ليس تفصيلا ما حصل في الآونة الاخيرة على الساحة اللبنانية ان كان لناحية القرارات التاريخية التي اتخذتها الحكومة في جلستي الخامس والسابع من آب الجاري لناحية حصر السلاح بيد الدولة، وعزم أركانها عدم الرجوع خطوة واحدة في هذا السياق كما يؤكد رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام أو لناحية التأكيد على ضبط الأمن، وملاحقة كل من يقوم بأعمال استفزازية أو الاخلال بأمن المواطنين، وما فعله الجيش من توقيفات خلال مظاهرات الدراجات النارية ومنع دخولها الى مناطق أخرى خير دليل.
إذا، لبنان يتحول من شرعنة السلاح الى تجريمه للمرة الاولى منذ سنة 1969. ورحبت العديد من الدول العربية والغربية بهذه القرارات التي سيكون تأثيرها ايجابيا أيضا على التجديد لقوات الطوارىء الدولية "اليونيفيل" في الجنوب خلال النصف الثاني من شهر آب ما يوفر غطاء اضافيا للجيش اللبناني في تنفيذ خطته التي سيعرضها على الحكومة نهاية الشهر الحالي.
على أي حال، المرحلة الحالية دقيقة وخطيرة، وتتطلب الكثير من الوعي خصوصا في ظل الانقسام بين الافرقاء حول حصرية السلاح، وفق أحد المراقبين الذي أكد في حديث لموقع "وردنا" ان الجيش اللبناني أمام مسؤولية كبيرة اذ سيسلم خطته الى الحكومة في الموعد المحدد ولن يطلب المزيد من الوقت كما انه يريد الحفاظ على السلم الاهلي، وعدم القيام بأي عملية تكون مستفزة لأي طرف لبناني. وتعاطى مع قضية استشهاد الجنود في الجنوب أول من أمس، بمناقبية عالية، وهو دفع وسيدفع أثمانا باهظة في بسط سلطة الدولة.
كل ذلك يحصل عشية زيارات ديبلوماسية الى بيروت من بينها زيارة المبعوث الاميركي توم براك والموفد السعودي الامير يزيد بن فرحان، وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني لاجراء مباحثات مع المسؤولين اللبنانيين.
وفي هذا الاطار، يرى كثيرون ان القرارات الحكومية الاخيرة ما كانت للتخذ لو لم يتم التشاور والتنسيق بين الداخل والخارج، وستجد صعوبة في التنفيذ اذا لم تلق الدعم المطلوب من قبل الدول العربية والغربية خصوصا ان الوضع الداخلي هش، والبلد لا يزال يعاني من تداعيات أزماته المتعددة إضافة الى الدمار الكبير الذي لحق بالبشر والحجر جراء الحرب الاسرائيلية على لبنان.
والأسئلة البديهية في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ البلد: متى سيترجم المجتمع الدولي والاشقاء العرب دعمهم للبنان تعزيزا للقرارات الحكومية الاخيرة؟. وكيف يمكن لهذه الدول ترجمة هذا الدعم؟ أو انهم سيتركون لبنان وحده يواجه التحديات الكبيرة على اعتبار انها شؤونه الداخلية؟.
الكاتب والمحلل السياسي علي الأمين يعتبر في حديث لـ "وردنا" ان "قرار حصرية السلاح في يد الدولة هو قرار لبناني،ويجسد اعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة وللسيادة اللبنانية، ويعبر عن مصلحة وطنية لأن لا قيامة للدولة دون ان يكون القرار السيادي في يدها . هذا القرار يمثل مصلحة كل اللبنانيين بمن فيهم حزب الله لأنه موجود في هذه الدولة وفي مؤسساتها. وبالتالي، هو شريك في القرار السياسي".
وأشار الى ان " الضغوط الدولية قد تكون موجودة في اتخاذ هذا القرار، لكن هذا لا يعني ان الدول الغربية والاقليمية تعمل ضد مصلحة لبنان بل على العكس تعمل لمصلحته. وهذه الدول لا تفرض القرارات على لبنان انما تقول للبنانيين اما تنفيذ الاصلاحات أو المزيد من المخاطر أي امكانية تجدد الحرب الاسرائيلية وعدم المساعدة في الاعمار والاستثمار".
وشدد الأمين على ان " ما من طرف خارجي يرغب بالقيام بدور الحكومة اللبنانية. لكن على اللبنانيين أيضا مسؤولية بإيجاد الطرق لتنفيذ القرارات التي اتخذتها الحكومة. ظروف تنفيذ القرارات اليوم أفضل لأن هناك حاضنة دولية واقليمية تساعد لبنان مع العلم ان الحكومة تسعى وتعمل لتطبيق هذه القرارات بما لديها من امكانيات بعيدا عن أي مواجهة داخلية".
واعتبر ان "المعركة اليوم وطنية وسيادية والعنصر الاساسي فيها سياسي ومعنوي قبل ان يكون عسكريا وأمنيا. من هنا، كل محاولات التهويل على الدولة والحكومة ستتهاوى وتتراجع، ومنطق حزب الله بات ضعيفا لأن السلاح لا يستطيع لجم اسرائيل ولم يعد نافعا".
ولفت الأمين الى انه " بموازاة القرارات الحكومية، على المجتمع العربي والدولي ان يعد الخطط لمساعدة لبنان اقتصاديا والاعلان عن مشاريع اعادة الاعمار والبدء بإطلاق ديناميات لها علاقة بنهضة لبنان وفتح أبواب الاستثمار . بالاضافة الى الضغط على اسرائيل لاطلاق الاسرى والانسحاب من النقاط الخمس ووقف الاعتداءات أي أن يظهر قدرته في الضغط على اسرائيل وفرض تنفيذ ورقة براك. يجب ان يشعر الجميع بأن خيار الدولة هو الخيار الانفع والافضل والذي يستحق ان نضحي لتحقيقه".