عاد الحديث مجدداً عن مشاريع التقسيم في المنطقة، وهذه المرة من بوابة التصعيد العسكري في سوريا، وسط تحذيرات من أن الضربات الأخيرة تحمل بوادر تفكيك جغرافي جديد، ضمن ما يسميه البعض مراحل متقدمة من "مشروع الشرق الأوسط الجديد"، المشروع الذي كان العراق أحد أبرز ضحاياه في العقد الماضي، وما يزال يُخشى من امتداد تداعياته على الجوار.
في هذا السياق، أكد عضو تحالف الإطار التنسيقي عصام شاكر، في حديثه إلى "بغداد اليوم"، اليوم الأربعاء أن "ملامح تفكك الجغرافيا السورية بدأت تلوح في الأفق"، محذراً من أن الولايات المتحدة الأمريكية "تقف بشكل مباشر خلف الضربات الأخيرة التي استهدفت البنى التحتية ومناطق نفوذ الدولة السورية"، معتبراً إياها جزءاً من "تنفيذ مراحل مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي كان العراق أولى ضحاياه".
مشروع "الشرق الأوسط الجديد" ارتبط في العقل السياسي العربي بالمشاريع الأمريكية التي أعقبت احتلال العراق عام 2003، حيث طُرحت نظريات تتحدث عن تقسيم دول المنطقة إلى دويلات طائفية وعرقية لضمان الأمن الإسرائيلي ومصالح واشنطن الاستراتيجية. ورغم أن هذه الخرائط بدت للبعض أقرب إلى الخيال السياسي، إلا أن سلسلة الحروب، من العراق إلى سوريا وليبيا واليمن، أعادت طرحها مجدداً بوصفها أداة لتفكيك المنطقة من الداخل، عبر الحروب والهويات الفرعية.
وبيّن شاكر، أن "مشروع الشرق الأوسط الجديد ليس وليد اللحظة، بل هو مخطط تم تبنيه منذ أكثر من نصف قرن في عواصم كبرى، تتقدمها واشنطن، وظهرت بعض خرائطه في الصحف والمجلات الدولية، قبل أن يبدأ التنفيذ الفعلي في الشرق الأوسط مطلع الألفية".
وأضاف، أن "العراق كان أول من دفع ثمن هذا المشروع، حين أُطلقت آلاف المجاميع الإرهابية باتجاه الموصل في حزيران 2014، وأدت تلك الهجمة إلى سقوط مدن ومحافظات كاملة بيد الإرهاب، قبل أن تعيد فتوى المرجعية الدينية ودور رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي التوازن إلى المعركة، لتنتهي بتحرير كافة المناطق بعد سنوات من التضحيات الجسيمة".
ويرى مراقبون أن ما يجري اليوم في سوريا، سواء في الجنوب أو الشمال الشرقي، وما يرافقه من ضربات مركزة على المنشآت والبنى التحتية، يؤكد استمرار الضغوط الخارجية بهدف تفكيك الدولة السورية. ولا يخفى على أحد أن الصراع في فلسطين، وامتداده إلى لبنان، شكل ساحة أخرى لهذا المشروع الذي يجد في الفوضى بيئة خصبة للتمدد.
وشدد شاكر، في حديثه لـ"بغداد اليوم"، على "ضرورة الانتباه جيداً إلى ملف أمن العراق في هذه المرحلة"، محذراً من "ارتدادات التوترات الإقليمية على الداخل العراقي".
ودعا إلى "توحيد جميع القوى السياسية والشعبية من أجل تحصين البلاد، وتعزيز الجبهة الداخلية، وإبعاد العراق عن أي تداعيات محتملة مرتبطة بتفكك الجغرافيا السورية أو أي تصعيد أوسع في المنطقة".
وبحسب محللين، فإن العراق، بسبب موقعه الجغرافي وعمقه السياسي والأمني المتداخل مع الجبهات السورية واللبنانية، سيكون الأكثر تضرراً من أي فوضى جديدة، خصوصاً مع تعقيدات ملف أمن الحدود، والارتباطات القائمة بين بعض الفصائل العراقية ونظيراتها في تلك الساحات الملتهبة.