العراق

البرلمان العراقي يبدأ دورته بحسم رئاسته

البرلمان العراقي يبدأ دورته بحسم رئاسته

خطا مجلس النواب العراقي خطوة دستورية مهمة، بانتخاب رئيسه ونائبه الأول خلال الجلسة الأولى من دورته السادسة، في سابقة تميّزت عن الدورات البرلمانية السابقة التي غالباً ما شهدت تأخيراً في استكمال هيئات الرئاسة، بسبب الخلافات السياسية.

وفاز مرشح المجلس السياسي الوطني، الذي يضم القوى السنية الفائزة في الانتخابات، هيبت الحلبوسي بمنصب رئيس مجلس النواب، بعد حصوله على 208 أصوات من أصل 309 نواب، متقدماً على منافسيه عامر عبد الجبار وسالم العيساوي، فيما أعلن رئيس تحالف العزم مثنى السامرائي انسحابه من السباق قبيل التصويت، دعماً لما وصفه بـ”العملية السياسية”.

وفي أول تصريح له بعد انتخابه، أكد الحلبوسي أن مجلس النواب في دورته الحالية يسعى إلى فتح قنوات حوار جاد وبنّاء بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان، بالتوافق مع الكتل النيابية، وبما يضمن احترام الاستحقاقات الدستورية لجميع مكونات الشعب العراقي.

وأشار إلى أن البرلمان أنجز أول استحقاق دستوري بعد الانتخابات، وبدأ فعلياً بالإجراءات الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية ضمن المدد الزمنية التي نص عليها الدستور.

ويُعد هيبت حمد عباس عبد الجبار الحلبوسي، المولود عام 1980 في محافظة الأنبار، من أبرز الوجوه السياسية السنية في العراق. ويحمل شهادتي البكالوريوس والماجستير في العلوم السياسية من الجامعة المستنصرية في بغداد. وتولى رئاسة لجنة النفط والطاقة النيابية خلال الدورتين الرابعة والخامسة، كما ترأس كتلة “تقدم” النيابية في الدورة الخامسة. وخاض الانتخابات الأخيرة عن قائمة حزب “تقدم” في محافظة الأنبار، محققاً أكثر من 51 ألف صوت.

وفي السياق ذاته، صوّت مجلس النواب، يوم الاثنين الماضي، على انتخاب عدنان فيحان، مرشح كتلة “الصادقون” الجناح السياسي لحركة عصائب أهل الحق، نائباً أول لرئيس المجلس، بعد حصوله على 177 صوتاً من أصل 306 نواب شاركوا في التصويت، متقدماً على منافسه محسن المندلاوي.

وبحسب العرف السياسي السائد، يذهب منصب النائب الأول لرئيس مجلس النواب إلى القوى الشيعية، التي تتوافق عادة على مرشح واحد، بينما يُخصص منصب النائب الثاني للمكون الكردي.

وفي تعليق سياسي، قال رئيس الهيئة السياسية للتيار الوطني العشائري، عبد الرحمن الجزائري، في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، إن الالتزام بالتوقيتات الدستورية بات ضرورة ملحّة، لا سيما في ظل التغيرات الإقليمية المتسارعة. وحذّر من مخاطر عودة التصعيد الإقليمي، مشدداً على أهمية وجود حكومة عراقية قوية ومستقلة، قادرة على اتخاذ القرار بعيداً عن التأثيرات الخارجية.

وأضاف الجزائري أن ما جرى داخل مجلس النواب يعكس توجهاً لتسريع استكمال تشكيل السلطات الدستورية، بما في ذلك انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف رئيس مجلس الوزراء، مع التأكيد على تحييد العامل الخارجي للحفاظ على استقلالية القرار العراقي، لافتاً إلى أن هذا التوجه يحظى أيضاً بدعم دولي، في إطار مساندة الاستقرار الاقتصادي في البلاد.

من جهته، شدد رئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، على ضرورة الالتزام الصارم بالنصوص الدستورية، محذراً من أي اجتهادات أو تفسيرات لا تستند إلى الدستور. وأكد زيدان، في بيان صدر في 24 ديسمبر، أن المواد (54 و55) من الدستور نصت صراحة على انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه في الجلسة الأولى، معتبراً أن مخالفة ذلك تمثل انتهاكاً دستورياً صريحاً قد يعرقل تشكيل السلطتين التشريعية والتنفيذية ضمن المدد المحددة.

ويبقى أمام القوى السياسية العراقية استحقاقان أساسيان، يتمثلان في انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف رئيس مجلس الوزراء، وهما محطتان مفصليتان في مسار استكمال تشكيل السلطات الدستورية، وسط ترقب داخلي وخارجي لمسار المرحلة المقبلة، في ظل تجارب سابقة اتسمت بطول أمد المفاوضات وتعقيد التوافقات السياسية.

يقرأون الآن