تبدو محادثات تونس للحصول على حزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي متعثرة منذ شهور، وليس هناك مؤشر يذكر على أن الرئيس قيس سعيد متحمس للموافقة على الخطوات اللازمة للتوصل إلى اتفاق ومساعدة البلاد على تجنب أزمة مالية.
وتوصلت تونس إلى اتفاق مع الصندوق على مستوى الخبراء في أيلول/سبتمبر للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار، لكنها تخلفت عن الوفاء بالتزامات مهمة ويرى المانحون أن ماليات الدولة تبتعد بشكل متزايد عن الأرقام التي تم حساب الاتفاق على أساسها.
وستواجه تونس ما لم تحصل على القرض أزمة شاملة في ميزان المدفوعات. وبرغم أن معظم الديون داخلية فإن هناك مدفوعات ديون خارجية تستحق في وقت لاحق من العام الجاري وقالت وكالات للتصنيف الائتماني إن تونس قد تتخلف عن السداد.
وأشارت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا الشهر الماضي إن تونس أحرزت تقدما جيدا وإن مجلس إدارة الصندوق سينظر الاتفاق "قريبا جدا". وذكرت متحدثة باسم الصندوق أن موعد نظر المجلس في الاتفاق سيتحدد بمجرد أن "تكمل السلطات متطلبات البرنامج".
وقال مسؤول تونسي إن "الأمور قد لا تكون تتحرك بسرعة لكنها تتحرك بوتيرة مطردة"، مضيفا أن الحكومة تتوقع إحراز تقدم "ربما في غضون أسابيع قليلة".
ولم تنفذ تونس تخفيضات مقررة في دعم الوقود، ولم تصدر قانون الشركات العامة الذي سبق أن وعدت به، ويعارض الاتحاد العام للشغل صاحب النفوذ الإصلاحات الرئيسية التي يريدها صندوق النقد الدولي.
والأهم من ذلك هو أن سعيد لم يدعم الاتفاق علنا ولم يلتزم بتوقيعه حال إقراره، مما يثير قلق المانحين من أنه قد يرفض القرض أو يلغي الإصلاحات بعد الحصول على الأموال أو يحملهم المسؤولية عن أي تداعيات اقتصادية مؤلمة تترتب عليها.
وإذا استغرقت تونس وقتا أطول من المقبول لاستكمال الاتفاق، فقد يرى الصندوق أن الأرقام التي يستند إليها لم تعد واقعية وعليه يتعين إعادة المفاوضات من جديد. وليس من الواضح متى ستصل الأمور لهذه النقطة.
وتعاني الحكومة بالفعل لتغطية تكلفة واردات السلع الأساسية وشهدت الأشهر الماضية نقصا متكررا في سلع مدعومة مثل السكر والقهوة وزيت الطهي ومنتجات الألبان والأدوية. وتجاوز معدل التضخم العشرة بالمئة.
ومن دون الحصول على مساعدة خارجية، قد يتفاقم النقص ويمتد إلى سلع أخرى مثل الوقود، كما قد تواجه الحكومة صعوبات في دفع رواتب موظفي الدولة.
ولا يبدو أن أيا من المانحين الأجانب مستعد لإقراض تونس دون الطمأنينة التي يوفرها اتفاق مع صندوق النقد الدولي، ومن الممكن أن تنفد الأموال قريبا من السوق المالية المحلية.
ومن شأن مصادر التمويل البديلة، مثل السحب من احتياطيات العملة الأجنبية أو طباعة النقود، أن تقوض الدينار التونسي، مما سيؤدي إلى تفاقم الصعوبات التي تواجهها الحكومة في الاستيراد وتسريع وتيرة التضخم.
وحذر البنك المركزي بالفعل من مثل هذه التحركات.
رويترز