تجاوزت الانتقادات العنيفة الموجهة في الآونة الأخيرة إلى مشاهير "البلوغرز" وصناع المحتوى المصريين، خانة الحالات الفردية المتفرقة لتصبح حالة من "الغضب الشعبي" العارم في ظاهرة غير مسبوقة.
وطالت حملة اعتقالات أمنية 6 بلوغرز حتى الآن في أقل من 72 ساعة، فيما تفجرت حالة من الاحتقان تجاه كثيرين من مشاهير "التيك توك" في أوساط الرأي العام، لاسيما عبر منصات التواصل الاجتماعي والمقالات الصحفية والمقدمات النارية للعديد من البرامج التلفزيونية.
سعار على المال واتجار بالبشر
ويرى كثيرون أن هؤلاء المشاهير "يقدمون صورة بالغة السوء للمجتمع المصري، ويعطون انطباعات غير حقيقية عن المرأة المصرية تحديدا"، فضلا عن "الأزمات الأخلاقية والسلوكية" التي يتورطون فيها تباعا.
وتنضح الانتقادات الموجهة لهؤلاء "البلوغرز" بالمرارة انطلاقا من كونهم تحولوا إلى "نماذج يقتدي بها الشباب" و" قادة رأي عام يسعى الجميع إلى حضورهم في المناسبات العامة"، لضمان نجاح هذا الحدث أو ذاك الافتتاح، وفق أقوال المنتقدين.
وقال الكاتب الصحفي عزت إبراهيم، رئيس تحرير صحيفة "الأهرام ويكلي" وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن "ما يحدث علي تيك توك يكفي لإصابة جيل كامل بتخلف عقلي وسعار على المال بلا قيمة ولا قيم"، واصفا الأمر في منشور على صفحته بموقع "فيسبوك" بأنه يمثل "خطرا كبيرا".
هجوم إعلامي وتحرك غير مسبوق
وحملت برامج "التوك شو" المسائية مقدمات "نارية" يهاجم فيها الإعلاميون ومقدمو البرامج ظاهرة البلوغرز بعنف، واصفينها "بمستنقع من الماء الآسن يحاول البعض أن يجر المصريين إليه".
وقال الإعلامي تامر أمين في برنامجه "آخر النهار" إننا "أمام ظاهرة مخيفة لشخصيات لا تمتلك مؤهلات كي يتصدروا المشهد ويتحدثوا في أمور لا تجوز إلا لأهل العلم والاختصاص".
واستشهد أمين بالبلوغر "سوزي الأردنية" التي قال إنها "طلعت علينا لتحتفل بنجاحها بمجموع 50% في الثانوية العامة لتصبح نموذجا أمام الشباب الصغير بأنه ليس مهما النجاح أو التفوق الدراسي، ما دمت قادرا على الحصول على المال ولو بطرق غير مشروعة".
وفي ظاهرة غير مسبوقة، تقدم 32 محاميا بمحافظة الجيزة في يوم واحد ببلاغات ومحاضر إلى أقسام الشرطة المختلفة يتهمون مشاهير البلوغرز بـ "التعدّي على القيم المجتمعية، وانتهاك حرمة الحياة الخاصة، والتأثير السلبي على النشء، والتربّح من الخارج، والاتجار بالبشر، واستخدام ألفاظ خادشة للحياء".
تشويه للمرأة وتحرك برلماني
لكن أخطر الاتهامات في هذا السياق وأكثرها حساسية من الناحيتين المجتمعية، هو اتهام البلوجرز بـ"تشويه صورة المرأة المصرية" و"إظهارها بشكل غير أخلاقي كشخص يبحث عن المال بأي صورة ويفتقد للحد الأدنى من الذوق والتهذيب".
ودخل البرلمان المصري بقوة على خط الأزمة من خلال إعلان النائبة مي غيث، عضو مجلس النواب، نيتها التقدم بطلب إلى رئيس الوزراء ووزير الاتصالات بغلق تطبيق "تيك توك"، وذلك في دورة انعقاد البرلمان المقبلة في شهر أكتوبر.
واعتبرت غيث أن "تيك توك" أصبح تجمعا لعدد من " البلوغرز" الذين " يشكلون تهديدا حقيقيا لثوابت المجتمع ودعائم استقراره فكريا وثقافيا من خلال تقديم محتوى مسيء وهادم"، مضيفة أن "التطبيق يتعمد تهميش النماذج الإيجابية للنساء المصريات"، وفق قولها.
حملة اعتقالات
واللافت أن الأخبار المتوالية حول القبض على مشاهير "تيك توك" في مصر، لم تعد تثير جدلا أو انقساما في الرأي كما كان يحدث في السابق، بل أصبحنا بإزاء ما يمكن وصفه بـ " إجماع" في الآراء حول جسامة وفداحة السلوكيات المرفوضة من "البلوغرز" والتي تحولت إلى ظاهرة عامة تقلق كلا من المواطن والمسؤول الرسمي، على حد سواء.
ومن أبرز من تم القاء القبض عليهن من "البلوغرز" في هذا السياق مؤخرا: أم مكة"، "أم سجدة"، “سوزي الأردنية”، "علياء قمرون"، "مروة يسري" التي تلّقب نفسها بـ "بنت مبارك"، فضلا عن اثنين من الرجال هم "مداهم 777" و"شاكر دونجوان تيك توك"، وسط توقعات بأن تطال حملة الاعتقالات المزيد من الأسماء في المستقبل.