غنت عن الألم والفقد بصوت يمتزج فيه الحزن بالسكينة، لم يكن ألمها صاخبًا، بل كان هادئًا، يشبه بكاء الأرواح لا صراخ الأجساد، هكذا كانت فيروز كما عرفها الجمهور دائمًا حتى بعد الفواجع التي ضربت حياتها بقوة واختبرت ألم الفقد والألم أكثر من مرة في أعز ما تملك، فكانت المرة الأولى مع ابنتها الشابة ليال ذات الـ29 عامًا، قبل أن تستقبل نفس الألم مرة أخرى خلال الساعات الماضية برحيل ابنها الأكبر ورفيق رحلتها الفنية زياد الرحباني عن عمر يناهز الـ 69 عامًا.
"كانت آخر ليلة تجتمع كل العائلة".. إحدى ليالي شهر كانون الثاني/ يناير من عام 1988 هي الليلة الأخيرة التي تجمع أبناء فيروز الأربعة معًا، زياد، هالي، ريما، وليال أمام التلفزيون يشاهدون حفلاً لـ "جارة القمر" ويعلقون عليه، وفقًا لما كشفته ريما الرحباني في تدوينة سابقة عبر حسابها على "فيس بوك"، "تركتهم ودخلت لأنام وفي الصباح عند الساعة العاشرة استيقظت ومررت من أمام غرفتها، رأيتها، كانت لا تزال نائمة، وكنت معتادة عند استيقاظي ألا أجدها، لأنها تذهب إلى عملها باكرًا في الإذاعة. لمستها ووجدت يدها مثلجة، جريت مسرعة واتصلت بالطبيب وقال لي أن أقوم لها ببعض الإسعافات، ولكن دون جدوى ونقلتها إلى المستشفى حيث قضت ليلة في العناية المركزة".
تفاصيل آخر48 ساعة في حياة ابنة فيروز
لم يمر أكثر من 48 ساعة على نقل الشابة ليال إلى العناية المركزة ولكن كل المؤشرات كانت تذهب إلى صعوبة وضعها الصحي المفاجئ، حتى إن إذاعة لبنان أذاعت خبر وفاة الابنة الشابة بينما كانت ما زالت حية على سرير المرض، وفقًا لما كشفته ريما "سمعت خبر وفاة ليال على الإذاعة، كانت لا تزال موجودة في العناية، اتصلت بالإذاعة معميّة من الغضب فأخبروني أن مصدر الخبر هو عمي منصور.. اضطررت كالعادة إلى الصمت، وابتلعت وجعي وحيدة، ويوم الأربعاء ماتت ليال"، مؤكدة أن وفاة شقيقتها كانت بسبب انفجار في المخ، وهو نفس المرض الذي توفي بسببه والدها عاصي الرحباني عام 1986.
تمت مراسم دفن ليال رحباني في جنازة بسيطة، حضرها الأقربون فقط، ولم تُسلّط الأضواء الإعلامية على الحدث كما يحصل عادة مع أبناء المشاهير، ريما لم تتحدث وقتها، لكنها بعد سنوات، نشرت رثاءً مؤلمًا وأشارت إلى أن ليال رحلت وسط صمت وظلم كبيرين، حتى إن خبر وفاتها سُلب منها وأعلن بطريقة خاطئة.
وزاد البحث مؤخرًا حول تفاصيل وفاة ليال الرحباني، الابنة الكبرى للسيدة فيروز والموسيقار الراحل عاصي الرحباني، والتي رحلت في سن مبكرة، تاركة خلفها حزنًا دفينًا لا يزال يُخيّم على ذاكرة العائلة ومحبيها حتى اليوم.
من هي ليال الرحباني؟
ليال هي الابنة البكر للفنانة اللبنانية الشهيرة فيروز من زوجها ورفيق مسيرتها الفنية، الموسيقار عاصي الرحباني.
وُلدت ليال عام 1958، ونشأت وسط أجواء موسيقية استثنائية، إذ عاشت طفولتها في كنف واحدة من أبرز العائلات الفنية في لبنان والعالم العربي.
وعلى الرغم من ابتعادها عن الأضواء مقارنة ببقية أفراد العائلة، إلا أن حضورها داخل الأسرة كان مؤثرًا وعميقًا.
صدمة إعلامية وتسرّب مبكر للخبر
اللافت أن خبر وفاة ليال نُشر في بعض الصحف قبل أن تُعلن العائلة عن الوفاة رسميًا، وهو ما أثار استياءً كبيرًا داخل الأسرة، خاصة من شقيقتها ريما التي تحدثت لاحقًا عن استغلال بعض الصحفيين للحظة الصدمة، ووصفت ما جرى بأنه “انتهاك للخصوصية في لحظة وجع”.
تُوفي عاصي الرحباني في عام 1986 بعد صراع مع المرض، ثم لحقته ليال في بداية 1988، ما ترك فيروز مكسورة القلب، حسبما يروي المقرّبون منها، ومنذ ذلك الحين، باتت العائلة أكثر تحفظًا في إطلالاتها الإعلامية، واختفت أغلب التفاصيل الشخصية عن الأبناء.
ورغم أن ليال لم تشارك بشكل مباشر في الأعمال الفنية، إلا أنها كانت حاضرة بقوة في كواليس المسرح والعروض التي كانت تُقدمها فيروز، وتحديدًا في الفترة الذهبية لمسرح الرحابنة، وقد أشارت بعض الروايات إلى أن السيدة فيروز أهدت أغنية “سكن الليل” لروح ابنتها بعد وفاتها، دون إعلان رسمي بذلك.