شهد الإعلام البريطاني تحولًا ملموسًا نحو تعاطف أكبر مع الفلسطينيين، إذ ازداد تركيز وسائل الإعلام الكبرى على الكارثة الإنسانية في غزة، ونقلت صورًا وأصواتًا من الميدان تظهر المعاناة اليومية.
نشرت صحيفة "ديلي إكسبريس" البريطانية، أمس، على غلاف صفحتها الأولى صورة طفل فلسطيني تنهكه مجاعة الحصار الإسرائيلي، وكتبت «من أجل الرحمة.. أوقفوا هذا الآن»، مع توصيف الوضع بأنه "جحيم غزة"، كلها تمثل تحولًا كبيرًا في لهجة صحيفة لا تُعتبر عادة متعاطفة مع القضايا الفلسطينية، فهي صحيفة يومية بريطانية ذات توجه يميني شعبوي. تاريخيا، كانت تدعم سياسات المحافظين، وتميل إلى القومية البريطانية. وغالبا ما تتخذ مواقف مناهضة للهجرة، ومتشددة في قضايا الأمن، وأقرب إلى التيارات اليمينية التقليدية في السياسة البريطانية.
يشير الغلاف إلى أن ما يجري في غزة بات صادما لدرجة تخترق حتى الحواجز الأيديولوجية في الإعلام البريطاني، بما في ذلك صحف اليمين. لذا فإن نشر غلاف كهذا في هذا التوقيت يُعد مؤشرا واضحا على التحول في الرأي العام البريطاني، وعمق التأثير الإنساني للحرب على وجدان حتى التيارات المحافظة.
كذلك برزت الصحف الليبرالية مثل "ذي غارديان" و"إندبنتدنت" بمقالات افتتاحية تنتقد إسرائيل وتطالب بأفعال ملموسة، وبدأت تستخدم مصطلحات مثل "إبادة" و"مجزرة". كما شهدت "بي بي سي" توترات داخلية بشأن تغطية الحرب، ووقّع موظفون فيها رسائل احتجاج على ما وصفوه برقابة ذاتية، مما أدى إلى تحولات تدريجية في التغطية.
حتى الصحف ذات التوجه المحافظ بدأت تُظهر المأساة الإنسانية، رغم تمسكها بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. ومع تغيّر مزاج الرأي العام، ازدادت حرية وسائل الإعلام في عرض الحقائق دون الخوف من فقدان الجمهور.
تشير التغطية الإعلامية إلى انزياح نسبي في الخطاب البريطاني العام، سواء الرسمي أو الشعبي، نحو موقف أكثر وضوحا في انتقاد إسرائيل والتعاطف مع الفلسطينيين.