قررت مصر والسودان تفعيل اللجان المشتركة من خلال الهيئة الفنية الدائمة لمياه النيل بموجب اتفاقية عام 1959.
ماذا يعني تفعيل مصر اتفاقية 1959 مع السودان؟
وأكد أستاذ القانون الدولي الأمين العام للجنة الدولية للدفاع عن الموارد المائية الدكتور محمد محمود مهران، أن إعلان مصر والسودان تفعيل اللجان المشتركة المتعلقة باتفاقية 1959 يعد خطوة استراتيجية مهمة لتأكيد الحقوق المائية المكتسبة، وفقا لمبادئ القانون الدولي للموارد المائية المشتركة.
وأوضح مهران أن اتفاقية 1959 بين مصر والسودان تمثل نموذجا متقدما لإدارة الموارد المائية الدولية المشتركة، حيث حددت بوضوح الحصص المائية لكلا البلدين، وآليات التعاون الفني، والإدارة المشتركة لنهر النيل، مشيراً إلى أن هذه الاتفاقية تتماشى مع اتفاقية الأمم المتحدة لاستخدام المجاري المائية الدولية لعام 1997، التي تؤكد على مبادئ الاستخدام المنصف والمعقول، والتعاون المسبق بين دول الحوض.
وحول إعلان إثيوبيا افتتاح سد النهضة في سبتمبر المقبل، حذر مهران من أن هذا الإجراء الأحادي يعد تصعيداً خطيراً يهدد الأمن المائي الإقليمي، مؤكداً أن القانون الدولي يعطي الحق للدول المتضررة في الدفاع الشرعي عن مواردها المائية الحيوية، إذا فشلت الوسائل السلمية في حماية حقوقها المكتسبة.
وأشار أستاذ القانون الدولي إلى أن القانون الدولي يعترف بمبدأ الحقوق المكتسبة في الموارد المائية المشتركة، والذي يعني عدم جواز الإضرار بالاستخدامات المائية المشروعة القائمة دون موافقة أصحابها، مؤكداً أن اتفاقية 1959 منحت مصر 55.5 مليار متر مكعب، والسودان 18.5 مليار متر مكعب من إجمالي 84 مليار متر مكعب، وهي حصص تستند إلى الاستخدامات التاريخية، والاحتياجات الفعلية للبلدين.
وأكد مهران أن تفعيل الهيئة الفنية الدائمة المشتركة لمياه النيل يعكس التزام البلدين بتطبيق مبدأ التشاور المسبق، والتنسيق في إدارة الموارد المائية، وهو ما يتطابق مع قواعد القانون الدولي للمياه، التي تشترط التعاون بحسن نية بين دول الحوض الواحد.
وفيما يتعلق برفض مصر والسودان للنهج الأحادي الإثيوبي على النيل الأزرق، شدد الأمين العام للجنة الدولية للدفاع عن الموارد المائية، على أن القانون الدولي يحظر على أي دولة في حوض نهر دولي اتخاذ إجراءات أحادية قد تؤثر على حقوق دول المصب دون التشاور المسبق، والحصول على موافقتها، مشيراً إلى أن ما تقوم به إثيوبيا من ملء، وتشغيل سد النهضة دون اتفاق ملزم مع مصر والسودان يشكل انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي للموارد المائية.
وأضاف أن اتفاقية الأمم المتحدة للمجاري المائية الدولية تنص في المادة 7 على مبدأ عدم التسبب في ضرر ذي شأن، والذي يلزم الدول بضمان عدم تسبب أنشطتها المائية في أضرار جسيمة لدول أخرى، مؤكداً أن أي مشروع مائي على نهر دولي يجب أن يخضع لدراسات تأثير بيئي مشتركة، واتفاقيات تفصيلية تضمن حماية حقوق جميع دول الحوض.
ورحب مهران بإعلان البلدين منح الفرصة الكافية للآلية التشاورية لمبادرة حوض النيل لتسوية الخلافات، مؤكداً أن هذا النهج يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة، الذي يحث على حل المنازعات الدولية بالوسائل السلمية، مشيراً إلى أن القانون الدولي يوفر عدة آليات لتسوية المنازعات المائية منها التفاوض المباشر، والوساطة، والتحكيم الدولي، واللجوء لمحكمة العدل الدولية.
وأكد أن مصر والسودان تتمسكان بالحلول السلمية رغم الإجراءات الأحادية الإثيوبية، وهو ما يعكس التزامهما بقواعد القانون الدولي، ومبادئ حسن الجوار، مشيراً إلى أن هذا الموقف يكتسب دعماً دولياً واسعاً، خاصة في ضوء التهديد الذي يمثله السد لحقوق دولتي المصب المكتسبة.
وختم تصريحاته بالتأكيد على أن تفعيل اتفاقية 1959 بين مصر والسودان يرسل رسالة واضحة للمجتمع الدولي بأن البلدين يتمسكان بالشرعية الدولية، والحلول السلمية، مؤكداً أن هذا التحرك يعزز موقفهما القانوني في مواجهة الممارسات الأحادية التي تهدد استقرار المنطقة، والأمن المائي لأكثر من 150 مليون مواطن مصري وسوداني.
بدوره، قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية، إن مصر والسودان بينهم اتفاقيات قديمة والجانب السوداني دائما يؤكد على احترامه على تقاسم مياه النيل، ويعلن دائما التزامه بالاتفاقية .
وأضاف أن اتفاقية 59 خصصت حصة لمصر وفي هذه الاتفاقية شكلت هيئة فنية مشتركة بين مصر والسودان، لدراسة اي مشاكل في نهر النيل وتقيم المشروعات المائية المشتركة، واجتماع أمس يؤكد على عرض الهيئة للخروج برأي موحد بين مصر والسودان، ومناقشة أي وجهة نظر تعبر عن وجهة نظر الطرفين .
وتابع أن "مصر والسودان لديهم رأي واحد وتواجه به إثيوبيا، وإذا كان هناك مشروع يفيد مصر والسودان يتم مناقشته من قبل الهيئة ، وفي السنوات الأخيرة بعد الثورة السودانية موقفهم اتضح أكثر من حيث أسلوب البناء لسد النهضة ولكن المعارضة في مواصفات السد وأسلوبه مثل القرارات الأحادية التي يتم اتخاذها دون مشاركة مصر".