دولي

عسكريون إسرائيليون مصابون نفسياً يهاجمون حكومتهم

عسكريون إسرائيليون مصابون نفسياً يهاجمون حكومتهم

في معركة شعبية واسعة قرروا خوضها، أقام ممثلو الضباط والجنود الإسرائيليين المصابين بصدمات نفسية خلال الخدمة العسكرية خيمة احتجاج كبرى أمام مقر وزارة الدفاع ورئاسة الأركان، وقرروا الخروج في مظاهرة كبرى، الخميس المقبل، والاستمرار في الاحتجاج، إلى أن يتدخل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ويضع خطة لمعالجة قضاياهم.

ويشكو هؤلاء الجنود والضباط من أن قيادة الجيش لا تفعل ما ينبغي عليها تجاههم، وفي بعض الأحيان لا تعترف بإصابتهم، بل تشكك في رواياتهم، وفي حالات كثيرة يُستدعى الألوف منهم إلى الخدمة العسكرية مرة أخرى.

ويشكون كذلك من تجاهل معاناتهم الاجتماعية؛ إذ دخل كثيرون منهم في أزمات شديدة مع عائلاتهم بسبب تصرفاتهم الغريبة، واضطروا للانفصال عن زوجاتهم وأولادهم.

وقال أبيتار سلطاني، أحد قادة هذه الحملة، إن المصابين "يعودون من الحرب عادة يحملون عُقداً ومشاكل نفسية، فلا يستطيعون النوم، وإن ناموا يرون كوابيس ويهبّون راكضين إلى الخارج، وتصيبهم نوبات عصبية ونوبات هلع، ويكسرون الأواني والأثاث"، حسبما ورد في تقرير بثته «القناة الـ11» للتلفزيون الإسرائيلي.

وزادت هذه الحالات بوضوح خلال الحرب على غزة التي طال أمدها وتراوحت مدة الخدمة الاحتياطية فيها بين 300 و500 يوم. وبات كثيرون ممن يعملون في أعمال حرة يعانون أزمات اقتصادية.

وقالت لجنة قيادة الحملة التي يخوضها أولئك العسكريون إن ما لا يقل عن 45 جندياً في الخدمة النظامية لقوا حتفهم انتحاراً منذ بداية الحرب الجارية. وكان قد تم تشخيص إصابة عدد منهم بمشاكل نفسية خطيرة قبل استدعائهم الأخير للخدمة، بما في ذلك تشخيصات باضطراب "ما بعد الصدمة".

ووفقاً لتحقيق موسع نشرته صحيفة "هآرتس"، فإن الانتحار في صفوف الجيش الإسرائيلي تحول إلى ظاهرة، وصار السبب الثاني لفقدان الحياة في أثناء المعركة، في وقت يتعرض فيه جنوده لخسائر فادحة إثر الكمائن والفخاخ التي تنصبها المنظمات والفصائل الفلسطينية التي تخوض
"حرب عصابات" ضدهم.

ويشكو جنود إسرائيليون كثيرون من اعتلال نفسي؛ بسبب خوفهم على حياتهم من جهة، وما ترتكبه أيديهم من قتل ودمار في غزة من جهة أخرى، خاصة بين المحاربين القدامى الذين احتاج 75 في المائة منهم إلى دعم نفسي، إلى جانب آلاف يعالجون من آثار اضطراب «ما بعد الصدمة»، ما اضطر الجيش إلى توفير نحو 800 اختصاصي نفسي لعلاجهم.

وتتحدث صحف إسرائيلية عن عجز الحكومة عن الإحاطة بالحالة المعنوية للجنود، وعدم قدرتها على تلبية طلبات كبيرة للدعم النفسي، وهي مسألة لفتت انتباه منظمة "كسر الصمت" للمحاربين القدامى، التي اتهمت الجيش بأنه يتكتَّم على التجارب النفسية للجنود والضباط.

واتهمت صحيفة "هآرتس" القيادة العسكرية بأنها سجلت حالات انتحار كثيرة بين العسكريين على أنها "إصابات حوادث".

ووفقاً للتحقيق، استُدعي مئات وربما آلاف العسكريين المصابين باعتلالات نفسية، والذين تواصلوا مع وزارة الدفاع، إلى الخدمة في الاحتياط خلال عمليات التعبئة الأخيرة، لكن لا أحد يعرف الأرقام الدقيقة، بسبب ما وصفه التقرير بالافتقار الفظيع للتنسيق بين وزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي.

وكشف التحقيق عن أن وزارة الدفاع اعترفت بأن نحو 9 آلاف جندي مصابون نفسياً نتيجة الحرب الحالية. لكن لا توجد قائمة بجميع الجنود المصابين نفسياً، بمن فيهم من خدموا في حروب سابقة. وأشار إلى أن عدد هذه الحالات وصل إلى 27 ألفاً.

وتتوقع دراسات معمقة أن تزداد الظاهرة انتشاراً بعد الحرب، وأن يصل عدد المتقدمين لطلبات الاعتراف بهم بصفتهم مصابين نفسيين إلى 100 ألف في سنة 2028.

ويعتقد المحللون أن الجيش يحاول التقليل من شأن الظاهرة، حتى لا تستفيد حركة «حماس» من تبعاتها، ويترك آلاف الحالات تتخبط في أزماتها.

يقرأون الآن