أثارت دعوات أطلقتها فصائل فلسطينية في قطاع غزة لتنظيم "حراك شعبي" باتجاه معبر رفح، انتقادات حادة في الأوساط المصرية، وسط تحذيرات من أن تكرار مثل هذه المطالب يخدم "الرواية الإسرائيلية" بشأن الأزمة الإنسانية في القطاع.
وفي بيان صدر باسم "فصائل العمل الوطني والإسلامي في غزة"، حذرت تلك القوى من تفاقم أزمة المجاعة "بشكل كارثي"، مطالبة في الوقت ذاته "الشعب المصري بممارسة الضغط الشعبي وقيادة الجماهير نحو معبر رفح للمطالبة بفتحه فوراً لإدخال المساعدات وكسر الحصار".
كما دعا البيان إلى تنظيم تظاهرات أمام السفارات الإسرائيلية والأميركية والمؤسسات الدولية، للضغط على الأطراف المعنية لوقف العدوان على غزة ورفع الحصار.
هذه الدعوات قوبلت بانتقادات واسعة على منصات التواصل الاجتماعي في مصر، حيث اعتبرها كثيرون "محاولة لتحميل القاهرة مسؤولية أزمة إنسانية معقدة تسببت فيها سياسات تل أبيب"، مؤكدين أن مصر تواصل جهودها السياسية والإنسانية لإدخال المساعدات رغم العراقيل المستمرة.
وتزامن هذا البيان مع تصريحات القيادي في حركة حماس أسامة حمدان، الذي قال: "نطلب من مصر السماح بدخول المساعدات، حتى لو قصفتها إسرائيل"، وهو ما أثار حفيظة إعلاميين مصريين.
إفلاس سياسي وإعلامي
وقال أستاذ العلوم الاستراتيجية بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا الاستراتيجية، نصر سالم، إن "المزاعم والادعاءات التي تروجها عناصر من حركة حماس وأنصار جماعة الإخوان "الإرهابية" بشأن الموقف المصري من معبر رفح والمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ليست سوى "حالة إفلاس سياسي وإعلامي" كما وصفها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أيام".
وفي كلمة له مطلع الشهر الجاري، اعتبر الرئيس المصري أن الحديث عن مشاركة مصر في حصار قطاع غزة هو "إفلاس"، مؤكدًا أن "مصر تقوم بدور كبير لإيقاف الحرب وإدخال المساعدات لقطاع غزة".
وأضاف سالم في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "الواقع على الأرض يكشف زيف هذه الاتهامات، فالعالم شاهد ما يحدث أمام معبر رفح من الجانب المصري؛ فهناك مئات الشاحنات المحملة بآلاف الأطنان من المساعدات تقف بانتظار العبور، وإسرائيل هي من تمنع دخولها"، متسائلا: "مصر قامت بكل أشكال الدعم، بما في ذلك الإسقاط الجوي، فماذا يمكن أن تقدم أكثر من ذلك؟".
وأشار إلى أن "أنصار جماعة الإخوان الإرهابية في الخارج يشاركون في تلك الحملة التي تريد تشويه الدور المصري، والدليل على ذلك مشاركتهم في مظاهرات واتهام القاهرة وكأنها المسؤولة عن إغلاق المعبر، بينما الحقيقة واضحة أمام الجميع، فإسرائيل هي من تحجم دخول المساعدات وتضع العراقيل وتتحكم في معبر رفح من الجانب الفلسطيني منذ أكثر من عام".
واستشهد الخبير العسكري المصري بزيارات شخصيات دولية بارزة لمعبر رفح، قائلا: "الأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريش) جاء بنفسه وشاهد الوضع على الأرض، والرئيس الفرنسي (إيمانويل ماكرون) حضر مع الرئيس السيسي المشهد على حقيقته".
ووصف سالم ما يقوم به قيادات من حماس وأنصار الإخوان بـ"التحريض" الذي يخدم أهداف إسرائيل، مشددا على أن "هذه الحملات التحريضية ستفشل كما فشلت محاولات سابقة، ومصر ماضية في دعم الشعب الفلسطيني بكل ما تستطيع".
وعلى هذا النحو، يعتقد عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير رخا أحمد حسن، أن "المزاعم التي تردد بشأن الموقف المصري من حرب غزة ومعبر رفح، ليست إلا جزءًا من حملة موجهة تهدف إلى تخفيف الضغط السياسي والإعلامي عن إسرائيل، وصرف الأنظار عن ممارساتها المنافية للقانون الدولي".
وقال حسن في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية" إن "وكالة الأونروا ذاتها صرحت بوضوح أن قوات الاحتلال الإسرائيلي هي من تمنع دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وهذه شهادة من منظمة دولية معنية بالمساعدات".
وأوضح حسن أن تلك الحملة الموجهة ضد مصر "لا تستحق الانزعاج"، فالعالم يرى الحقائق بوضوح، خاصة بعد زيارات وفود إعلامية دولية ومحلية لمعبر رفح من الجانب المصري، إذ شاهدوا بأعينهم أن إسرائيل هي التي تتحكم في دخول الشاحنات، وتحدد أعدادها يوميا، بل وتعيد بعضها أحيانا بذريعة احتوائها على مواد أو مستلزمات قد تستخدم – حسب زعمها – في أغراض أخرى.
وفيما يتعلق بمشاركة بعض أعضاء حماس أو المحسوبين عليها في هذه الحملة، قال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية: "لا أعطي أهمية كبيرة لما يقولونه، لأن الهدف هو وضع مصر في موقف دفاع، وهذا ما يجب أن نتجنبه تماما.. لدينا آلاف الشاحنات المكدسة على الجانب المصري، منها شاحنات مصرية وأخرى من دول عدة، وهذه حقائق لا يمكن إنكارها".