دولي آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

كيف أوقعت عملية لسي.آي.إيه ضد الظواهري بمواطن أميركي في أفغانستان؟

كيف أوقعت عملية لسي.آي.إيه ضد الظواهري بمواطن أميركي في أفغانستان؟

بينما كان حشد من الناس يراقبون، أحاط أفراد من حركة طالبان الأفغانية مرتدين الزي الرسمي بسيارة تويوتا لاند كروزر كان يجلس فيها الأميركي محمود حبيبي.

حطم أفراد آخرون من طالبان باب شقته في كابول، وخرجوا في وقت لاحق حاملين حاسوبه المحمول وأوراقه.

كان حبيبي وسائقه معصوبي العينين في المقعد الخلفي، واقتاده مسلحون يضعون شارات المديرية العامة للاستخبارات وهي الشرطة السرية مرهوبة الجانب التابعة لطالبان، وذلك وفقا لإفادات عدة شهود بحوزة الحكومة الأميركية.

وتنفي طالبان اعتقال حبيبي (37 عاما) الرئيس السابق لهيئة الطيران المدني. وبينما كان يقسم وقته بين كابول والولايات المتحدة للعمل في شركة خاصة، حصل على الجنسية الأميركية بعد تولي طالبان السلطة في عام 2021. وتقول طالبان إنها لا تعرف مكان وجوده بعد ثلاث سنوات من اختفائه.

ويمثل إنكار طالبان معضلة بالنسبة لمكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي الذي يقود جهود الحكومة الأميركية للإفراج عنه، وبالنسبة لوزارة الخارجية الأميركية، التي تصف احتجاز حبيبي بأنه عائق كبير أمام استكشاف فرص زيادة التعاون مع أفغانستان، بعد ثلاث سنوات من اعتقاله في 10 آب/ أغسطس 2022.

وجعل الرئيس الأميركي دونالد ترامب من إطلاق سراح الأميركيين المحتجزين في الخارج أولوية قصوى، ونجح بالفعل في تأمين الإفراج عن عشرات منهم، بما في ذلك من أفغانستان وروسيا وفنزويلا.

أما قضية حبيبي - المحتجز الأميركي الوحيد المعروف في البلاد - فقد كان من الصعب حلها.

وهذه القصة هي الرواية الأكثر تفصيلا حتى الآن لملابسات القبض على حبيبي. وتتضمن معلومات لم يتم الكشف عنها من قبل.

ومن بين التفاصيل مقابلات مع المسؤول الأميركي ومسؤول أميركي سابق على دراية بالقضية تكشف أن طالبان اعتقلت حبيبي على الأرجح لأن وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه) اخترقت الشركة التي كان يعمل بها.

تقول المصادر إن المخابرات الأميركية تمكنت من الدخول على إحدى كاميرات المراقبة في الشركة، مما ساعدها على تحديد مكان زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في دار ضيافة في كابول.

جاء احتجاز حبيبي بعد 10 أيام من اغتيال الظواهري - آخر كبار المخططين بهجوم 11 أيلول/ سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة - بشكل دراماتيكي في غارة أميركية بطائرة مسيرة على دار الضيافة، بأمر من الرئيس الأميركي السابق جو بايدن.

وفي ذلك الوقت، أطلع مسؤولون أميركيون الصحافيين على أن العملية كانت لوكالة المخابرات المركزية الأميركية. وقالت المصادر الأميركية إن حبيبي لم يكن على علم بمخطط وكالة المخابرات واعتُقل خطأ بعد عودته إلى كابول من رحلة عمل في دبي بعد عملية الاغتيال، غافلا عن الخطر الذي كان يتعرض له.

لم تستجب وكالة المخابرات المركزية الأميركية وطالبان والبيت الأبيض وشركة إيه.آر.إكس للاتصالات ومقرها فيرجينيا التي كان يعمل بها حبيبي، لطلبات مفصلة للتعليق على هذه القصة.

وكانت شركة إيه.آر.إكس قالت في السابق إنها لم تشارك، لا هي ولا الشركات التابعة لها، في الهجوم على الظواهري. 

وفي حديث صحافي، دعا متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إلى الإفراج الفوري عن حبيبي.

وقال المتحدث: "نحن نعلم أن طالبان خطفت محمود حبيبي منذ ما يقرب من ثلاث سنوات".

وبحسب شهادات بحوزة الحكومة الأميركية، فقد رآه زميل له كان محتجزا مع حبيبي ثم أطلق سراحه لاحقا في مقر المديرية العامة للاستخبارات وسمعه في غرفة مجاورة يُسأل عما إذا كان يعمل لصالح وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أو إن كان متورطا في الهجوم على الظواهري.

وقال المسؤول الأميركي والمسؤول السابق إن الحكومة الأميركية اكتشفت أن هاتفه المحمول كان مفتوحا في مقر المديرية العامة للاستخبارات في حزيران/ يونيو وآب/ أغسطس من عام 2023.

وقال المسؤول الأميركي المطلع على الأمر إن مقتطفات من الإفادات قُدمت لطالبان ردا على نفيها المتكرر احتجاز حبيبي.

وبينما تحيي عائلة حبيبي غدا الأحد الذكرى السنوية الثالثة لاعتقاله، كثفت إدارة ترامب جهودها للإفراج عنه، بما في ذلك عرض مكافأة خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه. لكن حتى الآن، لا يبدو أنه قريب من الحصول على الحرية بحسب مصادر أميركية.

وقال أحمد شقيق حبيبي الأكبر "لدى عائلتنا أمل جديد في أن ينجح فريق ترامب في ذلك".

أضاف أحمد أن شقيقه ما كان سيعود إلى كابول بعد أربعة أيام من اغتيال الظواهري لو أخطرت وكالة المخابرات المركزية الأميركية شركته إيه.آر.إكس بأن عليها تحذيره بأن عودته ستكون محفوفة بمخاطر كبيرة.

ومضى يقول: "لم يخبره أحد بأي شيء. لا الشركة ولا وكالة المخابرات المركزية ولا أي شخص. لذا عاد".

وقال المسؤول الأميركي إن واشنطن تعتبر حبيبي رسميا رهينة، لأن طالبان لم تؤكد بعد اعتقاله أو مكانه. وتحدث المسؤول والمسؤول السابق شريطة عدم الكشف عن هويتهما، مشيرين إلى حساسية القضية.

وردا على طلب للتعليق، قال مكتب التحقيقات الاتحادي إنه إلى جانب شركائه في الوكالات الأميركية الأخرى المشاركة في استعادة الرهائن، فإنه لا يزال "ملتزما بإعادة حبيبي إلى أسرته"

ورفضت حركة طالبان عرضا العام الماضي لمبادلة حبيبي بمساعد أسامة بن لادن المزعوم محمد رحيم الأفغاني، آخر أفغاني محتجز في سجن خليج جوانتانامو العسكري.

وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته: "لقد حاولنا استخدام كل من الترغيب والترهيب".

كاميرا على برج اتصالات

كجزء من العملية ضد الظواهري، اخترقت وكالة المخابرات المركزية الأميركية مجموعة آسيا للاستشارات، وهي شركة تابعة لشركة إيه.آر.إكس، وفقا للمسؤولين الأميركيين الحاليين والسابقين، الذين قدموا تفاصيل لم يتم الإبلاغ عنها سابقا حول كيف تمكنت الوكالة من استهداف زعيم تنظيم القاعدة.

قالت المصادر إن مجموعة آسيا، التي يقع مقرها الرئيسي في ولاية فيرجينيا، كان لديها عقد لإقامة أبراج للهواتف المحمولة في كابول. وأضافوا أنه تم تركيب كاميرات مراقبة على الأبراج لحمايتها.

وقالت المصادر إن إحدى الكاميرات كانت موجهة إلى منزل ربطه مسؤولون أميركيون بسراج الدين حقاني، القائم بأعمال وزير الداخلية في حكومة طالبان في ذلك الوقت وحتى الآن، في قلب الحي الدبلوماسي في كابول، على بعد مسافة قصيرة من السفارتين البريطانية والأميركية المغلقتين.

وقالت المصادر إن الكاميرا أرسلت فيديو إلى وكالة المخابرات المركزية الأميركية تؤكد وجود الظواهري في مقر الإقامة.

وأضافوا أن هذا التأكيد ساعد السي.آي.إيه على قتل الظوهري بصاروخين من طراز (هيلفاير آر 9 إكس) أطلقتهما طائرة مسيرة في 31 تموز/ يوليو 2022، عندما خرج إلى شرفة.

وقد نجت زوجته وعائلته من الضربة.

في حين وصف مسؤولون في إدارة بايدن في ذلك الوقت عملية السي.آي.إيه لقتل الظواهري باطلاق صواريخ هيلفاير من طائرة مسيرة، لم يتم الكشف سابقا عن تفاصيل العملية على الأرض، بما في ذلك وجود الكاميرا ودورها في تحديد هوية الظواهري.


يقرأون الآن