العراق آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

"الجيش الموازي" يطرق الأبواب.. "قانون الحشد" فجّر جدل السيادة في العراق

في قلب النقاش البرلماني العراقي المتوتر، يعود مشروع قانون "الحشد الشعبي" إلى الواجهة بوصفه اختباراً صارخاً لمسار الإصلاح الأمني وسيادة الدولة الذي وعدت به الحكومة العراقية.

وبينما ترى قوى سياسية مؤيدة أن المشروع يمثل خطوة تنظيمية ضرورية، فإن معارضيه يعتبرونه تقويضاً لفكرة بناء مؤسسة أمنية وطنية جامعة، بل وانقلاباً على مبدأ حصر السلاح بيد الدولة.

المفارقة أن القانون المطروح يرفع سقف استقلالية "الحشد" إلى مستوى يجعله مؤسسة موازية للجيش والشرطة، في وقتٍ يتحدث فيه البرنامج الحكومي عن توحيد البنية الأمنية ضمن هيكل سيادي واحد.

يأتي ذلك في وقت يتهيأ فيه البرلمان العراقي، تحت ضغط أطراف نافذة في تحالف الإطار التنسيقي الحاكم، لإدراج القراءة النهائية لمشروع قانون الحشد الشعبي على جدول أعمال جلساته المقبلة تمهيداً للتصويت، وذلك عقب استكمال القراءة الثانية للقانون الذي ما زال يثير اعتراضات وتحفظات واسعة على المستويين الداخلي والخارجي.

خطوة نحو دولة السلاح الموازي

وقالت مصادر سياسية عراقية  إن مشروع قانون الحشد الشعبي بصيغته الحالية، لا يتماشى مع مسار الإصلاح الأمني الذي تعهدت به الحكومة أمام البرلمان، وإنما يشكل عودة إلى تكريس الهياكل العسكرية الموازية التي عانى منها العراق.

وأوضحت هذه المصادر أن القانون المقترح يمنح الحشد استقلالاً مؤسسياً ومالياً وتنظيمياً يجعله عملياً خارج سلطة وزارتي الدفاع والداخلية، مع استمرار ولاءات فصائله لجهات سياسية أو خارجية.

وبينما ترى قوى سياسية مؤيدة أن المشروع يمثل خطوة تنظيمية ضرورية، فإن معارضيه يعتبرونه تقويضاً لفكرة بناء مؤسسة أمنية وطنية جامعة، بل وانقلاباً على مبدأ حصر السلاح بيد الدولة.

المفارقة أن القانون المطروح يرفع سقف استقلالية "الحشد" إلى مستوى يجعله مؤسسة موازية للجيش والشرطة، في وقتٍ يتحدث فيه البرنامج الحكومي عن توحيد البنية الأمنية ضمن هيكل سيادي واحد.

يأتي ذلك في وقت يتهيأ فيه البرلمان العراقي، تحت ضغط أطراف نافذة في تحالف الإطار التنسيقي الحاكم، لإدراج القراءة النهائية لمشروع قانون الحشد الشعبي على جدول أعمال جلساته المقبلة تمهيداً للتصويت، وذلك عقب استكمال القراءة الثانية للقانون الذي ما زال يثير اعتراضات وتحفظات واسعة على المستويين الداخلي والخارجي.

خطوة نحو دولة السلاح الموازي

وقالت مصادر سياسية عراقية إن مشروع قانون الحشد الشعبي بصيغته الحالية، لا يتماشى مع مسار الإصلاح الأمني الذي تعهدت به الحكومة أمام البرلمان، وإنما يشكل عودة إلى تكريس الهياكل العسكرية الموازية التي عانى منها العراق.

وأوضحت هذه المصادر أن القانون المقترح يمنح الحشد استقلالاً مؤسسياً ومالياً وتنظيمياً يجعله عملياً خارج سلطة وزارتي الدفاع والداخلية، مع استمرار ولاءات فصائله لجهات سياسية أو خارجية.

وأكدت أن الإصلاح الأمني في جوهره لا يقتصر على إعادة هيكلة القوات، وإنما على إعادة بناء الثقة بين المجتمع والأجهزة الأمنية، معتبرة أن تمرير القانون من دون توافق، خاصة مع المكونات السنية والكردية، سيؤدي إلى نتيجة عكسية، ويعيد إنتاج الانقسام على أسس أمنية وطائفية داخل الدولة.

وأضافت المصادر أن تمرير القانون في الظروف السياسية الراهنة قد يؤدي إلى إضعاف الجيش العراقي كمؤسسة جامعة، ويزيد من صعوبة ضبط السلاح غير المنضبط، ويمنح الفصائل الموالية للحشد غطاءً قانونياً للتحرك العسكري والسياسي في مناطق لا تزال تعاني هشاشة أمنية.

كما حذّرت من أن تثبيت استقلال الحشد سيجعل  العراق أقرب إلى نموذج الدول التي تعمل فيها الجيوش جنباً إلى جنب مع قوى عقائدية–مسلحة تحت مسمى قوات رديفة، وهو نموذج يُضعف قدرة الدولة على فرض سيادتها الكاملة، ويخلق ازدواجية في القرار الأمني والعسكري.

كذلك أضافت مصادر  أن تمرير القانون سيُقرأ إقليمياً ودولياً على أنه إضفاء طابع مؤسسي على النفوذ الإيراني داخل المنظومة الأمنية العراقية، وهو ما سيزيد من حدة التوتر مع الولايات المتحدة وعدد من القوى الغربية التي ترى في الحشد الشعبي قوة عقائدية–سياسية ذات ارتباطات خارجية واضحة.

شرعنة الكيانات المسلحة

مشروع القانون، بصيغته الجديدة، لا يكتفي بإعادة التأكيد على وجود الحشد الشعبي، بل يمنحه وضعاً قانونيا وتنظيمياً مستقلاً عن وزارتي الدفاع والداخلية، ما يمنحه سلطة شبه سيادية داخل الجهاز الأمني، بحسب حديث المحلل السياسي العراقي، أمجد سلام.

في المقابل، فإن الإصلاح الأمني كما طُرح في وثائق الحكومة العراقية، ينطلق من فكرة دمج الفصائل المسلحة في القوات النظامية وإخضاعها لسلسلة القيادة الرسمية، بغرض إنهاء تعدد مراكز القرار العسكري، وهنا تكمن الإشكالية، وفق سلام الذي تساءل حول هذه الخطوة التي تُعدّ تكريس استقلالية الحشد عن المؤسستين الأمنيتين الرئيستين إصلاحاً، أم أنها ستكون ترسيخاً لازدواجية القرار وشرعنة لواقع عسكري موازٍ.

واعتبر المحلل السياسي أن منح الحشد استقلالاً تشريعياً، وفق المشروع المطروح، يعني فعلياً وجود مؤسسة ذات قيادة وأركان، وتمويل، وهيكل تدريبي خاص بها، وكل ذلك خارج منظومة الجيش التقليدي. 

وتابع "التجارب الدولية تشير إلى أن وجود مؤسسات أمنية موازية، حتى وإن كانت رسمية بحكم الأمر الواقع أو من الناحية القانونية، يؤدي في المدى المتوسط إلى ازدواجية السلطة وتنازع الصلاحيات. المثال اللبناني مع "حزب الله"، والمثال الإيراني مع "الحرس الثوري"، يبرزان كيف يمكن لقوة عقائدية–مسلحة أن تتحول إلى فاعل سياسي–أمني مستقل، يملك قدرة تعطيل أو فرض قرارات الدولة في لحظات حرجة".

تآكل مركزية المنظومة الأمنية

يتأسس مسار الإصلاح الأمني الذي أعلنت عنه الحكومة على ثلاثة مرتكزات رئيسية، يتمثل أولها بإعادة هيكلة الأجهزة بما يضمن وحدة القيادة والسيطرة، ضبط الموازنات لضمان الشفافية وتحديد الأولويات، وتطوير القدرات القتالية في إطار قيادة مركزية موحدة. 

غير أن تمرير قانون  الحشد الشعبي بصيغته المطروحة حالياً، خاصة البنود التي تمنحه استقلالاً مؤسسياً ومالياً وتنظيمياً، يعيد توجيه هذا المسار من هدفه المعلن نحو تكريس نموذج “المؤسسات المتوازية” داخل المنظومة الأمنية، وهو ما يعيد إنتاج الازدواجية التي سعى الإصلاح إلى معالجتها من الأساس، وفق ما يقول الباحث السياسي عبدالله عباس.

ويضيف عباس أن منح الحشد استقلالاً تشريعياً في ظل غياب توافق سياسي شامل، ومع استمرار الانقسام بين القوى الممثلة في البرلمان، يعني عملياً إقرار صيغة دائمة لوجود مراكز قوة متعددة داخل الدولة. ويرى أن هذا الأمر من شأنه أن يضعف سلطة قيادة القوات المسلحة على المدى الطويل، ويعقّد القدرة على رسم سياسة أمنية موحدة تُنفذ على كامل الجغرافيا العراقية.

كما يشير إلى أن الإصلاح الأمني لا يقتصر على دمج القوى المسلحة في البنية النظامية، بل يتطلب أيضاً تحييد المؤسسات الأمنية عن الصراع السياسي، وضمان ولائها الكامل للدولة بدل الولاءات الفصائلية أو الحزبية. وفي هذا السياق، فإن إقرار القانون من دون معالجة إشكالية الولاءات وتداخل النفوذ السياسي مع العسكري، لن يؤدي إلا إلى إعادة إنتاج الإشكالات الأمنية التي تسعى الحكومة إلى تجاوزها، وربما يمنحها غطاءً قانونياً يصعّب، لاحقاً، أي محاولة لتفكيكها أو إعادة دمجها.

وتابع بأن "قانون الحشد الشعبي بصيغته المطروحة، يكشف بوضوح أن مسار إصلاح المنظومة الأمنية في العراق ما زال رهيناً لمعادلة القوى السياسية والعسكرية على الأرض أكثر من ارتباطه برؤية مؤسسية واضحة لبناء الدولة، فالتشريع في صورته الحالية لا يحسم مسألة توحيد القيادة والسيطرة بقدر ما يؤطر واقعاً قائماً لمراكز قوة متعددة داخل المنظومة الأمنية".

وخلص إلى أن هذا الواقع، إذا استمر من دون معالجة شاملة لمسألة الولاءات وتوزيع الصلاحيات، سيجعل أي إصلاح أمني لاحق محكوماً بسقوف سياسية ضيقة، وقد يحافظ على حالة الموازاة في القرار الأمني بدل إنهائها.

يقرأون الآن