دولي

ميدفيديف.. "السيف النووي" لبوتين من الرئاسة إلى الإنترنت

ميدفيديف..

قطع دميتري ميدفيديف شوطاً طويلاً منذ فترة ولايته كرئيس لروسيا، عندما وقف ذات مرة إلى جانب الرئيس الأمريكي آنذاك، باراك أوباما، وأعلن أن "حل العديد من مشاكل العالم يعتمد على الإرادة المشتركة للولايات المتحدة وروسيا".

لكنه هذا الأسبوع، وفي إخلاصه لكونه "سيفاً" نووياً يلوّح به الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قال ميدفيديف مرتين إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تدفع واشنطن وموسكو نحو الحرب.

كما حذر ميدفيديف، وهو حالياً نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، من القدرات النووية لبلاده، بعدما أشار ترامب إلى أنه سيطبق عقوبات جديدة على موسكو.

وقال ميدفيديف على تيلغيرام يوم الخميس، إن ترامب يجب أن يتخيل المسلسل التلفزيوني المروع "الموتى السائرون"، وأشار إلى قدرة بلاده على إطلاق ضربات نووية آلية.

ورد الرئيس الأمريكي الجمعة بإصدار أوامره لغواصتين نوويتين بالتحرك إلى "المناطق المناسبة".

سخرية وحِدّة

يبدو ميدفيديف اليوم مختلفاً تماماً عما كان عليه عندما تولى رئاسة روسيا في الثانية والأربعين من عمره؛ إذ يشير تقرير لشبكة "سي إن إن"، إلى أنه كان مؤهلاّ كمحام دون أي صلة بالأجهزة الأمنية، على عكس بوتين، العميل السابق في المخابرات السوفيتية.

كما كان ميدفيديف مرتاحاً لاستخدام الإنترنت، على عكس بوتين أيضاً، وحريصاً على تحديث الاقتصاد الروسي ومكافحة الفساد، لكن رئاسته كانت تعتبر بمثابة حل مؤقت، ووسيلة للزعيم الروسي لتجاوز القيود الدستورية والاحتفاظ بالسلطة.

ومنذ تنحيه عن منصبه كرئيس في 2012 للسماح لبوتين بالعودة إلى المنصب، تحول ميدفيديف من تكنوقراطي ليبرالي نسبياً إلى قومي حاد، يسخر من خصوم روسيا بمنشورات استفزازية على وسائل التواصل الاجتماعي.

وترى "سي إن إن" أنّ هذا التحول بدأ في أعقاب رئاسته، عندما أعاد ميدفيديف تموضعه في محاولة للاحتفاظ بثقة حزب روسيا المتحدة الحاكم.

في عام 2012، قال للمشرعين: "كثيراً ما يقولون لي: أنت ليبرالي. أقول لكم بصراحة: لم تكن لديّ قناعات ليبرالية قط".

عندما كان رئيساً، صرّح ميدفيديف بأن "مستوى الفساد غير مقبول بتاتاً"، لكن لاحقاً، عندما أصبح رئيساً للوزراء، كان هدفاً لتحقيق أجرته مؤسسة مكافحة الفساد التابعة للمعارض أليكسي نافالني، والتي زعمت أنه كوّن "إمبراطورية فساد" من العقارات الفاخرة واليخوت الفاخرة وكروم العنب في جميع أنحاء روسيا.

ورفضت المتحدثة باسم ميدفيديف، ناتاليا تيماكوفا، التحقيق الذي حصد سريعا 14 مليون مشاهدة على يوتيوب، ووصفته بأنه "انفجار دعائي"، لكن ميدفيديف أصبح هدفا للاحتجاجات في الشوارع.

في عام 2020، استقال فجأة من منصبه كرئيس للوزراء عندما شرع بوتين في إصلاح دستوري لتعزيز قبضته على السلطة.

منذ ذلك الحين، ومن مقعده في مجلس الأمن، شنّ سيلاً من الهجمات المعادية للأجانب والمسيئة ضد الأوكرانيين وقادة الغرب. لدى ميدفيديف 1.7 مليون مشترك على تيليغرام، إضافة إلى حسابات باللغتين الروسية والإنجليزية، يبلغ مجموع متابعيها قرابة 7 ملايين.

بعد بدء الحرب في أوكرانيا، أشار ميدفيديف إلى قيادة كييف باعتبارها "صراصير تتكاثر في جرة".

في خطاب ألقاه في وقت سابق من هذا العام، عرض ميدفيديف صورة تصور ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على شكل دمى متحركة، وحث على "تدمير نظام النازيين الجدد في كييف".

كثيراً ما يستحضر شبح النازية؛ إذ قال هذا العام إن المستشار الألماني الجديد فريدريش ميرز "اقترح شن هجوم على جسر القرم. فكّر مرتين أيها النازي!".

وهو لا يخشى التلويح بالسيف النووي، حيث قال في 2022 إن "فكرة معاقبة دولة تمتلك واحدة من أكبر القدرات النووية هي فكرة سخيفة وربما تشكل تهديدا لوجود البشرية".

 ولا تخلو هجمات ميدفيديف من الشخصنة والسخرية؛ ففي الشهر الماضي، سخر من ترامب بمنشور على مواقع التواصل الاجتماعي، محذراً: "لا تسلك طريق جو النعسان"، في إشارة إلى وصف ترامب نفسه للرئيس السابق جو بايدن.

وعلى الرغم من خطابه الغريب، فقد لعب ميدفيديف دوراً محسوباً في رسائل الكرملين، وفقاً للمحللين.

يقول معهد دراسة الحرب إنه يستخدم "لتضخيم الخطاب التحريضي المصمم لإثارة الذعر والخوف بين صناع القرار الغربيين"، كجزء من "استراتيجية معلوماتية منسقة من أعلى إلى أسفل من قبل الكرملين".

لكن المعلقين يقولون إنه لا ينبغي أن نأخذ كلامه حرفياً، في إشارة إلى التصريحات المتبادلة هذا الأسبوع، وصف أناتول ليفين من معهد كوينسي للحكم المسؤول تصريحات ميدفيديف، ورد ترامب بأنها "مسرحية بحتة".

 وأضاف ليفين: "بعد امتناعها عن استخدام الأسلحة النووية على مدى السنوات الثلاث الماضية، من الواضح أن روسيا لن تستخدمها رداً على جولة جديدة من العقوبات الأميركية".

يقرأون الآن