ذكرت صحيفة "The Spectator" البريطانية أن "فشل الحكومة الأيرلندية في مراقبة الساحل أدى إلى تحويل أيرلندا إلى ملجأ آمن لشبكة تهريب المخدرات السريعة التطور والتي تجمع بين الإرهاب وتمويل المخدرات. إن تورط حزب الله في تجارة المخدرات العابرة للحدود لتمويل حربه ضد إسرائيل أمر موثق جيداً، حيث تشكل موانئ أنتويرب وروتردام القناة الرئيسية للحزب إلى أوروبا. ولكن الأدلة التي قدمتها محكمة أيرلندية الشهر الماضي والتي كشفت عن "رابط إيراني رئيسي" في سفينة كوكايين قبالة سواحل أيرلندا تشير إلى أن حزب الله يرى الآن أن ساحل أيرلندا الذي لا يخضع لدوريات كافية هو "نقطة أقل مقاومة" للوصول إلى السوق الأوروبية المربحة".
وبحسب الصحيفة، "قال أحد خبراء الأمن إن أيرلندا كانت مستهدفة بـ "حمولات ضخمة من قبل حزب الله". في أيلول 2023، أبحرت سفينة شحن مسجلة في بنما، تُدعى "إم في ماثيو"، من فنزويلا متجهة إلى المياه الأيرلندية، وكان على متنها 2.2 طن من الكوكايين النقي، بتمويل من تحالف يضم حزب الله، وعصابة كيناهان الإجرامية الأيرلندية المتمركزة في دبي، وكارتل من أميركا الجنوبية. وكان من المقرر أن تلتقي السفينة في البحر مع سفينة صيد تدعى كاسلمور، والتي كانت ستنقل المخدرات إلى الشاطئ في الخلجان المعزولة لنقلها إلى المملكة المتحدة وأوروبا".
وتابعت الصحيفة، "دون علم القبطان الإيراني سهيل جلوه، كان مركز التحليل والعمليات البحرية الأوروبي (MAOC) يتتبع السفينة عبر المحيط الأطلسي وأبلغ السلطات الأيرلندية. ولكن مع وجود سفينة كبيرة واحدة فقط تُسيّر دوريات نشطة على ساحل يبلغ حجمه عشرة أضعاف مساحة أيرلندا، ومع قلة عدد أفراد البحرية، كانت مراقبة السفينتين واعتراضهما أمرًا صعبًا للغاية، وكان من الممكن أن تسوء الأمور كثيرًا. لحسن الحظ، ساهم الطقس الأيرلندي في ذلك. فقد ضربت عاصفة عاتية أيرلندا في اليوم الذي كان من المقرر أن تلتقي فيه كاسلمور مع سفينة "إم في ماثيو" الراسية على بُعد 13 ميلًا بحريًا من الساحل الشرقي. وبعد محاولتين فاشلتين في ظل رياح عاتية وأمواج هائجة، جنحت كاسلمور، وأرسل طاقمها نداء استغاثة إلى خفر السواحل الأيرلندي، مما أطلق سلسلة من الإجراءات".
وأضافت الصحيفة، "على مدار يومين، خاضت سفينة "إم في ماثيو" لعبة القط والفأر مع سفينة البحرية، حيث قامت بمناورات مراوغة وسط رياح عاتية وأمواج هائجة. رفض قائد السفينة الإيرانية سهيل جلوه الامتثال لأوامر السفينة البحرية الإيرلندية، قائلاً إن السفينة واجهت مشكلة في المحرك. وفي واقع الأمر، كان يتلقى الأوامر من فرد مقيم في دبي، يُدعى "الكابتن نوح"، وهو شخصية غامضة مرتبطة بحزب الله، بتغيير مساره والتوجه إلى سيراليون. وتم الاستيلاء على سفينة "إم في ماثيو" بنجاح بعد أن تم إنزال جنود الجيش على سطح السفينة من حبل معلق بواسطة طائرة هليكوبتر تحوم فوقهم وتم اقتحام السفينة".
وبحسب الصحيفة، "بلغت قيمة 2.2 طن من الكوكايين النقي 136 مليون جنيه إسترليني، وترتفع إلى 650 مليون جنيه إسترليني عند تقطيعها، مما يجعلها أكبر عملية ضبط للمخدرات في تاريخ الولاية. وحكمت المحكمة الجنائية الخاصة غير المكونة من هيئة محلفين الشهر الماضي على الكابتن جلوه وأحد أفراد الطاقم الإيراني سعيد حسني وستة آخرين من أفراد الطاقم بالسجن لمدة إجمالية تبلغ 129 عامًا".
وتابعت الصحيفة، "من أصل ثماني سفن تابعة للبحرية الأيرلندية، لا تزال سفينتان فقط قيد الخدمة حاليًا، أما البقية، فهي راسية في ميناء كورك بسبب نقص الكادر البشري. وصرح كاثال بيري، الضابط السابق في جناح رينجر في الجيش الإيرلندي: "من خلال عدم دعم قواتنا البحرية، سلّمنا مفاتيح البلاد لعصابات المخدرات لتفعل بنا ما تشاء. من المؤلم أن نرى سفنًا حربية بقيمة 250 مليون يورو راسية في ميناء كورك، عاجزة عن الإبحار بسبب نقص الطواقم". وتقوم وكالات القانون الأيرلندية والدولية الآن بفحص معدات الاتصالات الخاصة بالسفينة للوصول إلى مدى تورط إيران وحزب الله. وليس هناك شك في أن حزب الله يحاول زيادة نشاطه في مجال المخدرات بسبب الضغوط المالية التي يتعرض لها. وكما قال أحد مسؤولي إنفاذ القانون الدوليين: "عندما تتعرض للضرب مثلما يتعرض حزب الله الآن على يد الإسرائيليين، فإن الطريقة الوحيدة التي يمكنك من خلالها كسب المال بسرعة مضاعفة هي المخدرات"."
وبحسب الصحيفة، "من المستبعد جدًا أن يُخاطر تحالف حزب الله والكارتل بمثل هذا الاستثمار الضخم في المرة الأولى. ومن المرجح أن سفينة "إم في ماثيو" لم تكن أول أو آخر شحنة تستخدم أيرلندا كبوابة إلى السوق الأوروبية المربحة. أيرلندا ليست مجرد نقطة استراتيجية، بل هي مركز مكشوف في شبكة تهريب سريعة التطور تجمع بين الإرهاب وتمويل المخدرات، وهي شبكة لا تمتلك البحرية الأيرلندية القدرة الكافية للتعامل معها".