كشفت مصادر أميركية، أنّ واشنطن تؤيّد تعديل مهمة قوات حفظ السلام الدوليّة "اليونفيل"، بحيث تُمنح صلاحيات التدخل بدلًا من الاكتفاء بمهام المراقبة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، ما يمنح القوة الدولية إمكانية لعب دور فاعل في نزع سلاح حزب الله استناداً إلى الفصل السابع.
ويمنح الفصل السابع، وفقًا لتفسير الأمم المتحدة، قوات "اليونيفيل" صلاحية استخدام القوة عند الضرورة، بدلًا من الاكتفاء بالدور السلمي المحدود المنصوص عليه في الفصل السادس.
ويدور الفصل من ميثاق الأمم المتحدة حول ما تتخذه المنظمة الأممية من أعمال، حال تهديد السلم والإخلال به ووقوع عدوان على المدنيين في دولة من الدول.
تعديلات جوهرية
وقالت المصادر ذاتها، إن واشنطن ستنطلق في مقاربتها أمام مجلس الأمن من خلال مساهمتها بتمويل قوات "اليونيفيل" بنحو 6 مليارات دولار منذ عام 2006 حتى اليوم، وهي المدة التي تمكنت خلالها ميليشيا حزب الله اللبناني من رفع حجم ترسانته الصاروخية من 30 ألف صاروخ إلى ما يقارب 200 ألف.
وأوضحت، أن الولايات المتحدة تعمل على إدخال تعديلات جوهرية على طبيعة عمل قوات "اليونيفيل"، تتضمن تشكيل فوجين مجهزين للتدخل بالقوة عند الضرورة أثناء تنفيذ المهام، إضافة إلى دفعها نحو تمديد ولاية "اليونفيل" لعام واحد فقط، تمهيدًا لبدء عملية تفكيكها وانسحابها التدريجي في نهاية المدة.
يأتي ذلك بوقت تستغل فيه إسرائيل حاجة لبنان لاستمرار وجود القوات الدولية على أراضيه للضغط نحو إنهاء مهامها أو تعديلها، بحيث تُمنح صلاحيات مماثلة لما ينص عليه الفصل السابع، بما يشمل تنفيذ المداهمات، واعتقال الأفراد، وإقامة الحواجز.
في المقابل، تبذل فرنسا جهودًا لضمان تمرير قرار التمديد من جهة، ومنع ربطه بالفصل السابع من جهة أخرى. وقبل أيام، أبلغ القائم بأعمال السفارة الفرنسية في بيروت، برونو بيريرا دا سيلفا، وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي، بأنّ عملية التمديد ما زالت تواجه عقبات، موضحًا أن النقاشات في أروقة مجلس الأمن تتجه نحو التجديد لعام واحد فقط وللمرة الأخيرة، مع توسيع صلاحيات هذه القوات.
ابتزاز أميركي
أكد مصدر لبناني مطّلع، أن التمديد للقوات الدولية بات محسومًا، موضحًا أن إسرائيل تسعى لانتزاع مكاسب من لبنان قبل موعد بحث مصير هذه القوات في مجلس الأمن.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطًا تصل إلى حد الابتزاز، في الفترة التي تسبق الحادي والثلاثين من آب الجاري، وهو الموعد المقرر لتسليم قيادة الجيش اللبناني آلية تنفيذ نزع السلاح إلى الحكومة، إذ تربط واشنطن بين قرار التمديد لليونيفل ومصير ورقة المبعوث الأميركي إلى لبنان باراك في جلسة مجلس الوزراء.
وحول تداعيات التوجه الأميركي لمنح اليونفيل تفويضًا أوسع بموجب الفصل السابع، الذي يعطي صلاحية نزع السلاح بالقوة، ما قد يترتب عليه صدام أهلي، أوضحت مصادر لبنانية، أن لبنان برمّته يخضع عمليًّا للفصل السابع، في ظل الاعتداءات الإسرائيلية اليومية دون أي رادع.
وأشارت المصادر إلى وجود احتمال لتعديل التفويض الحالي لليونيفل بما يسمح لها بتنفيذ عمليات ميدانية دون التنسيق مع الجيش اللبناني، خلافًا لما هو معمول به حاليًّا.
وكشفت المصادر، أن فرنسا لن تسحب جنودها العاملين ضمن قوات "الدولية" حتى في حال اتجه مجلس الأمن إلى إنهاء مهمة اليونيفل وعدم تجديد ولايتها.
اقتراح فرنسي
وفي إطار النقاشات الجارية بين الدول المعنية بالمهمة، اقترحت باريس أن تساند "اليونيفل" الجيش اللبناني في تنفيذ قرار حصر السلاح بيد الدولة الصادر عن الحكومة اللبنانية، مؤكدة أن حجم هذه القوات يمكن أن يساهم في تعزيز الاستقرار وتأمين حماية إضافية للحدود اللبنانية الإسرائيلية، وفقًا للمصادر.
ويأتي التحرك الأميركي في الوقت الذي يقترب فيه لبنان من استحقاق تجديد ولاية "اليونيفيل" في مجلس الأمن الدولي، مع نهاية آب الجاري، وهو الموعد الذي يُعتمد سنويًّا منذ عام 1978.
غير أن عملية التمديد هذا العام تبدو أكثر تعقيدًا من الأعوام السابقة، إذ تدفع إسرائيل باتجاه إنهاء مهمة هذه القوات، ورفض التجديد لعام إضافي، بهدف تحويل الجنوب اللبناني إلى منطقة منزوعة السلاح وخالية من أي رقابة دولية، على غرار ما هو قائم في الجنوب السوري.
بموجب التفويض الصادر عن قرارَي مجلس الأمن الدولي رقم 425 و426، تُكلف قوات اليونيفيل بتحقيق عدة أهداف رئيسية: التأكد من انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، والحفاظ على السلام والأمن الدوليين، ومساندة الحكومة اللبنانية في استعادة سيادتها الفعلية على المنطقة.