستطيع الدولة اللبنانية أن تكون "ملكيّة أكثر من الملك" وتحمل لوحدها وزر القضية الفلسطينية، بينما سوريا التي تعتبر "قلب العروبة النابض" تذهب إلى صوغ اتفاقات وتفاهمات مع إسرائيل.

لا يدفع أحد في هذا التوقيت باتجاه التطبيع مع إسرائيل، فمشاكل البلد كبيرة والتحدّيات أكبر وأبرزها سلاح "حزب اللّه" وجمع كل السلاح غير الشرعي. وتقف الدولة اللبنانية عاجزة أمام هذه المعضلة، إذ لم يناقش مجلس الوزراء حتى الساعة خطة جمع السلاح أو يضع جدولًا زمنيًا لسحب السلاح غير الشرعي، ويتبع خطّة الهروب إلى الأمام، بينما الردّ على الورقة اللبنانية من قبل واشنطن يشترط وضع جدول زمني.

يراهن البعض على الحوار الداخلي من أجل جمع سلاح "حزب اللّه" وأخواته من السلاح غير الشرعي، لكنّ البعض يفوته أنّ قرار الإبقاء على سلاح "الحزب" أو تسليمه ليس داخليًا فقط بل مرتبطًا ارتباطًا تنظيميًا وأيديولوجيًا وإداريًا بإيران، وعندما تصدر الأوامر من هناك يطبّقها "الحزب" بحذافيرها.

أمام حالة المراوحة والتأجيل وكسب الوقت، يبدو أنّ هناك شيئًا ما حاسمًا قد يحصل أواخر الشهر الجاري أو في بداية الشهر المقبل وقد يرسم خريطة الطريق لمستقبل سلاح "الحزب" وربما للبنان والمنطقة، وقد يكون حصول تفاهم أميركي- إيراني على إنهاء الأذرع بحسب "نداء الوطن".

يقرأون الآن