في الوقت الذي كانت فيه الأنظار موجّهة إلى صدى الحرب بين إيران وإسرائيل، تفجّرت في طهران أزمة داخلية أكثر خطورة. لم يعد الحديث يدور فقط عن تهديد خارجي، بل عن محاولة انقلاب من داخل النظام نفسه. الاتهام موجّه لرئيس الجمهورية، مسعود بزشكيان. فهل نحن أمام محاولة انقلاب حقيقية؟ أم حملة تطهير سياسي تحت غطاء الاتهامات؟
انقلاب فاشل وتهديد وجودي
في تغريدة مثيرة للجدل نشرها السفير الأميركي السابق لدى أفغانستان والعراق والمبعوث الخاص السابق إلى الشرق الأوسط، زلماي خليلزاد، قال: "السكاكين مرفوعة في إيران. الرئيس بزشكيان متّهم من بعض الأطراف بالمشاركة في انقلاب فاشل ضد المرشد الأعلى علي خامنئي أثناء الحرب مع إسرائيل. هل نحن أمام حملة تطهير؟ أم انقلاب جديد يلوح في الأفق؟".
وأضاف خليلزاد أن التاريخ مليء بالأمثلة على أن الانقلابات الفاشلة تؤدي إلى حالة عدم استقرار، وتشجّع على محاولات لاحقة تنجح أحيانًا. وذكّر بتجارب دول مثل تشيلي، وبوروندي، وكمبوديا، وإثيوبيا، محذرًا من مصير مشابه في إيران.
اجتماع مخابراتي واتهامات انقلاب
التحذير الأميركي استند إلى تحقيق نشرته قناة إيران إنترناشونال المعارضة، تضمّن تفاصيل غير مسبوقة عن قصف إسرائيلي استهدف اجتماعًا سريًا لمجلس الأمن القومي الإيراني في 15 حزيران، رابع أيام الحرب على إيران، داخل طابق سفلي في مبنى قرب فندق إيران مال ومنطقة شهيد باغيري التابعة للحرس الثوري.
ووفق التقرير، كانت إسرائيل تترصّد دخول العضو العاشر للاجتماع لتبدأ القصف. استُخدمت ستة صواريخ على الأقل لضرب مداخل ومخارج المبنى، ما أدى إلى انقطاع الكهرباء وتوقف التهوية. وحسب ما أفادت به وكالة “فارس” لاحقًا، نجحت الشخصيات الحاضرة، ومنهم الرئيس بزشكيان، في الهروب عبر فتحة طوارئ سرية، إلا أن بزشكيان تعرّض لإصابة طفيفة في ساقه أثناء الفرار.
الغضب السياسي لم يتأخّر. خلال مقابلة مثيرة للجدل مع الصحافي الأميركي تاكر كارلسون، ظهر بزشكيان متحدثًا بلغة حوار وانفتاح مع واشنطن، مؤكدًا استعداده للتفاوض. المقابلة هذه أثارت غضب الأجنحة المتشددة داخل النظام، واعتُبرت "خيانة خطابية" في ظل معركة وجودية مع إسرائيل.
نائب طهران يتّهم بزشكيان رسميًا
في تصريح مباشر هو الأول من نوعه، قال النائب أبو الفضل ظهرهوند، المقرّب من تيار سعيد جليلي: "ما نراه اليوم هو انقلاب من داخل النظام… يجب أن نردّ بانقلاب ضد انقلاب الحكومة". وأضاف في مقابلة نارية أن "الأوليغارشية الحاكمة" تسعى لإضعاف الجمهورية الإسلامية، وأن بزشكيان "ضحّى بجيناته الأخمينية" و"دم الحسين" لتلميع صورة أميركا.
وأشار ظهرهوند إلى أن خطة الانقلاب كانت تقوم على اغتيالات لقادة بارزين داخل النظام، وإظهار إيران دولة ضعيفة، تمهيدًا لتفكيكها على غرار النموذج العراقي واللبناني. وتابع: "عندما تبدأ الحكومة بالتفاوض سراً، فهي تعترف ضمنياً بضعفها. وهذا يؤكد أن هدفها هو إنهاء الجمهورية الإسلامية".