ينتظر لبنان إستحقاقا دستوريا قريبا، ألا وهو الانتخابات البلدية والإختيارية. فالشعب اللبناني بأكمله يترقب مصيرها في أيار/مايو المقبل، خصوصاً بعد إرجائها العام الماضي بموجب مشروع قانون اتخذه مجلس الوزراء تحت ذريعة تلازم الانتخابات البلدية والاختيارية مع الانتخابات النيابية في شهر أيار/مايو 2022.
وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام المولوي، أكد أن وزارته على اتم الاستعداد لهذا الإستحقاق، وكان قد سبق له ان أكد في مؤتمر صحافي أن الانتخابات البلدية والاختيارية ستحصل في وقتها، وانه وجه كتابًا للأمانة العامة لمجلس الوزراء حدّد فيه تكلفة إجراء الانتخابات بما يقارب تسعة ملايين دولار.
لكن مصادر وزارة الداخلية، رفضت الكشف عن اسمها، اكدت لـ"وردنا" أن العائق قد يكون مالياً وبالتالي الوزارة غير معنية بهذا الشق. وبانتظار دعوة الهيئات الناخبة، يبدو أن عوائق من نوع آخر تنتظر البلديات.
من الناحية القانونية
مع استمرار الشغور الرئاسي ووجود حكومة تصريف أعمال، اختلفت الآراء حول قانونية توجيه الدعوة. الخبير الدستوري عادل يمين يرى أن "الدعوة للانتخابات البلدية تتم عبر مرسوم يوقعه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزير المختص أي وزير الداخلية والبلديات، وكون الرئيس غير موجود، واذا افترضنا أن إجراء الإنتخابات من الأمور الضرورية التي لا تتحمل الإرجاء، وطالما أن دعوة الهيئات الناخبة تتم بموجب مرسوم رئاسي عادي، وما دام هذه الفئة من المراسيم لا يمكن فرضها على رئيس الجمهورية بحال تم رفضها، وما دام هناك شغور رئاسي، وبناء عليه فان مرسوم دعوة الهئيات الناخبة إلى الانتخابات البلدية، لا يصدر بالوكالة عن رئيس الجمهورية الّا بإجماع وتوقيع جميع أعضاء الحكومة ورئيسها".
وأكد يمين في حديثه لـ"وردنا"، أنه "سبق وأجريت انتخابات البلدية، في عهد وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق في عام 2016"، وردا على السؤال: "في حال لم يوقع وزير على المرسوم، هل سيبطل؟"، أجاب: "نعم".
في المقابل، يقول الخبير الدستوري والقانوني سعيد مالك لـ"وردنا"، إن قانون البلديات ينص على أن دعوة الهيئات الناخبة تتم بموجب قرار يصدره وزير الداخلية، يعني بالتالي "ليس هناك من داع لأي مرسوم لأن الانتخابات تجرى بناء على دعوة من الوزير، خلافاً لما هو عليه الأمر بالنسبة للانتخابات النيابية التي تجري الدعوة إليها استناداً إلى مرسوم يصدر عن مجلس الوزراء"
واعتبر مالك، أنه "ليس هناك أي دور لرئيس الجمهورية بموضوع الانتخابات البلدية، ويمكن اجراؤها ولو بغياب الرئيس وهناك سابقة في عام 2016 حين جرت في وقت حكومة تمام سلام، وكان هناك شغور رئاسي انذاك، فأجريت الانتخابات حسب الاصول وانتجت مجالس بلدية واختيارية، وبالتالي اليوم غياب الرئيس لا يقدم ولا يؤخر".
يتزامن هذا الاختلاف القانوني، مع سجال آخر حول عمل المجلس النيابي التشريعي في فترة الشغور الرئاسي،
عضو لجنة المال والموازنة النائب أيوب حميد، كشف في حديث مع "وردنا" الى عقد جلسة خلال هذا الأسبوع بحضور وزير المالية يوسف الخليل والداخلية بسام المولوي لمناقشة موضوع البلديات".
وأشار الى أن الكلفة لإجراء الانتخابات البلدية غير متوفرة، وأن الهبات ليست كافية اضافة الى أن موضوع الاعتمادات يحتاج إلى قانون. وحذّر حميد من عدم إتمام هذا الإستحقاق في حال عدم البتّ بقانون الإعتمادات.
أسباب سياسية..
الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين، يخالف كل ما سبق ويرى أن "العائق سياسي وليس مالي، لأن الإتحاد الأوروبي ووكالة التنمية الأميركية يمكنهما تقديم هبات مثلما حصل في الانتخابات الماضية".
بدوره، كشف مدير المنظمة الدولية لتقرير الديمقراطيDRI أندرية سليمان لـ"وردنا"، أن "الأمم المتحدة أمنّت القرطاسية المطلوبة، وأن هناك استحالة لتأجيل الانتخابات لأن مجلس النواب هيئة انتخابية حصراً في هذا الوقت إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية، فلا يمكنه أن يقر قانون تأجيل الانتخابات النيابية مرة ثانية، وحكومة تصريف الأعمال ليس لديها الحق في أن تصدر مرسوم تأجيل فهذا غير دستوري، ويمكنهم أن "يطلعوا بفتوى" او إخراج قانوني، بتأجيل تقني سنة او سنتين، خلافا للأصول".
في 31 أيار/مايو 2023 تنتهي ولاية المجالس البلدية والاختيارية في لبنان، ولا يزال هذا الملف موضع سجال بين الأطراف السياسية، وأصبح أشبه بفاتورة مطعم يتبادله الجالسون على الطاولة، وينتظرون شهامة أحد منهم لدفع الحساب.